ان تراث المسلمين زاخر مليء بالنوادر والطرائف والاجتهادات العجيبة التي تعلقت تقريبا بكل المواضيع حتى ان الذي يريد ان يحيط بها علما قد يتعب وربما يتيه وربما يضيع... ومن اطرف ومن اعجب هذه المواضيع حديث كبار العلماء المسلمين عن كعك العيد من الجانب اللغوي والديني والطبي...فقد قالوا في تعريف الكعك كما جاء في الصحاح هو خبز وهو فارسي معرب وقال الأزهري الكعك الخبز اليابس وقال الليث اظنه معربا وفي القاموس(الكعك خبز فارسي معرب) اما دينيا فقالوا عن الكعك (السنة في عيد الفطر التوسعة فيه على الاهل باي شيء من الماكول اذ لم ينص الشرع فيه على شيء معلوم فمن وسع على اهله فيه فقدامتثل السنة.) ويروي ابن الحاج في كتابه المشهور المدخل(ان الكعك المحشو بالعجوة يجوز شراؤه لان ما في باطنه تبع لظاهره بخلاف ما يسمى بالخشكنان (وهو نوع من الحلوى مصنوع من الرقاق على شكل حلقة مجوفة يملا وسطها باللوز او الفستق )والبستندود (وهو طعام فارسي مصنوع من دقيق وبلح) فلا يجوز شراؤه على مذهب الامام الشافعي الا ان يكسر كل واحدة ويرى جميع ما في باطنها وعلى مذهب الامام مالك يجوز بيعه بغير كسر بشرط ان يكسر واحدة ويعاين جميع ما في باطنها ثم يشتري الباقي على مثل ذلك ثم ومن طريف ما ذكر ابن الحاج ان هذا النوع من الحلويات فيه من البدع كونهم يبخونه بماء الورد وانهم يفعلون ذلك وهم صيام وان كثيرا من اليهود يصنعونه ويبيعونه للمسلمين وان سؤر اليهودي مكروه وما اصابه بريقه فهو نجس وانه مخالف للاقتداء بالسنة والسلف والخلف لما فيه من عدم الاحتراز من المستقذرات) اما من الناحية الطبية فيزيد ابن الحاج فيقول(ولو كان هذا الماكول على سبيل السلامة مما ذكر لكان بعيدا من جهة الشرع والطب اما الشرع فلانه لم يرد فيه شيء معين واما الطب فان الصوم يجفف الرطوبات غالبا ويعصم فاذا خرجوا من الصوم افطروا على الكعك الذي يزيدهم جفافا وامساكا فيتضرر البدن بذلك وقد يحتاجون الى الأدوية والأشربة والأطباء وكانوا في غنى عن ذلك...) ارايتم رحمكم الله مدى سعة علم وثقافة وابداع علماء المسلمين السابقين في التطرق الى ما يتطرقون اليه من المواضيع بالتعريف والتحليل والتعليل بكامل الدقة وبشامل التفصيل ولكم ان تقارنوا بينهم وبين من جاؤوا بعدهم في هذه السنوات الاخيرة ممن يقولون انهم ينتسبون الى العلم والى زمرة العلماء وانهم قادرون متفوقون فاتقون ناطقون فيما يسالون...فلكم ان تسالوهم مثلا عن اصل وفصل وتاريخ الكعك والخشكنان والبستندود وعن حكم هذه الحلويات في الشرع والطب ثم حدثوني بما سمعتموه منهم بحديث صادق من غير تلفيق ولا كذب وفي انتظار ما به ستجيبون وما ستكتبون لكم مني دعوة قلبية صادقة بان ينفعكم الله بما ستاكلون في ايام العيد من الحلويات التي حدثكم عنها ابن الحاج لغة وشرعا وطبا بما تعلمون وبما لا تعلمون