بابا نويل يشدّ في'' المهاجرين غير الشرعيين'' في أمريكا: شنوا الحكاية ؟    عاجل : حجز قرابة'' 900 خبزة قاطو فاسدة'' كانت ستباع للتوانسة    قبلي: الاعداد لمشروع انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الكهروضوئية المزمع انجازه بمعتمدية رجيم معتوق    تونس 2026: خطوات عملية لتعزيز السيادة الطاقية مع الحفاظ على الأمان الاجتماعي    توننداكس ينهي معاملات الإربعاء على منحى سلبي    قانون انتداب من طالت بطالتهم...كان متخرّج جديد ينجم يشملك ؟    البرلمان الجزائري يصادق على قانون يجرم الاستعمار الفرنسي    كأس افريقيا للأمم: فوز بوركينا فاسو على غينيا الاستيوائية 2 - 1    الديوانة تكشف عن حصيلة المحجوز من المخدرات خلال شهري نوفمبر وديسمبر    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسساتية الوطنية " تبرّع المشجعين"    منظمة الأطباء الشبان تقتني تجهيزات طبية لبعث وحدة إنعاش للأطفال والرضّع بسيدي بوزيد    في الدورة الأولى لأيام قرقنة للصناعات التقليدية : الجزيرة تستحضر البحر وتحول الحرف الأصيلة إلى مشاريع تنموية    القصور: انطلاق المهرجان الجهوي للحكواتي في دورته الثانية    عاجل: بعد فوز البارح تونس تصعد مركزين في تصنيف فيفا    الرابطة الأولى: علاء الدين بوشاعة رئيسا جديدا للمستقبل الرياضي بقابس    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عاجل: شوف شنيا قال عصام الشوالي على الماتش الجاي لتونس    عدّيت ''كوموند'' و وصلتك فيها غشّة؟: البائع ينجّم يوصل للسجن    قفصة: إصدار 3 قرارات هدم لبنانيات آيلة للسقوط بالمدينه العتيقة    مدرسة الطيران ببرج العامري: ارتفاع سنوي في عدد الطلبة و مسار مهني واعد    تزامنا مع العطلة المدرسية: سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية بعدد من القاعات    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    قائمة سوداء لأدوية "خطيرة" تثير القلق..ما القصة..؟!    حليب تونس يرجع: ألبان سيدي بوعلي تعود للنشاط قريبًا!    كي تشرب القهوة يجيك النوم علاش؟...السّر الي ماكنتش تعرفو    عاجل: هذا موعد الليالي البيض في تونس...كل الي يلزمك تعرفه    هام/ المركز الفني للبطاطا و القنارية ينتدب..    البرازيلي رافينيا ألكانتارا يعلن اعتزاله    ندوة علمية بعنوان "التغيرات المناخية وتأثيرها على الغطاء النباتي والحيواني" يوم 27 ديسمبر الجاري على هامش المهرجان الدولي للصحراء    رد بالك: حيلة جديدة تسرّق واتساب متاعك بلا ما تحسّ!    عركة كبيرة بين فريال يوسف و نادية الجندي ...شنوا الحكاية ؟    قابس: أيام قرطاج السينمائية في الجهات ايام 25 و26 و27 ديسمبر الجاري بدارالثقافة غنوش    درجة الحرارة تهبط...والجسم ينهار: كيفاش تُسعف شخص في الشتاء    هذا هو أحسن وقت للفطور لخفض الكوليسترول    الحماية المدنية :425 تدخّلا خلال ال 24 ساعة الماضية    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    بول بوت: أوغندا افتقدت الروح القتالية أمام تونس في كأس إفريقيا    عاجل: تغييرات مرورية على الطريق الجهوية 22 في اتجاه المروج والحمامات..التفاصيل    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    راس السنة : جورج وسوف بش يكون موجود في هذه السهرية    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    عاجل/ قضية وفاة الجيلاني الدبوسي: تطورات جديدة..    تونسكوب تطلق نشيدها الرسمي: حين تتحوّل الرؤية الإعلامية إلى أغنية بصوت الذكاء الاصطناعي    عاجل: اصابة هذا اللّاعب من المنتخب    طقس الويكاند: مطر وبرد    بطاقة التعريف عن بعد لتلاميذ الثالثة ثانوي: شنيا الحكاية؟    اتحاد المعارضة النقابية: استقالة الطبوبي ليست نهائية ولم تكن مفاجئة    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    عبد الستار بن موسى: المنتخب الوطني قادر على التطور.. والمجبري كان رجل مباراة اليوم    اشتباكات بين الجيش الأردني ومجموعات مسلحة على الحدود مع سوريا    انفجار في دار لرعاية المسنين في ولاية بنسلفانيا الأمريكية والنار تحاصر المقيمين    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    إحباط توريد 9 كلغ من المخدرات بمطار تونس قرطاج    الطقس اليوم شتوي مع أمطار غزيرة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب عبد الكافي يكتب لكم من مدريد: المورسكيون
نشر في الصريح يوم 13 - 06 - 2020

شغلتنا السياسة والسياسيون، وأوضاع الوطن الصعبة بأشكالها المتشعبة، وزادت الطين بلّة صاحبة التاج “كورونا " التي عاثت في الدنيا فسادا، رغم أنها لقنتنا درسا لا يعادله درس، من حيث أساسه ومعناه، وهو أن القوّة مهما ضخمت، ووسائل العنجهية والتعدّي مهما تنوّعت، فهي ضعيفة أمام قوّة أخرى سلاحها جرثومة صغرى لا تفلح العين المجرّدة في رؤيتها، كأنها أتت لتثبت ما سبق، وتُذكِّر من هو في حاجة لذلك، أن كل البشر سواسية، لذا وجبت المساواة في التعامل بأصنافه وأشكاله. شغلتنا الحياة بمادياتها، فتركنا غذاء الروح والعقل ونحن في ذلك لا شك مخطئون. لذا سنتركها، ولو لحين، ونتحاور، أو نتبادل بعض ما هو ثقافي ننعش به الفكر والعقل فيستريح الجسم وتهدأ النفس. بعد استسماح من سيتفضل على هذه الأسطر بعنايته فيقرأها، سأتحدّث عن كتاب لفت الانتباه، لا لموضوعه فحسب، الذي له صلة وثيقة بالكثيرين في تونس، وبوجه من أوجه نهضتها وتطورها قبل ابتلائها بالاستعمار، وله من المهتمين والأخصائيين الكثير، لعل أبرزهم وأشهرهم مؤسسة التميمي التي قامت بخطوات جريئة محمودة بهذا الخصوص، بل لدقة معالجة الموضوع، ولغايته التثقيفية غير المادية التجارية.
كتاب صدر عن دار النشر " كاتاراتا "، بدعم " مكتبة البيت العربي " وهو، كما جاء في صفحة غلافه،" كتاب نشر ليوزع، وغاية ناشريه هي أن يستعمل على أوسع نطاق ممكن، وأن يقتنى أكبر عدد ممكن من النسخ الأصلية حتى يسمح بنشر أخر مجددا، وأنه إذا ما استعمل جزء منه يشار إلى العنوان وأصحاب حق التأليف."عنوان الكتاب هو:المورسكيون: نزاع، طرد، ومهجر.
إن اسم الكتاب، المورسكيون، جاء ليدل وينعت الأندلسيين المسلمين الذين أجبروا على التنصّر أو الطرد. ألفه المستعرب الأستاذ لويس ف. برنابي بونس، من مواليد بلدة ألدا بولاية ألقنت عام 1963. هو أستاذ جامعي للدراسات العربية والإسلامية بقسم فقه اللغات المتكاملة بجامعة ألقنت. هو ايضا مدير مجلة " شرق الأندلس "، دراسات المدجنين (موداخار) والمورسكيين. خطوط المؤلف الرئيسية في بحوثه، تتمركز في الأدب العربي، تأثير العنصر العربي الإسلامي في الأدب الإسباني، وتاريخ وثقافة المدجّنين والمورسكيين. نُشِر له ضمن الكثير: النشيد الإسلامي للمورسكي الإسباني التونسي التجبيلي (1988)، ومراجع الأدب المدجن المورسكي (1992)، وإنجيل برنابي:إنجيل إسلامي إسباني (1995). هذا إلى جانب المساهمات الكثيرة في أعمال جماعية مشتركة.
الكتاب في 187 صفحة من حجم 27 على ،14 أهداه إلى روح ميكال (يعني ميكال إيبالثا) الذي عاش، وبحث، وقام بدراسات جليلة، وكتب ونشر الكثير عن المورسكيين، في ومن تونس وتوفي قبل سنوات.
كتاب قيم حقا شرح فيه، معتمدا على الوثائق وعلى ما كتب ونشر أيام محنة المورسكيين وبعدها، مستدلا بنصوص نادرة أو قليلة الرواج. شرح ظروف إسبانيا وساكنيها وسلطتها، بل سلطاتها، كما شرح، بإفاضة ودراسة معمقة، ظروف المورسكيين – الذين كثيرا ما يسميهم إسبانيين– ومقاساتهم طيلة حقب طويلة، خاصة منها القرنين السادس والسابع عشر. كما أعطى صورة – مؤلمة لمن له شعور وإحساس – عما عاشوه من حيرة، وذبذبة، وعض على اللسان، وغيره في سبيل الحفاظ على الهوية والمعتقد وسط بيئة معادية، متعصبة، خائفة، حذرة، دون أن يهمل الظروف السياسية الداخلية والخارجية.
درس أوضاع المورسكيين في كل منطقة على حدة، لأنه يرى أن أوضاع مسلمي بلنسية، يختلف عن مسلمي أراغون، وهؤلاء وضعهم غير وضع إخوانهم في غرناطة أو قشتالة.
تعرض أيضا، وبكثير من الإفاضة والأمثلة، إلى الجانب الثقافي وإلى المؤلفات التي أنتجها أولائك المساكين طوال محنتهم مصنفا أنواعها ومواضيعها.
قسّم كتابه إلى ثلاثة فصول هي: المجتمع المورسكي، المورسكيون قبل الطرد، الهجرة المورسكية. يتحدث في الأول عن " عبارة مورسكو"، من غرناطة إلى إسبانيا، وعن المورسكيين في إسبانيا، والثقافة المورسكية والنزاع. خصّص فقرة للدين والمجتمع. أما الفصل الثاني فخصصه للحديث في الأبواب التالية عن: القرار النهائي، مملكة بلنسية، درس إلاهي، ممالك قشتالة، أراغون، والمورسكيين المطرودين. بينما يعالج، بدقة وبراهين، في الفصل الثالث اتجاه المصير النهائي، المملكة المغربية السعدية، الجزائر العثمانية، الإيالة التونسية، وتركيا. وكي نعطي القارئ فكرة عن فحوى الكتاب، نمدّه بمقتطفات منه، معرّبة طبعا.
نبدأ بشهادة أحد المورسكيين، رجل ثري من بلدة أسبي، بولاية ألقنت يدعى ن. الفافار، الذي قال عند صدور قرار الطرد عام 1609 "... إن قال مولانا الملك أننا كنا عربا – استعمل كلمة "مورو" التي كان ينعت بها ولا تزال، العربي والمسلم ومن شابههما - فنحن فعلا كذلك، وهو يقول الحقيقة، لأننا فعلا لم نكن قط مسيحيين، ولم يكنه أيّ منا مهما كانت المظاهر التي أبديناها لإثبات ذلك. أمّا أن يقول إننا خونة، فأنا، لا أدري، فمن الممكن أن يكون جلالته قد أسيئ إخباره."
يعود الكاتب ليقول عن هذا الرجل ".... إن ثروته وتأثيره داخل المجموعة المورسكية، لم تفده شيئا وسط مجتمع رفض دوما اندماج المورسكيين اندماجا كاملا في الجهاز الاجتماعي الإسباني." يتعرّض المؤلف في مكان آخر واصفا تصرفات الموريسكيين فيما بينهم وحذرهم فيقول:
" يعرف المورسكيون كيف يتعرفون بعضهم على بعض، إذا كانوا بحضرة المسيحيين. فقد اعترف مورسكي من كووِنْكا عام 1584، كيف أن المجموعة كانت تنتظر من حين لآخر مجيء الترك لتحريرهم، والعلامة للتعرف فيما بينهم هي رفع السبابة، علامة وحدانية الله وإثبات سري على إسلام من يفعل ذلك. فهذا يعطي مفهوما للرسم الذي حُلّيت به عام 1500 النشرة المعادة من " دحض القرءان"، تأليف الأب ريكولدو دي مونتي كروثي، حيث يظهر رجل الدين وهو يعظ بعض المسلمين الذين كانوا يستمعون له بانتباه، وسباباتهم مرفوعة. فهذا الإصبع الممتد، يعني في نفس الوقت إعادة التاكيد في العقيدة الإسلامية الخاصة، وإرادة إبراز المسافة بينهم وبين المسيحيين."
تعرض الكاتب بكثير الدقة والعناية لعديد الأعمال الأدبية المناصرة للمورسكيين، أو هي على الأقل معادية رافضة للطريقة التي تستعمل لتنصيرهم. فمنها ما يقدمهم في غير الصورة التي لهم في المجتمع المسيحي الرافض فيقول مثلا: " فعلا ظهرت في إسبانيا، متزامنة مع المراحل الأكثر ضغطا على المورسكيين، سلسلة أعمال أولاها تاريخيا "قصة بني السراج والجميلة شريفة " (1560)، حيث يقدم مسلمو حرب غرناطة تحت نور إيجابي، مخالف للخطاب الرسمي. نتحدث عن أعمال مثل " أوثمين (عثمان) ودراجة " في الجزء الأول من "غثمان الفراشي (1599) تأليف ماتييو أليمان أو " قصة فرق الزغريين وبني السراج، أو الحرب الأهلية الغرناطية (1595) لخيناس بيرث دي هيتا، وهي اعمال تدخل في تيار أسماه المتخصص في الشؤون الإسبانية جورج سيرو منذ عام 1938 "موروفيليا أدبية". (مصادقة أو مناصرة أو محبة المورو أي المسلم.)
شرح الكاتب من ناحية أخرى كيف كان المورسكيون يتالمون شديد الألم، من التمييز الذي يواجهونه، إذ كان محظورا عليهم عديد المناصب والأعمال والمسؤوليات، ويدلي بأدلة وشهادات تثبت وتصف، وبتصريحات، من المورسكيين أنفسهم، أو ممن لم يكونوا موافقين على التمييز والطرق المستعملة، كرجلي الدين الجزويتي إغناثيو دب لاي كاساس، والقس أنطونيو سوبرينو، والمفكر بيدرو دي بالنثيا، وفرناندث دي ناباريتي.
إنه باختصار كتاب قيّم، مليء بالأفكار والتحاليل والشروح، والكل بالاعتماد على المراجع والأعمال الأدبية، وفيه المزيد المفيد، خاصة لكتابنا ودارسينا المنكبين على مسألة المورسكيين. وكما افتتح العمل بمقدمة، ختمه بتسلسل تاريخي وبالمراجع. صدرت بعد ذلك نشرة المطالعات عن البيت العربي لسنة 2003 فحوت أكثر من ثلاثين عنوانا عن المورسكيين. أما المراجع التي ذكرها المؤلف في خاتمة كتابه فهي تفوق العشرين عنوانا ما عدى المجلات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.