اعتبر الباحث والمختص في المسائل النفسية والاجتماعية أحمد الأبيض، الغشَّ في الامتحانات وجه من أوجه تنامي الفساد في تونس ومرده تراجع القيم والمبادئ في المجتمع، وذلك تعليقا على تكرّر وتنوع محاولات الغش التي شهدتها الدورة الرئيسية لباكالوريا 2020 والتي انطلقت منذ يوم الأربعاء الفارط. وأوضح المختص، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، أن العديد من العائلات التونسية لم تنجح في غرس القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية في أبنائها إما تقصيرا وإهمالا منها أو لأنها بدورها تفتقد إليها قائلا: " عندما يعيش الطفل في محيط عائلي واجتماعي يسوده الكذب و التحيل و الفساد، فإنه حتما سينهل منه وسيسعى إلى تقليده في أكثر من مناسبة ولعل من أبرزها تجربة الغش في الامتحان. " ومن هذا المنطلق يلتجئ التلميذ الذي يعيش حالة تطبيع مع "المناورة" و"التحيّل"، إلى الغش في الامتحان بعد أن خانته قدراته وكفاءته على اجتياز الاختبار وتعودا منه على التكاسل و التواكل واختيار الطريق الأسهل و الأنجع في نظره، وفق المختص. ومما يزيد الأمر تعقيدا، حسب المتحدّث، أن التلميذ المعروف بمهارته في الغش في الامتحانات يعيش بطولة وهمية تدفعه إلى مزيد الإدمان على هذا التصرف باعتبار أنه يحظى بمكانة هامة وسط زملائه، فلا يتردد في "مدّ يد المساعدة لزملائه أثناء الامتحان" ويطلعهم على المعلومات التي تحصل عليها بطرقه الملتوية. و من جهة أخرى، أكد الباحث على أن المدرسة، من جهتها، تخلت عن دورها في إعلاء القيم النبيلة لدى التلميذ، داعيا إلى ضرورة إصلاح المناهج التربوية في اتجاه تضمين هذه المبادئ والقيم كمواد تدرّس . واعتبر أحمد الأبيض أن وسائل الردع والمراقبة وإن كانت مهمة فهي لن تكفي للحد من ظاهرة الغش في الامتحان لأنها لا تعالج المشكل من جذوره، محذرا من تأثير انتشار هذه الظاهرة على المستوى التعليمي العام وعلى قيمة الشهائد العلمية. يذكر أن عدد محاولات الغش قد تراجع، خلال اليوم الأول من الدورة الحالية للباكالوريا، إلى حوالي 50 حالة فقط مقابل 80 حالة غش تم تسجيلها خلال دورة باكالوريا 2019، وفق ما أفاد به اليوم (وات)، مدير الامتحانات بوزارة التربية محمد الميلي. ويشارك حوالي 133 ألف مترشح في اجتياز الاختبارات الكتابية للدورة الرئيسية لامتحان الباكالوريا دورة 2020، التي انطلقت منذ يوم 8 جويلية وتتواصل الى غاية 15 جويلية الجاري، ليتم الإعلان عن نتائجها يوم 25 من نفس الشهر.