الإذاعات الخاصّة حرّة لا محالة ، بما أنّها خاصّة، في إختيار الأغاني التي تبثّها... وهذه أمور ذوقية و كذلك برمجية لا دخل لأحد فيها ما عدا أهل الدّار... فجميع وسائل الإعلام تبحث في المطلق ، عن كسب أكبر عدد ممكن من المتابعين لها ، ممّا يفرض عليها تمرير الأغاني الضّاربة في السّوق و إن كان أصحابها من مبدعي الهِنْد أو السِّنْد أو حتّى من كوكب غير كوكبنا. اللّغة و الإيقاعات و المغاني تعتبر كلّها ، بالنّسبة لهم ، مجرّد جزئيات ثانوية مقارنة بمدى إنتشار هذه الأعمال في العالم و قدرتها على جلب الحرفاء ... طبعا ... منطق الرّبح و الخسارة يوجب تفضيل بثّ هذه الأغاني بالذّات عدّة مرّات في أوقات الذّروة وخارجها.. و لكن عندما يستضيفونك في برامجهم المباشرة ، يوجّهون لك دائما نفس ذلك السّؤال النّموذجي المحرج الصّادم "الذّكيّ الفريد" : " ما سبب غيابك عن السّاحة ؟ أين إنتاجك الجديد ؟ يا للعجب ! يفسخون صوتك من أصداء ذبذباتهم و لا يمرّرون أعمالك إلّا نادرا و في أوقات يكون فيها النّاس نِيّاما ، أو حصريا و إستثنائيا أثناء إستضافاتهم النّادرة المباشرة لك ... و بعد ذلك يتّهمونك بالعجز الإبداعي و الرّكود الفنّيّ و التّغيّب الإعلامي ! كلامي هذا لا يجب أن يؤخذ على أنّه إستجداء أو تدخّل في شؤون البرمجة عند هؤلاء.... بل هو مجرّد عتاب لطيف موجّه بالخصوص للّذين لا تروق لهم أعمالنا و لا يعترفون ، أصلا ، بوجودنا ... إن كنتم هكذا ... فعلى الأقلّ ، لا تجرحوا مشاعرنا بسؤالاتكم المحبطة المقزّمة العوجاء... كفّوا عن إعتبارنا أشباحا متناثرة تائهة في الخلاء !. فنحن ، رغم إيلامكم و إقصائكم البيّن لنا ، نجتهد و نبتكر و نصرخ عاليا لنقول لكم و لغيركم إنّنا هنا....