كنت في وقت مضى و لا زلت أميل إلى المغاني الطّربية المعتّقة المطرّزة تطريزا تقليديا خالصا و التي يتطلّب أداؤها ، غناءً كان أم عزفا ، إمتلاك موهبة فِطريّة خالصة و أزواد فنّية مميّزة و قدرات تعبيرية رفيعة مُكتَسبة لا يمكن بلوغها إلّا بالدّربة الطّويلة المتواصلة الجادّة و المثابرة على حسن تنفيذ الأعمال المعقّدة الطّريفة المتمنّعة... هذه ، حسب رأيي ، الطريقة الأمثل التي أنصح زملائي الشبّان بإتّباعها لبلوغ درجات عُليا في عالم الإبداع الفنّي .. فالأغاني و الموسيقات الحديثة، على جمالها وجودة صناعتها، ليست كافية ليعتبر الواحد منكم أنّه مطرب أو عازف أو ملحّن بارع كبير ... أعلم جيّدا أنّ المقاييس الجمالية قد تغيّرت و المعالم الفنّية قد هُجرت و المآثر العتيقة الطّربية قد أُهمِلت ، و أصبحت المراجع تنحصر في فلك ما نستمع إليه ، اليوم ، من الأغاني المعلّبة السّهلة الضّاربة في سوق صناعة " النّجوم " .. لكنّني لست ضدّ الحداثة و لا أنكر أنّ لكلّ جيل خاصّيّاته الإبداعية و قناعاته الفنّية وإضافاته، لكنّني أنصح بعدم قطع الصّلة بما أبدعه السّابقون من أعمال رائدة رائعة خالدة و إعتبارها ، بعكس ما يظنّه " نجوم " الفنّ المعاصر ، مراجع ثمينة أساسية قد تفيدهم في صقل مواهبهم و تحسين قدراتهم و إثراء أزوادهم التّقنية و الذّوقية و توسيع مجالات إبتكاراتهم الموسيقية... هذه مجرّد نصيحة مجرّب و مقتنع بفضائل المدارس الفنّية القديمة الكبرى على فكري و فنّي و طريقة أدائي و أسلوب عملي.....