أحيانا أتساءل عن جدوى كتاباتي و عن مآل ثمار كلّ هذه الأوقات المقتطعة من حياتي والتي أقضّيها في إرغام قلمي على تجسيم خواطر ومشاغل فكري و نفحات و خلجات أعماق ذاتي محاولا مدّكم بما يفيدمك و يسلّيكم و راجيا مزيد القرب منكم و نيل شرف المكوث في رحاب ذاكرتكم كصديق وفيّ لكم و بكم أشعر بأنّني منكم و إليكم أقتسم معكم الحُلْو والمُرّ من مذاقات كرّ و فرّ نزوات و هُدْنات حياتي... أحيانا أقول لنفسي : " ماذا تفعل يا هذا ؟ هل تظنّ أنّه بمجرّد كتابة تلك السّطور سوف تتغيّر الأمور و تخفت الأنشاز و تنقشع الغيوم و يقف زحف التّطفّل على الفنّ و قلّة الحياء ، حاشاكم ، على حرمات بيوتنا و فضاآت شوارعنا ، و يفْرُق الجافل و الغافل و المتعمّد المتعنّت بين المعقول المقبول و بين السّاقط المارق المتعجرف المحضور.. أتسائل : ترى ، هل من تأثير لكلماتي على عامّة النّاس و أصحاب القرار ، وهل تُسمع صرخاتي بما تحمله من محاولات تشخيص دقيق للأوضاع و تبثّه من أصوات أجراس الإنذار ؟ بصراحة ، لا أظنّ ذلك ، مادامت الأسماع صمّاء و الأبصار عمياء و العامّة ملهوفة على إجترار سفاسف الأمور و علياء القوم مركّزون على كسب غنائم ملئ الكراسي ولا يهمّهم ما يحدث حولهم من مصائب و مفاسد و مآسي..... أعلم جيّدا أنّ خواطري و ملاحظاتي لن تزيد و لن تنقص من فتور الأمور ، و كأنّها مجرّد خرابيش أطفال على رمال شاطئ ثائر مهجور ... خلاصة القول أنّ الكلام الذي لم يعد ينفع اليوم و لا يُسمع ربّما يكون مسموعا و مفيدا ، يوما ما ، عندما تصبح السّياسة ، بحقّ، وسيلة للإصلاح و ليس مجرّد خدعة لشفْط المناصب و ربح المكاسب و تعظيم النّفوس و تكبير الرّؤوس و تكديس الأرباح و ملئ الأقداح