الحُفَر و ما أدراك مالحفر.. زينة طرقاتنا و عشيرة عجلاتنا و مُحْدِثة "خضّاتنا" و "فجعاتنا" و مُحسِّنة تعاملنا اللّا إرادي "nos reflexes" عند المفاجآت و ضامنة سلامتنا من عواقب غفواتنا أثناء قيادة سيّاراتنا و درّاجاتنا.... حُفَرنا يا من تتذمّرون من كثرتها و تنوّع أشكالها و ميزات طولها و عرضها و عمقها ، هي في الواقع دليل ثراء خيالِ من حفروها و تركوها هكذا دون غطاء و لا منبّه و لا ترقيع. لأنّها ، لو إنتبهتم ، سوف تكتشفون مدى تشابهها بتلك الإبداعات الفنّية التّشكيلية الحدثيّة التي تزيّن حيطان أشهر دور العرض العالمية.. فهي ، على عكس مثيلاتها في كلّ متاحف البلدان المتحضّرة، معروضة على قارعة الطّريق بالمجان و في كلّ مكان ، لا يهمّ إن سقط فيها طفل أو كُسِر بسببها شيخ أو إنقلبت سيارة أو أجهَضت حامل .... كلّ ذلك و غيره لا يهمّ أمام وجوب الحفاظ على تلك الإبداعات "الحُفريّة" الفنّية الخارقة كشاهد بيّن على مدى تألّقنا في فنّ الحَفْر و تحويله من شاهد جليّ على تخلّفنا و موت الضّمير المهني فينا ، إلى مادّة أساسية قد تدرّس في معاهد الفنون الجميلة عندنا و عند غيرنا !!!! يا لها من مضحكات مبكيات ... وكم هي كثيرة و متنوّعة هذه الحفر التّونسية المميّزة المنتشرة في كلّ مكان مسبّبة أضرارا يومية فادحة لسيّاراتنا المعذَّبة الممخوضة الصّابرة و مصائب لسائقيها و راكبيها تصل أحيانا إلى الموت . يا أهل الحلّ و الرّبط أو بالأحرى أهل الحَفْر و الهدم والرّدم و التّبليط ، هل غلبتكم الحفر ؟ هل هي حكاية نقص في الموارد أم غلوّ في عقليّة اللّامبالاة و "فنون التبَلْفيط"؟؟؟؟؟؟؟