مع " كورونا " نحن في وضع استثنائي لابدّ من حلول استثنائية للشراء العمومي..؟ الكلّ يتساءل، أمام العودة القوّية لوباء " كوفيد 19 " باعتبار تستيقظ على العدد المهول نسبيا مع عدد سكان البلاد من ضحايا هذا الوباء سواء بإصابته أو بالوضع الحرج الذي وصل إليه بعض المصابين أو للأسف الشديد رحيل بعض أحبائنا إلى رحاب الرحمان، قلت الكلّ يتساءل عن الأموال الطائلة التي جمعتها الدولة لمجابهة هذا الوباء سواء بعنوان هبات من الدول الشقيقة و الصديقة أو من تبرع المواطنين أو الاقتطاعات التي تمّت من مرتبات الأجراء عموما لمجابهة و تغطية النفقات الصحية و اقتناء المعدات أو لمجابهة تداعيات انتشار هذا الفيروس اجتماعيا و اقتصاديا، بل هناك من نشر حوصلة عن هذه الأموال بمختلف أشكال مصادرها مبيّنا و أنّ الحكومة التونسية خصصت ما قيمته 2500 م.د لذلك و تحصلت على هبة بمبلغ 985 م.د من الاتحاد الأوروبي و حوالي 1100 م.د مساعدات من صندوق النقد الدولي و تبرعات من البنوك التونسية بحوالي مليار من المليمات و مساعدات طبية هامة من الصين نقدّر ب 112 م.د و قرض من ايطاليا ب 155 م.د و مساعدات ليبية لتونس ب 42 م.د و أيضا من جناه صندوق 18/18 من تبرعات المواطنين فضلا عن الاقتطاعات التي تمت من أجور الطبقة النشيطة في بلادنا في القطاع العمومي أو القطاع الخاص المنظم؟ وحتّى نقف على حقيقة الوضع لكلّ هذه الأموال أين صرفت خاصة، أي هل فعلا تمّ تخصيصها لمجابهة هذا الوضع الذي فرضه هذا الوباء وذلك مقارنة مع التشكيات اليومية لبعض المواطنين الذين ظهرت عليهم عوارض هذا الوباء و عدم امكانية قبولهم في المستشفيات العمومية لعدم توفر الأسرة الشاغرة. وعليه يصبح هذا السؤال ملحا باعتبار و أنّ نتائج عدم ايواء هؤلاء المرضى سيكون حتما – لا قدّر الله – الموت المؤكد . و للإجابة على هذا السؤال نقول من البداية يبدو و أنّ هناك حلقة غائبة و هامّة لمجابهة هذا الزائر الثقيل و المميت بالرغم من توفر الاعتمادات و الأموال لذلك؟ وبالتالي نقول و أنّ هذه الحلقة المفقودة و المتسببة ربّما في تعطيل الشراءات الضرورية لمجابهة هذه الآفة تكمن في الإجراءات المعتمدة للشراءات العمومية في وضع استثنائي كالذي تفرضه الظروف الحالية الوبائية ؟ فهل علينا اتباع الطرق العادية أم ذلك يتطلب اجراءات استثنائية و ذلك خاصة باختصار الآجال باعتبار و أنّ اعداد الصفقات العمومية تتطلب مدّة تتراوح بين 110 يوما إلى 220 يوما و ذلك حسب ما تضمنه الفصل عدد 8 من الأمر الحكومي عدد 1039 لسنة 2014 المؤرخ في 13 مارس 2014 و المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية باعتبارها عقود كتابية قصد انجاز طلبات عمومية و بالتالي نسأل هل هذا الوباء ينتظر كلّ هذه الآجال لنشتري المعدا و المستلزمات الصحية و خاصة الأسرة و معدات التنفس و غيرها؟ وهل قانون الصفقات العمومية استشرف مثل هذه الحالات الاستثنائية باعتبار الاجراءات الطويلة المفروضة على المشتري العمومي و القيود الكثيرة التي يفرضها هذا القانون في مجال الصفقات العمومية؟ و بدخول الدخول في هذه الاجراءات للشراء العمومي أعتقد جازما و أنّ بعض الاجراءات في مجال الشراء العمومي من معدات و أسرة صحية و غيرها قصد مجابهة الوضع الحرج الذي تمرّ به بلادنا تفرض تجاوز و لو استثنائيا كل هذه التعقيدات، لأنّ المرض لا ينتظر و الوباء لا يستشر أحدا حين يهاجم جسم الانسان و بالتالي علينا أن نجعل هذه الاجراءات في خدمة المواطن و لا عبئا ثقيلا عليه. و بقراءة سريعة – حتى لا نثقل على القارئ رغم أهمّيته – للإجراءات الخصوصية و الاستثنائية التّي تضمنها قانون الصفقات العمومي و الشراء العمومي بصفة عامّة نقول و أنّ هذا القانون في فصله عدد..49. تعرض ل 6 حالات تفرض التفاوض المباشر لاقتناء محددة تقتضي أحيانا السّرية كالمعدات العسكرية و الأمنية أو لخصوصية المواد و للأسف لم يستشرف المشرع عند إعداد هذا النص القانوني المتعلق بالصفقات مثل هذا الخطر الداهم و تداعياته على المجتمع عموما. لنقول في الختام – لا قدّر الله لو حلت الكارثة – لا ينفعنا احترام مقتضيات النصوص و احترام كل هذه الآجال المفروضة نصيّا أو احترام الإجراءات فماهي الحلول العاجلة لتفادي استفحال مثل هذا الوباء وانتشاره ؟ فنحن في حالة حرب مع عدّو غريب فعلينا التصرف و عاجلا لا آجلا من أجل الإيفاء بكل المتطلبات من وسائل وقائية و تجهيزات صحية و معدا تنفس و اسرة و ذلك بالاقتناء العاجل و تجاوز كل هذه الإجراءات و بعد ذلك عليها تسوية كل ذلك حسب ما يتطلبه كلّ وضعية؟ فما ينفع المواطن في شيء هذه البيروقراطية المقيتة خاصة بعد فوات الأوان؟ فهل ننتظر الطوفان لنتحرك و نأخذ المبادرات ؟ هل يعي مسؤولون و أنّنا في حالة حرب وجود و لا خيار لنا فيها إلاّ أن نبقى أحياء و نتغلب في النهاية على عدّونا، هذا الذي يتربص بالجميع، و لا يفرّق بين الفقير و لا الغني و بين الأمي و المثقف و بين الأبيض و الأسود و بين الطبيب و المريض، فكلّنا مهدّدون بصغارنا و شيوخنا برجالنا و نسائنا؟ فهل وصلت الرسالة؟؟ اللهم أشهد ها قد بلّغت؟؟