لقد ثبت عن جدودنا و آبائنا الأولين المتقدمين أقوال كثيرة تاريخية حول أحوال الطقس وتغير العوامل المناخية، من ذلك حديثهم المأثور منذ قرون عن أحوال الطقس في الفترة الممتدة من يوم الثالث من فيفري الى يومه الثالث عشر والتي يسمونها بالعزارة حسب التقويم الفلاحي الموروث، والتي يكون فيها الطقس متقلبا غير مستقر بين ظهور الشمس وبين البرد والمطر وقد قالوا ان نسبة هذه التسمية وأصلها مقتبس من اسم «العزري» وهو الشاب الأعزب الذي يكون عادة متقلب المزاج لأنه غير مستقر على حال قد يستقر عليه لو كان في حالة زواج فالزواج كما هو معلوم يحقق قدرا من الاستقرار والتوازن النفسي والعاطفي الذي يقي ويحمي صاحبه من مشاعر التوتر والقلق والاضطراب وطول وحدة (بتشديد الدال )الانزعاج… فالزواج عادة ما يكون من هذه الظواهر النفسية السلبية خير واق وخير علاج... كما قال اجدادنا واباؤنا الأولون منذ زمان أن بعد العزارة تدخل قرة العنز ويقصدون بذلك عدة ايام متتالية يكون فيها الطقس شديد البرودة لا مغيما كليا ولا صحوا كليا و تسبقها في العادة أمطار قوية ثم يدخل فصل الربيع وقد سميت هذه الأيام بتلك التسمية التاريخية لان العنز يموت فيها بشكل كثيف باعتبار ان اجسامها يكسوها الوبر ولا تقدر أن تتحمل البرد القارس الشديد المستمر... نعم هذه بعض الحقائق المناخية الدقيقة الثابتة اليقينية المميزة لفصل الشتاء في بلادنا التونسية وغيرها من البلدان القريبة منها بالتجربة والدليل والتي شهد وراى الناس راي العين صدق حدوثها وثبوته سنويا جيلا بعد جيل... أما عن السؤال الذي يجب أن يجيبنا عنه علماؤنا اليوم واهل معارفنا العصرية فهو كيف توصل اجدادنا واباؤنا الاولون منذ قرون الى هذه العلوم الثابتة الصادقة اليقينية؟ وما هي الوسائل العلمية التي اعتمدوها في زمانهم الأول الذي اتفقوا وأجمعوا على تسميته ونعته بزمان الوسائل والعلوم البدائية أو الرعواية؟ أما عن ابي ذاكر صاحب وكاتب هذه المقال فانه لا يسعه في النهاية والختام الا ان ينصح هؤلاء العلماء العصريين وخاصة منهم فئة الشباب بمقاومة برد هذه «القرة» الشديد القارس بأكل اللبلابي الحار والبرغل والرشتة، ويا حبذا لو تكون مطعمة بشيء من قديد كبش العيد مع الإكثار من تناول غلة البرتقال وغيره من أنواع القوارص التي أنعم الله سبحانه وتعالى علينا هذه السنة برخصها ونزول اسعارها مقارنة بما هو متوفر معها من بقية انواع الغلال دون… كما ينصحهم والنصيحة من الدين بشرب الشاي الأخضر الساخن المفيد ذي الثمن الزهيد مع شكر الله العزيز الحميد السميع المجيب وترديد من حين الى حين اغنية عم الهادي السملالي رحمه الله ذلك الفنان المبدع الاصيل الاديب (يبارك في ترابك يا تونس قداش تدلل وتجيب نوارك للروح شفا وغلتك للقلب طبيب)….