هل تعرفون حكاية القط؟ يحكى أن أحدهم أقلقه قط وهو يدخل عليه غرفته دون استئذان فيؤذيه في طعامه وماعونه فقرر أن يعاقبه عقابا شديدا، فماذا فعل؟ دخل القط يوما الغرفة كعادته، فأسرع صاحب الغرفة الى الباب والنوافذ فأغلقها، ثم أخذ سوطا وصار يطارد القط بسوطه ويضربه، ولما لم يجد القط منفذا للهروب قفز على صاحب الصوت وأعمل في وجهه وعينيه خدشا وعضا مما فرض على صاحب الغرفة أن يسرع بفتح الباب لا ليهرب القط وإنما ليطلب النجدة للعلاج. ألا تخشى أن تكون حكايتنا مع بعض التجمعيين كحكاية القط وصاحبه؟ قبل أن تجيبوا وقبل أن أجيب استسمح القراء الكرام في كلمة صادقة أقولها: أنا لست تجمّعيا، ولست مدافعا عن التجمع وأهله، وإنما أنا مواطن بدأت أخاف على بعض التجمعيين كمواطنين من أنفسهم وأخاف على الوطن والشعب في ثورته من بعض التجمّعيين، لذلك رأيت من هذا الحب للوطن والخوف عليه أن فنتكاشف ونتصارح. من هنا أبدأ وأسأل: ألم يقل الوزير الاول مرارا: هناك عناصر أنتم تعرفونها تعمل على الالتفاف على الثورة وتمنعها من تحقيق أهدافها؟ قلنا مرارا: من هذه العناصر؟ طلبنا من المسؤولين تسميتها فلم يسمّوها ففهمنا من باب الظن أن المقصود من العناصر بعض التجمّعيين. وجاءت أحداث المتلوي التي أثرت في النفوس بما وقع فيها من قتل وتخريب وحرق ونهب.. وتدخل الجيش ورجال الامن فقبضوا على ما يقارب المائة من المتهمين بإشعال نار الخلاف والقتال بين الاخوة، وتبين أن من بينهم بعض التجمعيين ومسؤولين في العهد السابق. وتأتي أخبار من جندوبة تقول: إن بعضهم زرعوا اشاعة تقول: إن الولاية تعطي وتمنح كل من يقدّم قائمة بحاجاته الغذائية ما يمكنه من اشترائه فلما ذهب من سمعوا الاشاعة الى الولاية ولم يجدوا من يعطيهم المنح تصوّروا أن غيرهم أخذوا وأنهم حرموا فأسرعوا نحو المتاجر ينهبونها. إذا تتبعنا النار التي اشتعلت في المتلوي، وجدنا شرارتها الأولى إشاعة، وفي جندوبة انطلقت الاحداث من إشاعة وفي ڤفصة وفي غيرها حدثت فتن كان عود الكبريت فيها إشاعة. وبما أن أصحاب الاشاعة في المتلوي كانوا تجمّعيين فهل يجوز لنا من باب القياس أن نقول: إن التجمعيين هم وراء أحداث الفوضى؟ إذا قبلنا هذه الفرضية فهل لنا من باب حب الوطن والشعب التونسي أن نقول ونسأل.. من طريق البحث السياسي والاجتماعي والنفساني: ما الذي يدفع بعض التجمّعيين الى نشر الخوف والرعب والفوضى في تونس الوطن؟ ما الذي يدفعهم الى أن يتعاونوا مع الاوباش والايدي القذرة، ليوقدوا النار هنا وهناك؟ أليس لأنهم وجدوا الاصوات تطاردهم والاسواط تلسعهم؟ أليس لأن بعضهم كان في العهد السابق في نعمة وإذا به يجد نفسه مهانا مطرودا وكلّما استقرّ في مكان آخر وجد من يطارده ويقول له: (ارحل)؟ أليس لأننا طاردناه فصار يطاردنا؟ أعود فأقول: إنني لا أدافع عن التجمعيين وكيف أدافع عن بعضهم وقد ظلمت وعوقبت ظلما من بعضهم.. إنني أبحث كما تبحثون عن حل يحمينا من حقد الحاقدين على الثورة وينشر الامن بيننا في المتلوي والرديف وسيدي بوزيد وتطاوين وڤابس وجندوبة وصفاقس وكل المدن والقرى التونسية. ما قولكم دون تعصّب وتشنّج في أن تتفق القوى الحية العاقلة في أحزابنا ومنظماتنا على افهام واقناع الشعب الثائر بأن التجمعيين في الوطن عددهم كبير؟ ما قولكم في اقناع الشعب الثائر أن في التجمعيين الاخيار والاشرار ومن أيديهم نظيفة ومن أيديهم وسخة قذرة وعلينا الا نعامل الاخيار معاملة الفاسدين الاشرار؟ ما قولكم في ان نقنع الشعب الثائر بأن العدل يقتضي ألا نقول لأي مواطن في أي مركز كان (ارحل) الا إذا تقدمت في شأنه تهمة وقضت المحكمة باتهامه؟ أليس هذا هو الحل الصحيح الذي يحمي سفينتنا من العواصف حتى تصل الى شاطئ السلامة؟ أليس هذا الحل وإن كان صعبا يقتضي الصبر والتحمل أفضل من أن تؤجج نيران العداوة بين اغلبية الشعب التونسي وأقلية التجمعيين فندفعهم الى حرمان تونس من الأمن والامان والاستقرار ويدفعوننا الى صرف الوقت والمال والجهود لمطاردتهم وكلما طاردنا بعضهم من هنا ظهر آخرون من هناك فلا هم يكسبون ولا نحن نرتاح ونطمئن ونسلم من لسعاتهم ولدغاتهم وعضاتهم؟ أسأل وأحب أن أفهم.