ما حدث الأحد الماضي خلال مباراة الترجي والأهلي في القاهرة يجب أن لا يأخذ أكثر من حجمه.. ولا أن يخرج عن سياقه وإطاره فهو حادث كروي عابر يحدث يوميا وفي أي ملعب من ملاعب الكرة فتلك ويا للأسف الشديد طبيعة المقابلات الكروية خصوصا منها الساخنة وهي طبيعة تعبّر عن نفسها في ملاعب الدول الأكثر تحضرا ورقيا.. والدليل على ذلك ما يحدث في الملاعب الايطالية والانڤليزية والفرنسية.. فهل نقول عن جماهير تلك الملاعب أنها تنتمي الى بلد متخلف.. ولا تنتمي الى شعب غير متحضر؟ إن هؤلاء الذين يتصرفون في الملاعب تحت وطأة الخسارة.. وبفعل الشعور بمرارة الهزيمة.. أو لنقص في الالتزام بالروح الرياضية ما هم في الواقع الا أقلية قليلة وبضعة افراد يتحمسون أكثر من اللازم.. ويتجاوزون حدود التعبير اللائق والمقبول والمسموح به أخلاقيا.. ومهما يكن من أمر فإن ما حدث في القاهرة لا يعبّر بأي حال من الاحوال عن جمهور الترجي.. ولا عن جمهور الكرة دون استثناء في تونس.. إنه لا يعبّر إلا عن البعض من المشاكسين.. والمشاغبين.. من الذين يبالغون في ولائهم لناديهم و«غرامهم» به.. وحتى هؤلاء لو أنت تسألهم اليوم: لماذا تصرفتم هذا التصرف الطائش؟ .. لقالوا لك بسرعة: لقد تصرفوا في ظروف ما.. وتحت ضغط ما.. ولكنهم ندموا الآن عمّا فعلوا.. وهم الآن يدينون أنفسهم بأنفسهم.. ويشعرون في قرارة أنفسهم أنهم أخطؤوا.. ولذلك فإن هذا الموضوع يجب ان يبقى في حجمه.. وأن لا يستغله البعض في غير اتجاهه السليم فينفخون فيه.. ويجعلون من الحبة قبة.. وان كنت على يقين من أنه حتى إذا فعل البعض ذلك فسيفشلون في مسعاهم لأن العلاقات التونسية المصرية ليست بالهشاشة التي يمكن أن تؤثر فيها حادثة عابرة لا معنى لها.. هذه علاقات متجذرة وقوية وراسخة وممتازة.. و«يا جبل ما يهزك ريح».. لقد أضحكني كل أولئك الذين حاولوا ان يستغلوا هذه الحادثة الصغيرة استغلالا بشعا وسيئا وغير بريء على الاطلاق.. أضحكوني.. ولكنني أشفقت عليهم واعتبرت أنهم لا يختلفون عن (الاولاد الصغار) الذين قاموا بأعمال شغب في مباراة الترجي والأهلي فهذا شغب.. وذاك شغب.. والفاعل واحد وهو شخص غير مسؤول وغير ناضج.. وقد أعجبني الصحفي المصري محمد حمدي الذي كتب أمس يقول: «لا يجب ان يتحول شغب بعض الجماهير التونسية الى قضية وطنية تتعلق بالكرامة.. ومن ثم تخرج اصوات تدعو للثأر والتصعيد السياسي، لأنه في كل الاحوال يجب وضع كل ظاهرة في اطارها فقط».. هذا هو الموقف السليم وصوت العقل الذي كان يجب أن يلتزم به الجميع في مصر..