إن الدولة التي لا تستطيع صيانة هيبتها وفرض سلطتها طبقا للقوانين والتشريعات والأحكام الدستورية المعمول بها لا يمكن لها أن تنال ثقة شعبها كما لن تستطيع أبدا تسيير شؤون البلاد بالطريقة الملائمة ، هذه هي القاعدة المعمول بها في كل الأزمنة والأمكنة، إذ كلما ضعفت الدولة غمرها مد الإحتجاجات والتمرد والعصيان، ووقائع التاريخ قديمه وحديثه تدل على ذلك وتؤكده . ولإسكات الأصوات الثورجية والحقوقجية والشعبوية ، التي تتاجر بالحريات وحقوق الإنسان وتقتات من هذه التجارة الفلكلورية الرخيصة ، نؤكد ان الحرية ولدت يوم ولد القانون، وقيم الديمقراطية تتضارب مع كل أشكال الفوضى والإنفلات والعنف والتحيل، والدولة التي تطبق القوانين وتفرض هيبتها حسب ما ينص عليه دستورها هي دولة قوية وليست ديكتاتورية كما يزعم الفوضويون الذين أشرنا إايهم آنفا. كما ان الدولة المترددة والمرتبكة والمرتعشة والعاجزة على فرض سلطتها ليست دولة ديمقراطية كما يريد البعض إيهامنا بذلك لأن أول شروط الديمقراطية هو تطبيق القوانين، لقد أخلت كل الحكومات المتعاقبة منذ الرابع عشر من جانفي ب0لتزاماتها الأساسية تجاه الشعب ومطالبه المشروعة ، وعلى رأسها أمنه و0ستقراره ، وفسحت المجال أمام الفوضويبن والمنفلتين والمخربين والإرهابيين بدعوى ممارسة الحرية والديمقراطية وهما من هذه الممارسات براء، وحتى عندما وجدت الشجاعة والجرأة ل0تخاذ مواق:-) ف تتطابق وطلبات أغلب فئات الشعب ، كإقالة بعض أئمة المساجد المروجين لخطاب الإرهابيين سرعان ما تراجعت أمام ضغط المتاجرين بالدين وهو ما كلف حكومة الحبيب الصيد خسارة ما تبقى من مصداقيتها في تلك الفترة وتسبب في سقوطها. كان التونسيون يعتقدون أن حكومة " الوحدة الوطنية " برئاسة يوسف الشاهد ،والتي ولدت من رحم مشاورات طويلة وعسيرة ومكثفة، ستقطع نهائيا مع العجز والإرتباك والتردد ، خاصة وإن خطاب يوسف الشاهد أمام مجلس نواب الشعب لنيل ثقته كان حازما مما أعطى شحنة من التفاؤل للمواطنين، الذين إنتظروا نتيجة الإمتحان الجدي الأول الذي واجهته الحكومة والمتمثل في كيفية معالجتها لأحداث ووقائع تحدي الدولة ومؤسساتها، فما راعهم إلا والحكومة تخضع طائعة لزمرة من الفوضويين الذين إحترفوا الإحتجاج وتلبي لهم شروطهم ، وتفتح ، تبعا لذلك، الأبواب واسعة أمام المخربين والمشبوهين والمتطرفين والمتحيلين والمهربين ، لتكثيف الضغط عليها قصد تركيعها وتلبية طلباتهم المخالفة لكل القوانين المعمول بها. لو قدر لهذه الحكومة أن تمسك بزمام الأمور وتفرض هيبتها وتطبق القوانين المعمول بها ، وهي التي تتمتع بالشرعية البرلمانية والدستورية للقيام بذلك، لوجدت أغلب فئات الشعب مساندة لها بقوة، لكنها لم تفعل لأسباب بقيت إلى حد ال0ن مجهولة عموما!!!