مع كل حادثة أو واقعة تشهد البلاد " كرنفالا" من الشطحات الغريبة يأتيها الكثير من مشعوذي السياسة في هذا الزمن الموبوء بالرداءة والإنتهازية . تصريحات شعبوية مقرفة ، ومواقف سياسية وضيعة، ومزايدات مشحونة بكل أنواع البذاءة ، وشيطنة تحريضية للخصوم، ليتأكد ما أشرنا إليه، مرارا وتكرارا في تحاليل سابقة بهذا الركن وأركان أخرى، من أن أصل الكوارث التي حصلت بالبلاد يكمن في الإفلاس السياسي لن أتحدث عن المشاحنات والملاسنات والسب والشتم والقذف،ومظاهر الترحال البرلماني، والسمسرة والمتاجرة بآلام الناس والضرب تحت الحزام والتشابك بالأيدي في مجلس نواب الشعب وفي إجتماعات بعض الأحزاب المصنفة "كبيرة"، ولكني سأتوقف عند التصريحات الأخيرة التي أدلى بها بعض سياسيي هذا الزمن الرديء لوسائل الإعلام الأجنبية وفيها من الإساءة للبلاد الشيء الكثير !! وما يأتيه بعض قادة الأحزاب من شطحات فلكلورية كلما اندلعت حادثة عابرة، وسعي الكثيرين منهم إلى تشويه الإرث التحديثي في بلادنا ، وهو الذي يمثل أداة تواصلنا مع العالم المتقدم بالإضافة إلى الإساءة لزعيم التحديث الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي يمثل رمزا في بلدان الغرب الأطلسي، وكل مس من هذه الرمزية يعتبر لدى الغربيين تراجعا عن سياسات التحديث والتحرير الإجتماعي التيإنتهجها طيلة حكمه وأمنت له دعما أوروبيا وأمريكيا كبيرا . إن حالات التهديم عديدة ومتنوعة ولا يمكن حصرها في هذا الحيز ، وهي تعبر بوضوح عما وصلت إليه الأوضاع في ساحة سياسية موبوءة بكل الآفات التي تعرقل الإصلاح ومحاولات النهوض، وتمنع الديمقراطية من النمو على قواعد سليمة. إن ما لا يعرفه البعض هو أن الغرب وتحديدا بلدانه التي تجمعنا وإياهم علاقات تعاون وشراكة كالولايات المتحدة وكندا وأعضاء الإتحاد الأوروبي يتابعون بدقة ما يحدث في بلادنا ، وعلى أساسه يصيغون سياساتهم تجاهنا، ولا شك أن ترددهم في دعم بلادنا مرده ما يحدث في ربوعنا من مظاهر مزرية تهدد المسار الديمقراطي برمته، وقد تعود كبار المسؤولين التونسيين ، خلال زياراتهم الرسمية إلى البلدان الصديقة، على إستقبالهم من قبل مضيفيهم بحزمة من التساؤلات والإستفسارات عما يحدث في تونس ، ومدى قدرة الدولة وأجهزتها على تثبيت الإستقرار ونشر الأمن ومقاومة الإرهاب، وهي أسئلة تطرحها ب0ستمرار كل الدول المعنية بنجاح التجربة الديمقرلطية في تونس وعودة الدولة إلى سالف نفوذها وهيبتها. كان من المفروص أن تولي الحكومة هذه المسألة إهتماما كبيرا وتبتكر الحلول لترميم المشهد المتداعي وطمأنة المسؤولين الأجانب، وذلك برسم صورة متفائلة لتونس المستقبل، لكنها ، للأسف الشديد، لم تفعل ذلك بالجدية اللازمة مما عمق أزمة الثقة بين بلادنا وأهم شركائها الغربيين .