صراحة لم أعد في الأشهر الأخيرة أشاهد كثيرا نشرة أخبار الثامنة على قناة «الوطنية 1» لأن ليس فيها ما يحثك على متابعتها، وكنت دائما في المرات القليلة التي شاهدتها فيها أخرج بانطباع سيئ عنها، انطباع مفاده أن معدي تلك النشرة والمشرفين عليها كأنهم ينجزونها «من فوق قلوبهم» وكأنه أمر مزعج ينبغي لهم أن يتخلصوا منه بكل الوسائل وبأسرع وقت، وكأن النشرة تلك «شر لا بد منه»، فتخرج إلينا مملة ثقيلة لا اجتهاد فيها ولا نكهة فيها ولا طعم ولا ذات ولا صفات ماسطة لاسطة، وبعض من مقدميها ومقدماتها كأنهم موظفون في إدارات يتعاملون مع المادة الإخبارية بجمود تام دون أدنى تفاعل معها... زيادة على أن خط هذه النشرة التحريري مصاب بعَمَى الألوان أو العَمَ المؤقت تجاه ما يحدث بالبلاد تحت عنوان «الأمور ماشية كالزيت فوق الماء» والسماء صافية والعصافير تزقزق، وباتت النشرة ناطقا رسميا لا غير باسم الندوات والملتقيات والاجتماعات، ويُخيل إليك وكأنك لا تتابع نشرة أخبار تونسية، وكأن هذه النشرة وما يحدث بالبلاد خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا.. طبعا نحن لا نريد الإثارة وتسخين الأجواء، ولكن في المقاب نرفض التعتيم ودس الرأس في الرمل، ولا نريد أن نشعر أن التلفزة العمومية غدت تلفزة خاصة تُدار بعقلية ملك السيد الوالد.