تونس تواجه أوضاع معقدة جدا يتدخل فيها الاقليمي بالدولي، وهو ما يفترض حلولا معقدة من جنس المشاكل ذاتها، وهو يفترض نخبة سياسية ذات خيال سياسي قادر على ابتداع الحلول واستباق الأزمات، وليست في حاجة الى تسويات وتوافقات قد تخفف من حدة الاحتقان لكنها لا تؤسس لمشروع وطني بقدر ما قد تساهم في تمييعه وافقاده المعنى وبالتالي محاولة قتل الحلم في الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية والكرامة التي انتفض التونسييون ذات 14 جانفي من أجلها، وبالنظر للمشهد التونسي اليوم بكل جوانبه وتعقيداته، نقول بأن النخبة الحالية - سلطة ومعارضة..حداثيين واسلاميين - لا تمتلك الحلول المناسبة بل أن عقلها السياسي - ان كان لها أصلا- في حالة عجز وعطالة، فهي في قطيعة مع ما يجري في رحم المجتمع التونسي من مشاكل ومن تطلعات كما أنها - وهذا المهم - لا تحمل مشاريع بقدر ما انها غارقة في السياسة السياسوية، المبنية على فكرتي الهيمنة / النفوذ والغنيمة ما سوف يعجل بالانهيار المجتمعي وتفكك الدولة ( لو استمر الوضع على حاله ).. الحراك المجتمعي والاحتجاجي وان يعبر عن حيوية المجتمع والشارع فانه مازال في حاجة للتأطير والعقلنة ، وعم ذلك فان هذا الحراك هو المرشح أكثر من أي شىء اخر لمن سيحدد مسار تطور الأحداث في الأشهر والسنوات القادمة، وأنه من سيفرز نخبة جديدة تقود البلاد بعيدا عن التسويات الحزبية والشخصية نحو أفق اخر يستعيد حلم بناء المشروع الوطني الجامع.