وجد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي دعما قويا وثابتا من زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي فيما يتعلق بالمصالحة ومشروع قانونها منذ الوهلة الأولى ، بل ذهب أكثر من ذلك بدعوته إلى إقرار مصالحة شاملة تطوى معها صفحة الحقد والكراهية والثأر والتشفي وجاءت تصريحاته وآخرها في مدينة صفاقس ، تصب جميعها في اتجاه التهدئة وتدعيم التفاهم القائم بين الرجلين. لقد بدا الغنوشي في تعامله مع هذه المسألة موضوعيا وواقعيا مستندا إلى قراءة دقيقة للوضع الداخلي والمحيط الإقليمي والدولي وطوارئه ومستجداته مع حرص شديد وممنهج على إدراج حركة النهضة التي يتزعمها في سياق التحولات المتسارعة على جميع المستويات متحديا ضغوطات بعض التيارات المتشددة داخل الحركة والتي طالما هددت بالتصعيد. يعرف راشد الغنوشي جيدا أن مصلحة الحركة في هذا الظرف الدقيق من مسيرة أحزاب الإسلام السياسي في البلدان العربية والإسلامية تكمن في مواكبة التطورات والتأقلم معها والإستفادة منها وعدم الإنجرار وراء المتشددين لأن الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية لم تعد كما كانت عليه منذ ست سنوات والضرورة تحتم تغييرا في المناهج والأساليب والسياسات والتعامل مع الواقع بعقلانية بعيدا عن المزايدات الثورجية التي إستنفذت صلوحيتها وتلك الأدبيات الباهتة التي فقدت بريقها ولم تعد تستقطب الناس.