لقد اقترب كما هو معلوم شهر رمضان وبدأ الناس يتحدثون عنه في كل مكان، ومن جملة ما قيل في هذا الموضوع ان عدد ساعات الصيام فيه هذه السنة ستتجاوز16 ساعة سيقضيها الصائمون بين العطش والجوع وهم يسألون الله ان يمدهم بالقوة ومزيد الصبر على الطاعة. ولقد ذكرني هذا الكلام بما كان يقوله اجدادنا واباؤنا في استقبال شهر رمضان اذ لم يكونوا يعبؤون بما سيشعرون فيه من العطش والجوع وانما كانوا يقولون وهم يعتقدون في بركته وفي عظيم سره (ان رمضان يجيء بصبره) كما كانوا يخيفون المفطرين فيه لغير عذر شرعي بقولهم (ومن عصى الله في فريضة الصوم فسينهشه ثعبان في قبره)، وعليه فان الاعتقاد في خلق الصبر الذي سيفرغه الله في قلوب الصائمين والخوف من العذاب الذي اعده الله للمفطرين المستهزئين يجعل الصائمين يقبلون على أداء فريضة الصيام بعزيمة لا تتفتت، ولا تعبا بطول ساعات الصوم حتى ولو بلغت كامل ساعات اليوم.. انما اذا دخل الصائم والمؤمن ضعيف العزيمة هذه الفريضة وهو خائف من طول وكثرة ساعات الصيام فليتاكد انه سيتعب في اداء هذه الفريضة ولن ينال من حكمتها المرام ولايحصد منها ما جعله الله فيه من الفوائد والغايات الجسام. ولمزيد البيان والتبيين فاني سأذكر القراء بما قرأناه منذ قديم الأعوام والسنين فقد روى المؤرخون أن الحجاج بن يوسف الثقفي قد حاكم التابعي العظيم سعيد بن جبير في يوم شديد الحر وأراد ان يغريه بشهي الطعام فقدمه اليه وقال كله وتمتع يا سعيد في هذا الحر الشديد، فقال سعيد اني صائم فقال الحجاج افي هذا اليوم الشديد الحر؟ فاجابه سعيد بن جبير بكلام يا حبذا لو يتذكره الصائمون اذا اشتد عليهم وطأ واثر الصيام، قال سعيد اني صائم في هذا اليوم الحار لأتقي به عذاب الحر في يوم اشد حرا منه).. ياله من كلام عظيم يجعل الصائمين يقوون على اداء فريضة الصوم مهما كانت حرارة الطقس ومهما كان طول ساعات الصيام وليتذكروا قبل كل هذا وبعده قول الله تعالى الذي صدقه المؤمنون الصائمون الصابرون (وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون)
