قديما كان ببلدتي القلعة العظمى ..شيخ خلوق..اصيل يرتدي الجبة والكبوس المطرز بالوقار... يقتني جريدة يومية ...ويدور على القراء الكبار ..ويمنحهم حق المطالعة بالحق الرمزي ...وهكذا دواليك على امتداد اليوم ...وبالتالي كان يمنحهم التوقيت المحدد كل حسب ظروفه ..ثم لما مات رحمه الله لم يخلفه احد للاسف ..وها نحن نرى كثيرا من القراء الطفيليين الذي يتجرؤون على الوقوف حول المكتبات للسماح لانفسهم – من باب الفضول – الممزوج بحب الاطلاع المجاني ..لمد ايديهم لتصفح الجرائد واحدة بعد اخرى ومنهم من يقعد يرتاح ويقرا على راحتو... وحكى لي احد الباعة باعة الجرائد باحد المكتبات ان في كثير من الاحيان يتجرأ المواطن الى حمل اكثر من جريده لقراءتها في بيته دون اذن ودون خلاص ثمنها..وقال لي البائع بحرقة " علاش هكة ..خسارة الميت والكفن ... يسرق الجريدة ويسرق المطالعة ..على الاقل يرجعها الى مكانها ولو بعد حين وخفية ..على الاقل ما نربحش ..وما نخسرش ..ويبقى دوما هو المستفيد " ... ثم ان هنالك القراء المتطفلون بامتياز الذين يجدون راحتهم في بعض الدكاكين..كدكاكين الحلاقين ..قلت واكرر للمرة المليون ..المتطفلون ولم اقل الحرفاء، فالحريف من حقه المطالعة المجانية وهذا داخل في السرفيس الكوني ..لكن المتطفلين هم الذين اقصدهم بنقدي الاجتماعي البريء..اذ تراهم يجلسون ويناقشون ويطالعون الجريدة تحت حزام الامان ...مع كامل الصمت حين يغمى عليه في المطالعة المسترسلة ..ويديم القراءة حتى ياخذ امدو...ناسيا او متناسيا ان من ورائه اخرون ينتظرون ..ثم لا تستغرب ايضا ان يطرق بعد منتصف الليل جارك عليك الباب من اجل اعارته جريدتك اليومية يوميا من اجل المطالعة ذهابا فقط ...ولذا لا يحق لك ان تسال عن الجريدة السابقة وهكذا دواليك ..واحمدْ ربك سيدي ورحّم على والديه ..لانه حفظ لك مشقة تراكم الجرائد القديمة في بيتك ...وجنّبك هجوم جحافل الحشرات ....