وزير الصحة يعاين خدمات قسم الاستعجالي بمستشفى الرابطة    مندوب السياحة بجندوبة .. طبرقة عين دراهم وجهة جاذبة للسياحة الرياضية    تعزيز التعاون بين تونس والبنك الأوروبي BERD    نتانياهو: اعتراف فرنسا بفلسطين تهديد وجودي لإسرائيل    مونديال الاصاغر في الكرة الطائرة ...اخفاق موجع ضد مصر.. ومهمة مستحيلة أمام ايطاليا    أخبار النادي الصفاقسي ..استقبال خاص لمعلول.. وشبهات حول انتداب كامارا    إبراهيم العرقي (الأوّل في البكالوريا علوم الإعلامية) ..الشعور بالنّدم دفعني إلى تطوير ذاتي والتميّز    القيروان وتوزر تسجلان أعلى درجات حرارة اليوم    خطبة الجمعة...الحياء شعبة من الإيمان    بعد غد السبت.. مفتتح شهر صفر 1447 هجري    1000 تونسي يموتون سنويا في حوادث المرور ..من يوقف نزيف الموت على الطرقات؟    عاجل: تحقيق إداري وطبي لتحديد المسؤوليات في وفاة شابة بمستشفى قفصة    عاجل/ ماكرون يعلن أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر القادم..    تونس: توقف جزئي لحركة القطارات وغلق مؤقت للطريق بجسر أميلكار    لماذا يُصيبنا الصداع خلال موجات الحرّ؟    2025 الديوان الوطني للصناعات التقليدية يشارك في الاسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية في نوفمبر    قرنبالية: 15 عرضا موسيقيا ومسرحيا في الدورة 63 لمهرجان العنب بقرنبالية من 9 الى 24 اوت    تطاوين : فعاليات متنوعة في الدورة 33 لمهرجان تطاوين الصيفي وعرض دولي مميز بدعم من وزارة الشؤون الثقافية    نجم المتلوي يرفع قرار المنع من الانتداب ويعزز صفوفه بعد تسوية ملفاته القانونية    حمدي العبيدي ينتقل الى نادي أمانة بغداد العراقي    الاتحاد المنستيري يتعاقد مع اللاعب الايفواري ألفا ستيفان سيدبي    في المجلس الوطني للجهات والاقاليم: وزير التعليم العالي يستعرض جملة من الإصلاحات    تواصل عمليات إطفاء حريق جبل سيار بباجة    من الصمت إلى محاربة المقاومة...شيوخ «الناتو» نائمون في العسل    عاجل/ المبعوث الأمريكي يعلن فشل مفاوضات غزّة    الشرطة الأمريكية تكشف سبب وفاة أسطورة المصارعة هالك هوغان    بسبب تواصل ارتفاع درجات الحرارة..وزارة الفلاحة تصدر بلاغا تحذيريا    عاجل/ ظهور تعفن الجذور وأعراض حشرة "سيسيدومي" في بعض غراسات الزياتين بهذه الولاية..    "أديكت أميبا" على ركح مهرجان الحمامات: موسيقى راقصة تخفي وجع المظلومين وتغنّي للحرية    وزير الخارجية يلتقي سفيرة كندا لدى تونس بمناسبة انتهاء مهامها    عاجل/ فتح تحقيق في وفاة فتاة بمستشفى الحسين بوزيان بقفصة    إدّعى أنه عون "ستاغ": مجهول يعتدي على مسنّة ثمانينية ويحيلها على الإنعاش.. #خبر_عاجل    الرصد الجوي: توزر تسجل أعلى درجات حرارة اليوم    تمنع دخول المساعدات وتساهم في الحصار: مصر ترُد على الاتهامات.. #خبر_عاجل    عاجل/ تزامنا مع تواصل موجة الحر: الرصد الجوي يحذر المواطنين وينصح..    وين يمشيوا أفارقة جنوب الصحراء بعد تفكيك مخيماتهم العشوائية في صفاقس ؟    أغرب سؤالات وحكايات التوانسة مع شات جي بي تي    عاجل - جامعة كرة القدم تحذر : الفرق إلّي ما خلصتش- ما تلعبش لا في البطولة ولا في إفريقيا!    تحويل حركة المرور بسوسة بسبب كرنفال ''أوسو'': تفاصيل الإجراءات الخاصة بيوم الجمعة    تلبس النحاس ترتاح من وجايع المفاصل...شنوّا يقول العلم؟    موجة حرّ؟ راسك يُوجْعك؟ أعرف السبب قبل ما تغلط    مهرجان النسيج بقصر هلال: عروض فنية وندوة علمية إقتصادية    على هامش مهرجان بلاريجيا الدولي في دورته 49: فسيفساء بعيون قدسية    الحماية المدنية: إطفاء 202 حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    عاجل : القضاء الأميركي يُبطل قرار ترامب بشأن الجنسية!    البرلمان ينظر صباح اليوم الخميس في تقرير لجنة التشريع العام حول مقترحي القانونين عدد 15 و 28 لسنة 2023    وفاة فتاة ال21 ربيعا في مستشفى قفصة تثير جدلًا واسعًا حول ظروف الاستقبال واتهامات بالتقصير الطبي    عاجل: محطة ترابط جديدة بين هذه المناطق بالقطار السريع للقباعة بداية من سبتمبر    محمد علي فنيرة عضو لجنة الصناعة بالبرلمان : الكهرباء يجب أن يتوفر دون انقطاع ..    خلايا مصحوبة بأمطار رعدية بهذه المناطق بعد الظهر    تحذير جوي: موجة حرّ شديدة تضرب تونس وتستمر ليوم غد والحرارة تصل ل47 درجة    عاجل: العثورعلى الطيارة الروسية المفقودة ''مشتعلة'' في التايغا.. شنوّة اللي صار؟    راغب علامة معلّقًا على منتقديه: ''قبلة الفنان مش جريمة!''    زيت صفاقس راجع بقوّة؟ المؤشرات تبشّر بموسم واعد!    قريبا: تونس تستورد 397 حافلة من المملكة السعودية    الأردن.. انطلاق فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون    كوكب الأرض يدور بوتيرة أسرع هذا الصيف.. وهذه تأثيراته    شمس تختفي لمدة طويلة.. الكسوف الكبير يجي على قريب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات مواطن عربي حرّ : الدم يرث الدم..ومن «العروشية».. تتناسل الأحقاد
نشر في الصريح يوم 12 - 06 - 2017

يحزّ في نفسي كثيرا وأنا تابع -بعيون دامعة-ما تبثه الفضائيات هذه الأيّام من أحداث دامية تشهدها جهة قبلي وتحديدا بين أهالي قريتي بشنى من معتمدية الفوار والجرسين من معتمدية قبلي الجنوبية اللتين تحوّلتا «بقدرة ماكر» إلى ساحة حرب طاحنة تلتهم نيرانها النهمة أجساد الإخوة/الأعداء..ولكأنّ هاتين القريتين الحالمتين بغد أفضل أصبحتا فجأة قطعة من قطاع غزة زمن العدوان الصهيوني السافر على القطاع..
قبلي التي عرف أهلها بمكارم الأخلاق ورباطة الجأش عدا الصبر والصمود في وجه المحن والشدائد..
قبلي التي ظلّت شامخة ولم تنحن أمام الإستبداد السياسي والقمع البوليسي والقهر الإجتماعي الذي عاشته عبر عقدين ونيف من الزمن الجائر..
قبلي التي قال أهلها بملء الفم والعقل والقلب والدم:..لا..للمستبد المخلوع في ذروة الظلم والظلام ومصادرة الأرض والعرض..
ها نحن اليوم نرى-قريتيها:بشنى والجرسين وقد تحوّلتا إلى مداخن وتصاعد في أجوائهما الملبدة بالغيوم الرمادية والمتخمة برائحة البارود سؤال ملح ولجوج:من..»يقتل»..من..؟!
ليست لدي إجابة جاهزة عن هذا السؤال بحكم المسافة الجغرافية التي تفصلني عن مسرح الأحداث،لكني أكاد أجزم أنّ تراكمات وأسباب مختلفة أفضت إلى ما أفضت إليه..ولعلّ من أبرزها البؤس الإجتماعي والشح الذي تعيشه المناطق الداخلية عامة على مستوى توفّر مواطن الشغل،عدا غياب الأمن وقوات الجيش و-هذه مسألة أخرى تستدعي منا مقالا منفردا-..
قلت لست جاهزا للإجابة عن الأسباب الحقيقية لهذه الأحداث الدامية التي تسببت في إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف-الإخوة/الأعداء-كان يفترض أن تربطهم علاقة الوئام والوفاق أو المصاهرة،ولكن يبدو أنّ نعرة العروشية مازالت تنخر تلك الربوع،وهذه النعرة اللعينة ضمن أسباب أخرى أوصلت أهالي هاتين المنطقتين (جرسين وبشنى) إلى هوّة»الجنون»حيث غدوا منها على الشفير..
وبما أنني لست من ذوي الإختصاص في علم الإجتماع كي أشخّص الأسباب التي تقف وراء بشاعة الجرائم المرتكبة،إلا أنني أعتقد جازما أنّ المسألة تتجاوز حدود العروشية لتؤشر لوجود أسباب أعمق تغذي الأحداث التي وقعت،فقبلي كغيرها من الجهات الداخلية عاشت عبر عقدين ونيف من الزمن كل أشكال الإقصاء والتهميش الأمر الذي أوصلها إلى حافة اليأس والإحباط لاسيما وأنّ الآمال التي عاشتها الجهة مع انبلاج ثورة الكرامة والحرية في أن تزاح من على عاتقها أوزار الفقر والحرمان ذهبت زبدا وطواحين ريح في ظل غياب إرادة سياسية واعية بحجم المعاناة التي عاشتها وتعيشها-اليوم أيضا-العديد من الجهات المنتشرة عبر ربوع الجنوب..
ومن هنا،قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ تعطيل مسار الإنتقال الديموقراطي،فضلا عن إنسداد الأفق السياسي أمام المواطن العادي واستشراء ظاهرة»الإشاعة المسمومة» في ظل غياب إعلام موضوعي،نزيه وشفاف،هذا بالإضافة إلى غياب أي تأطير سياسي وثقافي وإجتماعي للمواطن التونسي الذي رزح طويلا تحت نير الفساد والإستبداد وطمس الحقوق المشروعة،كلها عناصر ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في إهتزاز الأوضاع الأمنية-هنا..أو هناك-وفّرت أرضية خصبة لتفاقم المخزون الإنفعالي للمواطن التونسي المكتوى بلهيب الخصاصة والحرمان..وغلّبت بالتالي الفتق على الرتق حتى كاد أن يكون الواحد منا عدوّا لنفسه..!
ما العمل؟
مما لا شك فيه أنّ الأحداث التي تشهدها جهة قبلي من خلال الإشتباكات العنيفة بين آهالي قريتي بشنى والجرسين،تبعث على الأسى والحسرة وتشعرنا جميعا بأننا في-مربع الخطر-ما لم تبادر-حكومة يوسف الشاهد-بحلحلة الإشكاليات المطروحة على مستوى الجهات الداخلية التي يخيّم عليها الفقر والتهميش،ومن ثم تسعى جاهدة لوضع مسألة التشغيل ضمن سلم الأولويات،كما أنّ لرجال الأدب والثقافة والإعلام..فضلا عن الحكماء والعقلاء دورا هاما في تفعيل آليات الحوار بين مختلف مكونات المجتمع المدني،و من ثم تغليب العقل على النقل..
أقول هذا،إيمانا منّي بأنّ الإنتقال الديموقراطي بتونس التحرير يستوجب توفير جملة من الشروط والضمانات لعلّ من أهمها الشفافية والوضوح،لاسيما ونحن نمر-كما أسلفنا-بفترة تحوّل ديموقراطي تؤسّس لبناء دولة القانون والمؤسسات في إطار الشرعية الدستورية نأمل أن تقطع(الدولة المرتجاة) مع كل مظاهر الإقصاء والتهميش بما يحقّق في المدى المنظور العدالة الإجتماعية والتنمية الشاملة والحرية الخلاقة والمناخ الديموقراطي السليم ..
إلا أن هذه الإجراءات الواعدة تستدعي-كما أسلفنا-مقاربة تنموية وحضارية تشجع على الحوار بين مكونات المجتمع المدني وتستأصل جذور الداء(التوترات..الإحتقان..الفوضى العارمة..إلخ)
ولن يتم هذا،إلا في سياق أفق ديموقراطي يترجم الوعي بالمسؤولية الوطنية والأمانة التاريخية وينآى عن القفز في المجهول..
ختاما،أوجّه نداء عبر هذا المنبر الإعلامي المتميز(الصريح أون لاين ) إلى عقلاء قريتي بشني والجرسين،وإلى الشخصيات الإعتبارية على مستوى الجهة إلى «تهدئة النفوس» بين المتنازعين من القريتين..
كما أدعو أيضا إلى ضرورة تدعيم الحضور الأمني والعسكري على مستوى المنطقة وبالآليات المتاحة التي يكفلها القانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.