منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    السجن ضد هذه الإعلامية العربية بتهمة "التحريض على الفجور"    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    Titre    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العروشية.. في 2011 !!؟
من أعادها..من عاد اليها ؟
نشر في الصباح يوم 13 - 06 - 2011

في فترة من فترات تاريخ تونس الحديث استنهضت العروش للذود عن علّة وجودها وحرمة تواجدها..متسلحة بايمان عميق بأنها مالكة للأرض متحكمة في زمام مصيرها الذي أبت أن تدعه لقمة سائغة لجور البايات وطغيانهم واستبدادهم الذي واجهته عروش الجنوب بجرأة وشجاعة..
وممّا تذكره الروايات أن فرنسا قبل أن تغلغل وجودها الاستعماري في تونس قامت بدراسات لوجستية عن تأثير القرار «العروشي» في صنع القرار التونسي واستمرت هيمنتها الاستعمارية من خلال احكام قبضتها على العروش وتدجينها بالحيلة حينا وبالبطش أحيانا..ومع بزوغ فجر دولة الاستقلال المستلهمة لقيم التمدّن والحداثة خمدت النعرة العروشية وعلتها طبقة من الصدإ كنّا نخال بريقها الباهت أنه بريق سلوك التمدّن والحضارة والمواطنة لتدحضه أحداث المتلوي و»أولي الأمر» الذين كانوا يدركون أن فتيل القنبلة ظل مشتعلا وتحايلوا لجعله ورقة ضغط معنوي..

مصطفى التليلي (مؤرخ) : ضعف الدولة ورموزها.. دفع للاحتماء بروابط أخرى غير القانون والمواطنة
لوضع الأحداث الأخيرة المستجدة بجهة المتلوي والمتجذرة تاريخيا في العمق الحضاري التونسي بالنظرإلى تراكمات سوسيولوجية وقبلية لعبت دورا تاريخيا كورقة ضغط استعماري وكرافد لبناء الدولة الوطنية اتصلت «الأسبوعي» بالسيد مصطفى التليلي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة تونس وعضو بمخبر البحث «دراسات مغاربية «الذي تناول ظاهرة العروشية وأفردها بدراسات أكاديمية منها مؤلفه المنشور (منطقة قفصة والهمامة في عهد محمد الصادق باي 1859-1882.) وكتابه المنشورسنة 2009 (قفصة والقرى الواحية المجاورة: حول الحياة الجماعوية )
* لو أردنا تحديد أهم العروش المتواجدة في البلاد التونسية ما قبل الاستعمار، فما هي وأين تتمركز؟
-كان أغلب سكان البلاد التونسية في الفترة ما قبل الاستعمارية ينتسبون إلى مجموعات قبلية يعتقد أفرادها في الانحدارمن أصول موحدة وترتكزعلى روابط القرابة الدموية الحقيقية أوالوهمية. وتحمل هذه المجموعات تسمية خاصة تكون غالبا مشتقة من الجد المفترض المؤسس للقبيلة وتتصرف في مجال ترابي محدد. ويستعمل مؤرخو القرنين 18 و19 وكذلك وثائق البايليك من مراسلات ودفاتر مصطلح العرش أوالقبيلة. يتفرع العرش إلى عشائروفرق حسب نفس التصور.
لكن يجدر التذكير بأن المتصفح للوقائع التاريخية من خلال الوثائق المكتوبة يكتشف بأن الروابط داخل البناء العروشي هي بالأساس مركبة وغيرثابتة بل تشهد باستمرارتوسعا وتقلصا وكذلك تغييرا في المواقع والتسميات حسب الظروف الاجتماعية والسياسية. وقد تميزت البلاد التونسية على غيرها من أقطار بلاد المغرب منذ بداية القرن 17 بنجاح الدولة المركزية في السيطرة على كامل المجال وإخضاع كل المجموعات القبلية تقريبا مما سمح بتحديد المشهد العام للتوزع القبلي، وحتى إن أدخلت بعض التغييرات في فترات لاحقة فإنها ظلت جزئية.
وكانت شؤون العرش تداراعتمادا على هياكل عرفية يلعب فيها الأعيان أو «الرجال الكبار» دورا حيويا خاصة في نطاق الميعاد أي المجلس الذي يضم وجهاء القوم، وكانت الدولة تتعامل مع العروش من خلال هذه الهياكل الجماعوية.
*هل من فكرة أوضح حول التركيبة العروشية بقفصة؟
-كانت جهة قفصة تضم المدينة وعدة قرى منها الواحية (مثل القطار والقصر) ومنها الجبلية (مثل السند وماجورة والعيايشة) ولكن بقية المجال الترابي كانت تتنقل به فرق تنتسب إلى عروش الهمامة. كانت قبيلة الهمامة في النصف الثاني من القرن 19 تعد الثانية من الناحية العددية بعد مجموعة جلاص. وتقسم عادة إل 4 عروش كبرى: أولاد رضوان وأولاد عزيز وأولاد معمر وأولاد سلامة. وتنقسم هذه العروش كما ذكرنا إلى فرق وعشائر.
ومع بداية استغلال الفسفاط خلال الحقبة الاستعمارية تشكلت المراكز المنجمية الأربعة. أول هذه المراكز منجم المتلوي والذي كان يشغل عمالا من أصول قبلية وجهوية ووطنية مختلفة، حيث استقرت به مجموعات من أولاد بويحي والخمايلية وأولاد سلامة والجريدية (نسبة إلى الجريد) إضافة للطرابلسية والمغاربة والسوافة والأوروبيين. أما أم العرايس فقد استقرت بها بالأساس مجموعات من أولاد سلامة والجريدية في حين جلب المركز المنجمي بالرديف مجموعات من أولاد عبيد والجريدية وأولاد بويحي وأولاد سلامة. واشتغلت بمنجم المظيلة مجموعات من أولاد معمروالعكارمة والقطارية (نسبة إلى قرى القطار) وأولاد تليجان وأولاد يحي والمقادمية وأولاد سلامة والجوابر(من سكان قرية لالة)...
وقد ساهم التجاوروالعيش المشترك وعلاقات المصاهرة في دعم الانسجام بين السكان مما أدى تدريجيا إلى تجاوزهذه التقسيمات القديمة. وكان لارتفاع نسبة التعلم دورهام في جعل العقلية العروشية تتراجع لاسيما تحت تأثير النضالات النقابية والسياسية المشتركة تحت الاستعمارأوضد التسلط والاستبداد والظلم بعد الاستقلال.
*هل يمكن اليوم أن نتحدث عن العروشية كلغم قابل للانفجارفي بلادنا؟
-على التونسيين الحذر الشديد من هذه النعرات التي تهدد السلم الأهلية والعيش المشترك. فقد سجلت مرحلة ما بعد ثورة 14 جانفي 2011 اندلاع بعض الحزازات والتي بلغت درجة المواجهة في كل من النفيضة والسند وقصرهلال والمظيلة وأخيرا وبطريقة فظيعة بالمتلوي.
إن ضعف وجود الدولة ورموزها كان سببا في بوادرإضعاف للروابط الاجتماعية والتي تضمن الانسجام والوئام داخل المجتمع مما دفع بالبعض إلى البحث عن الاحتماء بروابط أخرى غيرالقانون والمواطنة. وقد تكون بعض الأوساط تتعمد استغلال الخلافات البسيطة لكي تحولها إلى صدامات مفتوحة بتأجيج مشاعرالكره والحقد لإثبات عدم جدارة شعبنا بالحرية التي قدمت أجيال من الشهداء حياتهم ثمنا لتحقيقها.
من واجب الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني أن تتحمل مسؤولياتها كاملة في العمل على مقاومة عودة هذه الظاهرة بالتركيز على المفاهيم الجديدة والقيم النبيلة التي أتت بها الثورة ووفرت الظروف الملائمة لكي تواصل بلادنا مسيرتها نحو انتقال ديمقراطي حقيقي. ويتطلب ذلك خطابا سياسيا هادئا ينبذ العنف ويؤسس لمجتمع تعددي يسوده التسامح واحترام حق الاختلاف لأن عصر احتكار الحقيقة ولى وانتهى.
ويبقى المحدد في القضاء النهائي على خطر النعرات العروشية هو نجاح المجهودات المبذولة لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وخاصة آفة البطالة والفقر. إن التوصل إلى تحديد نمط تنموي متكامل ويراعي مصالح جميع الفئات ويقطع مع الغبن التاريخي هو السورالحقيقي الذي يحمي البناء الاجتماعي من مثل هذه الألغام.

الحبيب عمّار (حركة الوطنيين الديمقراطيين): لا نطلب القصاص بل تحييد الأسماء المشبوهة
عندما تحدّثنا مع أهالي المتلوي الذين يجاهدون لتطويق صدع النعرة العروشية اختلفوا حول الكثير من المعطيات واتفقوا على أن الجهة تعيش تصحّرا فكريا وسياسيا وجمعياتيا وغيابا شبه كلّي لمكونات المجتمع المدني..»الأسبوعي» اتصلت بالحبيب عمّار منسّق حركة الوطنيين الديمقراطيين بجهة قفصة باعتبار أن الحركة تعتبر من بين أبرز الأحزاب الناشطة بمناطق الحوض المنجمي وذلك لاستقراء رأيه سياسيا وحزبيا حول المستجدّات الأخيرة بمدينة المتلوي.. يقول الحبيب عمّار» أن مسألة العروشية تعتبر مسألة طبيعية في جهات وأرياف الجنوب..ورغم الاختلاف القبلي والجهوي ومع وجود حتى جاليات من الأقطار الشقيقة باتت هذه المدن مزيجا لأجناس وأعراق مختلفة لكن الجريمة حدثت عندما حرصت السلطة المستبدة في تونس ولأكثر من نصف قرن على قمع كل التنظيمات الحزبية والجمعياتية وهو ما أنتج حالة من التصحّر وغياب شبه كلّي لتأطير الشارع..وهو ما ضرب الوحدة وزرع الأنانية وهو ما انتبهت له في السنوات الأخيرة «بارونات» السياسة والنقابية ونحن كنّا من بين الأحزاب الأولى التي نبهنا لخطورة هؤلاء العابثين كبو جمعة اليحياوي وعمارة العباسي الذي حوّل الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة الى معقل لتفجير النعرات العروشية..ونحن لا نطالب بالقصاص لكن نطالب بتحييد الأسماء المشبوهة التي تنشر الفتنة وتحرّض عليها.
ونحن كحركة سياسية نؤكّد أن العروشية هي نعرة مفتعلة فحتّى العروش الموجودة تتعايش مع بعضها بتوافق وانسجام وحتى اليوم بعد ما حدث من حمّام دم تبقى امكانية المصالحة واردة بتظافر كل الجهود على أن يكون ما حصل درسا وعضة للمستقبل.

عمار عمروسية (حزب العمّال الشيوعي): المتلوي دجنت سياسيا.. فانتفضت اجتماعيا
رغم ما تشهده المتلوي من حراك اجتماعي واحتجاجات منذ الثورة فان تجاهل العديد من المطالب العاجلة أجّج لهيب الفتن القبلية ..وسرّع بتفجّر الوضع المحتقن أصلا ولسائل أن يسأل لماذا تبقى الأحزاب بعيدة عن هذه المنطقة الساخنة التي تحتاج للتأطير الشعبي والجماهيري وتتحصّن ببرج العاصمة العاجي غير أن هناك بعض الأحزاب التي تعتبر استثناء في القاعدة كحزب العمّال الشيوعي ..»الأسبوعي» اتصلت بعمّار عمروسية منسّق الحزب بجهة قفصة.. وحول أحداث المتلوي وتداعياتها الأخيرة خاصّة على المستوى السياسي يقول عمروسية «انفجار الأوضاع بالمتلوي يحدث للمرة الثالثة فبعد انتفاضة المناجم بقيت الفئات المدحورة تحس بالظلم والحيف وكان المناخ مواتيا لتستبدّ السلطة وأزلام النظام وتمرّر ما شاء لها من أجندات فالمتلوي دجّنت سياسيا فانتفضت اجتماعيا ..ولا ننكر أن نقابة المناجم التي كانت تحصّن العمّال والأهالي ضدّ أي عامل خارجي سلطوي دجّنت بدورها بالاضافة الى الدور التعسّفي الذي مارسه الاتحاد الجهوي للشغل من خلال شخص عمارة العباسي الكاتب العام الجهوي وأجّج بدوره النعرة الطائفية..فأرض المتلوي التي تكتنز الثورة في باطنها لا تجود على أهلها الاّ بالفقر والحرمان..ورغم التضييقات الأمنية على العمل الحزبي بالجهات فان حزب العمّال ظل لعقود يحاول أن يكون نصير العمّال والشغيلة والطبقات المدحورة والتي تعاني التهميش والبؤس..وتبقى المتلوي مدينة مناضلة برجالها ونسائها وكلّنا نتذكّر الوقفة الحاسمة لنسوة المناجم من أجل اطلاق سراح أزواجهن وأخوتهنّ كجمعة حاجي رمز الانتفاضة النسوية بالحوض.»

فوزي بن مبارك (نقابي) : تصحر ذهني
من خلال هذا الملف حاولنا تشريك أكبر عدد من أهالي المتلوي باختلاف مشاربهم الفكرية لرصد مواقفهم حول تداعيات الموقف في المتلوي ومن بين من تحدّثنا معهم فوزي بن مبارك نقابي ومن عرش الجرايدية الذي أفادنا «من عوامل الاحتقان المباشرة التي أدّت إلى تفجّر الوضع في المتلوي هو انحسار دور الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة فالعمل النقابي بالنسبة للمتلوي وخاصّة على مستوى القطاع المنجمي انعدم اذ ليس هناك تأطير عمّالي يذكر.. فمنذ 1989 دخل الاتحاد الجهوي بقفصة تحت الوصاية الجبرية للسلطة التي ركّزت جهودها ليكون الهيكل النقابي لعبة طيعة في يد عمّار العباسي فحتّى نقابة المناجم دجّنت رغم أنه كان لها وجود فعّال ومؤثّر في تأطير العمّال والدفع بالوعي الشعبي والمنعرج حصل عندما سقط الاتحاد في براثن بن علي ليدجّنه بن علي وأتباعه من النقابيين وخاصّة عمارة العباسي كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة ..ولم تكتف السلطة في العقود الماضية بقمع كل النشطاء والحقوقيين بل ساهمت بصفة جلية في التصحّر الذهني الذي أصبحت عليه الجهة لأن كل نشاط حزبي أو نقابي جاد أو جمعياتي بات مقموعا وفي غياب البدائل الترفهية والتثقفية يحتقن الوضع وينفجر..»

السوق الأسبوعية بالمتلوي «تنقسم»
شهدت مدينة المتلوي أمس حادثة طريفة وفي نفس الوقت طرحت كثيرا من التوجّس والخوف على مصيرالعلاقات الثنائية بين عرشي «الجريدية «و»أولاد بويحي» فالسوق الأسبوعية انقسمت أمس بحيث نصب الجريدية سلعهم بعيدا عن أولاد بويحي وبالتالي صار كل بائع من عرش وكل حريف يتبع بائعه من منطلق عروشي.

محمّد الصغيّر حمدي (الجريدية): مشهد ميلودرامي ..
حول الأحداث الأخيرة بالمتلوي يقول محمّد الصغيّر حمدي: «من دون الدخول في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية وغيرها..فان المتسبب الرئيسي والمباشر في كل ما حدث ومنها بالخصوص إزهاق الأرواح هوالأمن أي غياب الأمن وعملية غياب الأمن مقصودة ومبرمجة دون شك. إن مارأيته من خراب في بلدتي نتيجة النهب والسرقة ثم بعد ذلك الحرق يكمل المشهد الميلودرامي في شكله الأكثر بشاعة في مسرحية قذرة يحرك شخوصها وأحداثها أناس فقدوا أدوارهم في مسرح النهب والثراء الفاحش في مسرح بلدتنا وبلادنا تونس بعد أن كنس الشعب حاميهم وقاذوراته التي كانت توفرلهم السلطة والحماية ليمعنوا نهبا وارتماء على الفضلات التي يرميها لهم ساداتهم من الطرابلسية وعشيرة بن علي. لكن أبناءنا شرفاء المتلوي لن يقعوا في فخ العروشية والنعرة القبلية وكذلك أبناء وبنات تونس كافة من أحزاب ومنظمات وجمعيات مدنية. «

سميرة ميعادي: الكبت أدى إلى الانفجار
عن المتلوي تقول سميرة الميعادي النقابية «الوضع في المتلوي كان نتاج عديد التراكمات النفسية والسوسيولوجية ..ففي ضوء الغياب الكلّي لوسائل الترفيه والتثقيف يحدث الكثير من الضغط النفسي على الشباب خاصّة الذي يحاول التنفيس عن نفسه بمختلف الطرق وهو ما عشناه في المتلوي فالجو المشحون طوال الوقت والكبت والحرمان وانعدام التأطير الايجابي من أي حزب أو جمعية أو أي فضاء رياضي أو تثقيفي يجعل الذهنية تتصحّر»

أم السعد سحيمي: المصالحة ممكنة ..وضرورية
حول الأحداث الأخيرة تقول أم السعد سحيمي :»الأحداث الأخيرة تبدوغريبة عنّا فنحن لم نعتدها؛ وكنّا نعيش كأخوة وكجيران ولا أعتقد أن أولاد بويحي كانت تحرّكهم على مرّ السنوات الماضية النعرة العروشية، فنحن عشنا معا لعقود وسنبقى كذلك والمصالحة بعد الأحداث الأخيرة ممكنة وليست مستحيلة وهي ضرورية حقنا لكل دمّ ولكل تصدّع قد تستغلّه بعض الأطراف لغايات خبيثة».

بشير حاجي (أولاد بويحي): داخل العروش غضب وخارجها توتير للأجواء
حول ما حدث بالمتلوي يقول ناشط نقابي وحقوقي وينتمي لأولاد بويحيى»بالنسبة لنا فان نعرة عروشية لم تكن موجودة أو محلّ مجادلة أو نقاش..لكن اذا أردنا أن نصدح بالحقيقة كاملة فان العروش كعروش ليست هي المعنية باثارة النعرة القبلية بقدر ما كان المسؤول الأوّل عن الأحداث الدامية التي حدثت هو بعض رموز الفساد بالجهة التي أرادت احتكار المناصب والنفوذ عندما بدأت تشعر بسحب البساط من تحت أقدامها بدأت في تسميم الأجواء واثارة جوّ مشحون بالاشاعات المغرضة كما أن الشباب بدأ يشعر أن الكبار نهبوا الثروات ورسموا طريقا حالكا لمستقبلهم..ولكن رغم ذلك يمكننا الخروج من عنق الزجاجة اذا تضافرت جهود العروش والمسؤولين ووسائل الاعلام.»

الفاهم بوكدوس : أهالي المتلوي ليسوا ب «هوتي وتوتسي».. والتواطؤ الأمني والسياسي مكشوف
إبّان انتفاضة الحوض المنجمي في النصف الأول من سنة 2008 والتي شملت كل مدن المناجم بما فيها المتلوي «أم المناجم»، تكلّف الصحفي الفاهم بوكدوس عناء نقل الصورة بكل تفاصيلها القاتمة عن أحداث الانتفاضة الدامية التي قمعت أمنيا وسياسيا ووقع التعتيم عليها إعلاميا كنا كتونسيين ندرك أن هناك حيث تكتنز الأرض في باطنها ثروة الفسفاط فإنها في ظاهرها تجود بالفقر والفاقة والعوز مع تخطيط مسبق من نظام «نازي» لا يعترف بأبسط حاجيات وحقوق المواطن المعدم إلا من كرامته... بوكدوس الذي عدّل آنذاك قلمه على آلام الواقع «المنجمي» عايش أهالي المتلوي في أحلك فترات نضالهم، اليوم نريده أن يكون شاهد عيان قيل أن النعرة العروشية تجاوزت حكمة العقل وأكدت الأيام أن العروشية ماهي إلا حصان طراودة الملغّم لتقطيع أوصال اللحمة الوطنية..
إن منطق العروشية والجهوية هو منطق ما قبل الدولة المدنية ويتحوّل في ظلها إلى مجرد روابط نسبية لا تصل درجة التعصّب.
والعنف الذي يتولّد من رحم هذا المنطق ينبع أساسا من افتقاد الأمن السياسي والاجتماعي وضرب المجتمع المدني، غير أن الأنظمة الكليانية كثيرا ما تمأسس هذه الظاهرة لضرب أسس دولة الحقوق وهو ما حصل فعلا في عهدي بورقيبة وبن علي. ولهذا أعتبر ما حصل في المتلوي وقبله المظيلة والسند وقصر هلال... تأتي في إطار محاولات إعاقة مسار الانتقال الديمقراطي خدمة لمشروع ممنهج تسهر عليه الثورة المضادة (بقايا البوليس السياسي وكوادر النظام السابق ومافيا الأعمال).
لقد عرفت جهة قفصة عموما منذ عقود بتمرّدها على السلطة المركزية ونضالها المستميت ضد الإقصاء السياسي والتهميش الاجتماعي ولهذا كانت مؤهلة لأن تكون حاضنا طبيعيا لثورة 14 جانفي ولعلّ أكبر إساءة رمزية في الثورة التونسية تتمثل في تلطيخ صورة تلك الجهة ووسمها بالتخلّف والرجعية لإعطاء رسالة مفادها أن تونس أخرى ديمقراطية ومستقلة غير ممكنة في الوقت الحاضر. إنني أعتبر أن الفقر والتهميش والغبن وعدم تساوي فرص الانتداب بشركة الفسفاط ليست إلا العمق الشكلي للعنف غير المبرّر الذي طغى في المتلوي خاصة وأن المناوشات الأهلية في كل مدن الحوض المنجمي لم تصل في أي وقت من الأوقات إلى ما صدمنا من جرائم في الأيام الأخيرة. لقد خبرت طيلة سنوات أهالي المتلوي وحسن معاشرتهم وتسامحهم وتعاونهم كما حصّنت انتفاضة الحوض المنجمي في النصف الأول من سنة 2008 الأهالي من الانزلاق في متاهات مماثلة فجعلتهم يقفون في لحمة خارقة ضد جبروت النظام البوليسي لاستئصال حركتهم المشروعة دافعين جميعا وفي سبيل ذلك شهداء وجرحى ومعتقلين ومنكّلا بهم.
لقد كان معلوما للعموم منذ أكثر من شهرين أن حركة واسعة لشراء بنادق وخراطيش وأسلحة بيضاء تتم وأن رموزا نقابية وسياسية مرتبطة بالنظام السابق تعمل على التحضير لانفلات غير مسبوق غير أن كل ذلك قوبل بتجاهل وإهمال رغم علم السلطات الأمنية والسياسية بذلك مما يجعل من تباطئها في التدخل في الوقت المناسب نوعا من التواطؤ وأن أهالي المتلوي ليسوا الهوتي والتوتسي ومحاسبة المتسبّبين الفعليين كما حصل بمعزل عن موقعهم الاجتماعي والسياسي هو أحد المداخل الأساسية لرد الاعتبار إليهم.

مختص في علم النفس السريري: الإعدام لمن قتل ومثل بالجثث.. لاجتثاث مشاعر الانتقام والرغبة في الثأر
الأحداث الدامية التي عصفت بمدينة المتلوي منذ أسبوع رافقتها عمليات قتل مع تنكيل وتمثيل بالجثث وقد اعتقدنا أنّ رداء التحضّر والمدنية الذي تدثّرنا بها عقودا سقطت في سويعات ..وإيمانا منّا بان ما حصل ليس بمجرّد حدث دام عادي بقدرما هوانعكاس لتراكمات استبطنت أذهان أصحابها وأفرزت ردود فعل صادمة للمجتمع «الأسبوعي» اتصلت بالدكتور بلقاسم الأنداري المختصّ في علم النفس السريري فسلّط الضوء على خلفيات الحدث ودوافعه ونوازعه..
في البداية يقول الدكتور بلقاسم الأنداري» سنحاول التطرّق والمساهمة كأخصائي نفساني في الإلمام بهذه الظاهرة والمساهمة بقدرالإمكان في فهمها وإيجاد حلول لها وأودّ الإشارة إلى أن الشرارة الأولى لاندلاع المواجهات الدامية بالمتلوي كانت الإشاعة..
وحسب رأيي يجب الإلمام وفهم الإشاعة. فالإشاعة معلومة أومجموعة معلومات تكون في شكل رواية أوأفكارقابلة للتصديق وتتناقل بين الأشخاص ولكن المعلومة أوالمعلومات ليست مؤكدة وليست لها مرجعية وتدورحول أحداث وشخصيات وهي تزدهرفي غياب المعاييرالأصدق للتصرّف أومصدرموثوق به يشهد لصحتها وهذا جزء من الأسباب في حادثة المتلوي ..
كبت..حرمان..وحلول غائبة
ويضيف الدكتور الأنداري :»هناك ظروف كثير ة لها دورإلى جانب الشائعة التي في جو مشحون هيّأت له العديد من الظروف : الظرف الزمني؛ فترة فراغ رهيب وحيرة مشوبة بالقلق والخوف ممّا ستؤول إليه الأموروتونس تعاني من أزمة اقتصادية ومن نسبة بطالة مرتفعة وفقرفي ظلّ غياب الحلول في الأفق القريب وحتّى البعيد فلا ملجأ ولا مهرب والبطالة بالإضافة الى الظرف المكاني والمتمثّل خاصّة في أنه في الحوض المنجمي هناك غياب للمصادرالاقتصادية ما عدا الفسفاط ..ففي ذلك المكان النائي يبقى هوالفرصة الأخيرة التي تمكّن من الحصول على عمل. وكذلك الظرف الاجتماعي الذي أفرزالاكتظاظ والبطالة الى جانب غياب فضاءات التسلية والفضاءات الثقافية ونوادي الشباب..الشباب في المتلوي محروم ومكبوت الى حدّ الانفجار في ظل مجتمع محافظ :الكل يعرف الكل..الكلّ يراقب الكلّ..الكلّ يزعج الكلّ ويكبّل الكلّ..مشاعرالاختناق والاحتباس ...الشعور بالكراهية وبالعداء من الأخرين وتجاه الأخرين.»
ظاهرة العروشية
وقيم الاحتماء والتكتّل
أمّا عن الظاهرة التي عصفت بالهدوء ونقصد العروشية فالدكتور يعرّفها بكونها «انتماء للعرش الواحد والرجوع الى نفس الجدّ.. هناك رابطة دموية تعني الاحتماء والتكتّل للذي يدفع للمناصرة والدفاع عن العرش والذود عن الحرمة والمغالبة في سبيلها ويدخل فيه الحلف والولاء لذوي القربى..فالعروشية هي رابطة اجتماعية نفسية تقوم على القرابة وتشتد هذه الرابطة عندما يكون هنالك خطر يهدّد المجموعة التي تجمع بينها قيم تتوارث عبرالأجيال. ففي هذه الحالة يبدو من خلال المعلومات التي وصلتنا عبروسائل الاعلام أن السلط المحلية سعت الى اعتماد طرق عصرية كالمناظرات أساسا للانتدابات وهو منحى ديمقراطي وحداثي جديد لم يكن مستعملا في الماضي القريب.
العزلة الجغرافية.. تولد الوحدة والنبذ
وعن طبيعة العوامل النفسية المفسرّة لسلوكيات الأفراد يقول الدكتور بلقاسم الأنداري:«فالشعوربأنه أقوى يرجع به الى اتجاه بدائي غريزي فيه من الحيوانية الكثير. وغالبا ما تكون أفعاله هدّامة فاللاوعي البشري يلتجئ الى حيل من ّأبرزها التبريروفيه يحس الفرد نفسه بأن ما يفعله هوأحسن حل والتبريرقد يرجع الي تقاليد ويتم تقديمه كمصدرله :العروشية بمعنى الذود عن القبيلة.. وكثيرا ما يرفق التبرير بما يسمّى «بالازاحة» وهي من حيل اللاوعي يستبدل فيها الموضوع الذي يهدّد الفرد بموضوع أخريمكن أن يصبّ عليه الغضب والانفعال والكراهية لذلك فالغضب يمكن أن يقود الى العدوان وحالة الاكتئاب المنتشرة بكثرة تتحوّل الى عنف... فلا بدّ حينئذ من إيجاد وسيلة لتصريف مشاعرالعدوان.
القصاص لاجتثاث الاقتصاص
واذا كانت الدوافع تبدو معقولة وعلى علاقة مباشرة بمعطيات حضارية واجتماعية فإن الحلول كما يقول الدكتورالأنداري يجب أن تكون حاسمة؛ وعن ذلك يؤكّد: « يجب أوّلا الإسراع على مستوى الدولة والعدالة بمحاسبة الذين قاموا بالعنف لكي لا تبقى رواسب مشاعرالظلم (تطبيق العدالة بكل حزم والتشهير بها)
وأرى أنه في هذه الحالة بالذات لا بدّ من تفعيل عقوبة الإعدام بما فيه من قصاص عادل «النفس بالنفس» لاجتثاث الرغبة في الانتقام. فالقتل كان بشعا الى درجة التنكيل وبالتالي سيولّد هذا الأمررغبة دفينة في الثأر.
ويجب أن تكون هناك جلسات علاجية لأبناء الجهة يقومها بها مختصون في علم النفس ومحايدون جهويا. وعلى وزارة الصحّة أن تحشد لهذه الحملة الإمكانيات اللازمة لذلك ويجب أن يكون أساس هذه الجلسات هوالحوارلامتصاص الاحتقان عن طريق الكلام..

باحث في علم الاجتماع: العروشية أعادت انتاج نفسها بتحضّر زائف
يرى متتبعون لما حصل في المتلوي أن كل ما تابعناه ليس وليد أيام أونتيجة انفعالات غاضبة ومشاعرمكبوتة بقدرماهو تراكم لحيف اجتماعي ولانحياز عصبي وقبلي مخزون في الذاكرة و توارثته الأجيال تلقائيا..الأستاذ البشير العربي الذي اشتغل على ظاهرة العروشية في جهة قفصة خاصّة وأفردها بمؤلفه الشهير «حفريات سوسيولوجية في ماضي قبيلة بني زيد».
«الأسبوعي» اتصلت بالأستاذ البشيرالعربي فكان له رأي مخالف لما وقع تداوله أخيرا..
عن ظاهرة العروشية يقول الأستاذ البشيرالعربي :»العروشية ظاهرة قديمة ولطالما نبهّنا لخطورتها؛ وقد اشتغلنا على الموضوع من خلال الكثير من المؤلفات والبحوث المنشورة. فالعراقيل التنموية التي تعيشها جهة قفصة كانت جرّاء رواسب قبلية تبدو شكليا أنها اندثرت..فلا ننكرأن الانتخابات البرلمانية في جهة قفصة مبنية على الولاءات القبلية..والعمل النقابي يرتكزعلى العروشية والعمل الحزبي كذلك..ففي بنية اجتماعية تقليدية ومع مجتمع استهلاكي تكون العلاقات الولائية على أساس قبلي وعروشي..وحتى الأحداث الأخيرة فإنها لم تكن بدعة بل هي حدثت من قبل مرارا وتكرارا غير أن مصيرها كان التعتيم ..فحتى الفئات المظلومة والمسحوقة لم تجد أذانا صاغية في ظلّ تكتلات حزبية ونقابية على أساس عروشي غذّتها وخدمتها السلطة.. وحول الدوافع السوسيولويجة التي أدّت الى تفجّرالوضع برمته يقول الأستاذ البشير العربي»غياب العدالة الاجتماعية على مستوى وضعية العمّال المشتغلين بالمناجم لتبرزفي الأخيرعروش مضطهدة وعروش محتكرة للثروة وللمناصب ومواطن العمل؛ كل ذلك ساهم في تأزّم الوضع الاجتماعي وبروزالنعرة العروشية، دون أن ننسى الدورالقذرلبعض الأيادي الخفية التي حاولت التحريض على دعم واثارة هذه النعرة التي دفعت الى أعلى درجات الاحتقان والى القتل الذي أفضى بدوره الى التنكيل والتمثيل بالجثث وهو ما قد يؤدي الى الأخذ بالثأر. فالعادات البربرية والهمجية بقيت مطمورة في نفوس أصحابها الى حين انفجارها..وما يمكن أن نلفت له الانتباه هوأن العروشية أعادت انتاج نفسها بتحضّرزائف. فحتى في المدن الكبرى كتونس العاصمة لدينا العروش كالفراشييش وماجروامتصاص هذا الاحتقان لا يكون الاّ بثورة ثقافية تتطهّرالأذهان من الأدران والرواسب».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.