ما اشبه الليلة بالبارحة ..قالوا ولكن الان اصبحت الايام لا تشبه الايام وتغيرت الاحوال وربما شيئا فشيئا سنفقد من عاداتنا الشيء الكثير لان هذا الجيل هو جيل الفاست فود اي الاكلة السريعة ولا اقول الفاسد من القوت حاشاكم وحاشى القارئين والسامعين ..والا ما معنى ان تجد في كل زاوية " محلا للشاباطي " وقربه محل للبيدزا ..وقربه محل للشاورما ...والاصناف كثيرة ..واكاد اجزم والمشاهدة اقوى دليل صار في احيائنا بين كل محل للاكلة الخفيفة محل للاكلة السريعة ....وحتى بناتنا اللائي قلنا انهن سيحافظن على عاداتنا الجميلة من عولة وتعويل وتخزين للبيولوجي من الطعام الذي تربينا عليه ضعن في طريق الحضارة وكما يقولون " جئن ليقلّدن مشية الحمام الزاجل فضيعن مشيتهن في الخارج والداخل " واصبحن بدون هوية لا عربية ولا اسلامية ولا حضارية ..وبالتالي غرقن في السريع والمكفول بالشبع الاني ..وضيعنا الاصول ..او هن ابصمن على الافول التقليدي باصابعهن العشر..يا حسرة يا زمان "مين كانت ديارنا تعج بالمدعوات والاقارب والجارات من اجل لمّة العولة الصيفية " وكانت المدعوات تتداولن على الاقامة كل في دار حتى تكتمل صيفية العولة التي ترتبط بها كل العائلات بداية من مدينتي ووصولا الى عدة مدن اخرى ..وكنت اعرف توقيت عولة الموسم في عطلتنا الصيفية فكنت اجهّز صاروخي الورقي واصعد به لسطح دارنا .."وحاجة وحويجة" ...العب بالصاروخ واترفه بطيرانه واحرس ما تنشره امي على سطح بيتنا من " كسكسي " و"محمّص "..وكان الحال من الحال اذ ان كل الجيران تقريبا يتوحدون في ايام العولة فكنت ترى السطوح تعج بالاطفال من اجل الرقابة والحراسة خوفا من هجوم الطيور والحمام واتذكر ان امي كانت تنصب لي خيمة صغيرة للاقامة تحتها في القيلولة حتى لا اصاب بضربة شمس ..وبذلك كنا نحن الاطفال نساهم من حيث لا ندري في الحفاظ على العولة من اجل غدنا الشتوي والخريفي والربيعي ..فما احلى ايام زمان ايام العولة ...ويا خوفي من غدي اذ ان جل البنات لايحسنن تفعيل رموز العولة لانهن لم يحافظن عليها ..وهنا تحظرني صور لن تمحي من الذاكرة ..اذ ان احدى السيدات حين نُقلتِها الى بيتها الجديد السعيد ..ركزت بالسطح طابونة ..من اجل ان تخبز لبعلها ولاولادها خبز الطابونة الشهي ..وبعد مرور 5 سنوات من الانتظار ..هدمت الامطار الطابونة وذهبت الاماني في خبر كان الى يوم الناس هذا ...وذكرني احد الاقرباء بان لجاره زوجة لا تعرف خبز الطابونة ولا العولة بل تعول على كل شيء من الشارع ..وهي اصلا لا تعرف حتى طبخ "اوملات" واطفالها وزوجها يقتاتون من طباخ الشارع ..ولكنها مدمنة على البرامج التلفزية ...و اختم :هم يقولون " بخت وسعود" وانا اقول " كل حد ومغرفتو اش هزّت "... ولنترحّم على جذور تقاليدنا ...