لقد كانت اذاعتنا في سنوات الستينات والسبعينات تخصص حصة اسبوعية صباح الأحد لمدة ساعة تبث فيها عددا من الأغاني الفكاهية وكنا نتمتع وننتشي بتلك الأغاني ايما استمتاع وايما انتشاء لانها تصوروتعالج وتنبه بصفة هزلية الى العديد من الظواهر الاجتماعية الواقعية التي تستوجب مراجعات واصلاحات عاجلة فورية في جميع المجالات الحياتية وانني مازلت احفظ الى اليوم والحمد لله العديد من تلك الأغاني واذكر بها في بعض المناسبات قصد المساهمة في حل بعض الخلافات التي تطرا علينا في خضم هموم هذه الحياة فاذا سمعت احدا يشكو حاله من سوء خلق زوجته وسعيها الدائم في اغضابه ومخالفته ادعوه الى الصبر على هذه الحال باعتبارها سنة قديمة معروفة وموروثة بتعاقب الأجيال واذكره باغنية صالح الخميسي رحمه الله الذي غنى يوما فقال مواسيا اخوانه من الرجال (جميع الحروبات وفات الا الحرب بين انا ومرتي) فالخلافات بين الأزواج لاتنتهي ولا تفنى ما دام هذه الأرض تضم جنسين مختلفين في كل شيء هما الذكر والأنثى فمن طبيعة المراة كثرة الكلام والتكعريروهو ما يسميه الرجال التونسيون قديما بالمرج والتقنقين وبهذا الكلام الكثير طبعا لابد ان ينشا خلاف بين الزوجين من اليمين الى الشمال او من الشمال الى اليمين وما ينفع في هذا الحال الا الصبر حتى تهدا الزوبعة وينقضي الأمر كما اذكر في بعض الأحيان أولائك الذين يشتكون من هموم ومشاكل تربية وتعليم بعض الصغار باغنية المرحوم الهادي السملالي الذي غنى يوما فقال بابداع وباختصار(عندي ولدي يا حضار كاينو شراره من نار مشى في بالي عملت افار طلعلي ابهم مالحمار) ثم يحدثنا السملالي من خلال هذه الأغنية عن كل ما فعله مع ابنه لتوفير راحته وكسب رضاه وحبه لكن كل ذلك ذهب ادراج الرياح فما هدا ابنه ولا ادرك النجاح وما اطمان الأب وما اسرتاح ومن اجمل ما قال السملالي في هذه الأغنية لتصوير ما لقي من ابنه من الارهاق والتعب(مرة تغرملي بالحب تقول عليه مخو تسلب يالف في قصايد وكتب وماحبش يخرج مدار فيساله السامعون ( اش بيه ) ؟ فيرد شنق روحو شوي لا طلع بلحوحو انا وختو ومو نوحو وهوكا ملوح في الصبيطار) اما عن جارنا محمد المورالي فاني كلما اراه في الطريق او في الشارع فاني اتذكر اغنيته التي اداها باتقان بارع والتي يقول فيها(اقرا واحفظ يا الي تسمع ما تكونش مغرور كون كيفي انا متعلم راهو العلم نور...) ثم يذكر في هذه الأغنية معلومات مختلطة مشوشة من كل باب ومن كل نوع ومن كل لون ليس لها نصيب من الصحة ولا هم يحزنون تضحك السامعين وتدعوهم بصفة غير مباشرة الى طلب العلم الصحيح المتين والحذر من الوقوع في أخطاء الجاهلين والمخادعين والمحتالين ولكم تعجبني ايضا اغنية محمد الجراري رحمه الله والتي يقول فيها (انا مدلل سيد الناس والخدمة ما انجمهاش قالولي اخدم جزار والا اخدم صانع نجار قلتلهم خوكم بهبار والخدمة ما انجمهاش) اليس في هذه الأغنية درس لاؤلائك الشباب الكسالى المتسكعين الذين يرفضون العمل الحلال الشريف مهما كان نوعه ويفضلون عليه القعود والكسل والتسكع في الشارع والجلوس على الرصيف؟ نعم هذه بعض الأغاني الفكاهية الهادفة التربوية التي تربينا على سماعها ونحن صغار واخذنا منها دروسا افادتنا ايما افادة ونحن كبار واننا لنتساءل اليوم بقلوب حزينة وبدموع ذارفة اين هي مثل هذه الأغاني الفكاهية الهادفة؟ واين دور الاذاعة والتلفزة في الارتفاع بذوق وتفكير الشباب الذين نراهم اليوم قد ضلوا عن طريق الرشد والابداع وحادو وقد صدقوا واكدوا مع الأسف الشديد ذلك المثل الذي يقول ( كيف سيدي كي جوادو )