لم اجد افضل من هذه الجملة وهذا الكلام في التعليق الخفيف على مقال اخينا وزميلنا في الصريح الورقية سي محمود بوعفيف الذي اختار له عنوان في شكل سؤال(هل ان كثرة المقاهي علامة تخلف)؟.. اما اخوه ابوذاكر فيجيبه بنعم واجل وبالتاكيد وهو مستعد ان يمضي على ذلك ويبصم ويحلف ويقسم القسم القوي الشديد وكما يقول العامة و(يتكتف) وهل هناك عاقل يشك اذا رأى كثرة المقاهي وامتلائها بجميع اصناف المجتمع اناء الليل واطراف النهار ان البلاد تعاني من التخلف والضعف والجهل والانهيار؟. لقد كنا في سابق العصر وسالف الزمان لا نرى الجالسين في المقاهي الا من الشيوخ والمسنين والمتقاعدين الذين لم يعد لهم جهد كاف على الصنعة والصنيع فيجلسون في المقاهي لتمضية بعض الوقت القليل في قراءة جريدة او تصفح مجلة أو تجاذب حديث مع صديق او شيء من هذا القبيل أما اليوم فاننا نرى هذه المقاهي المنتشرة والمزروعة في كل مكان تقريبا وكانها تريد ان تصبح مماثلة ومتساوية مع عدد ما في هذه البلاد من السكان ملاى بجميع اصناف واطياف المجتمع من النساء والرجال والشباب والولدان وخاصة من العاطلين ومن البطالين ومن المتكاسلين ومن منحرفي هذا الجيل.. ففي مدينة حمام الأنف مثلا عدد كبير من المقاهي المتجاورة والتي تتناسل يوما بعد يوم بصفة واضحة جلية ظاهرة بارزة للعيان والتي لا تفصل بينها المسافات القانونية ولا تتوفر فيها الشروط المذكورة في كراس شروط فتح المقاهي ولا هم يحزنون. ولعل الربح الكبير والوفير المتأتي من هذه المقاهي هو الذي شجع الناس على فتحها اذ مشروع فتح مقهى اصبح في بلادنا من المشاريع اليسيرة التي لا تتطلب من اصحابها مصاريف كبيرة وكثيرة اذ يكفي ان يتوفر المحل الصغير والكراسي وشيء من مادة القهوة وبقية المشروبات حتى تفتح المقهى سريعا ويصبح يدر على صاحبه الآلاف من الدنانير بعد المئات كل ذلك على حساب بقية المتساكنين والمواطنين الذين اصبحوا محرومين من حقهم في السير بيسر وبراحة على ارصفة الطرقات اما عن تجاوزات اصحاب هذه المقاهي فحدث ولا حرج فقد فتح بجانب بيتي مقهى لا يفصل بيني وبينه غير جدار من الأجر اذاقني وجرعني بتصرفاته المر بعد المر فصوت تلفازه الضخم المرفوق بمكبرات الصوت جعلت من بيتي ملعبا من ملاعب كرة القدم اما عن روائح الشيشة والدخان في منبعثة في بيتي في كل ركن وفي كل مكان مما جعلني اشكوه الى القضاء الذي انصفني والحمد لله بعد ان صبرت على طول البلاء وعظيم العناء.. وانني انتهز هذه الفرصة لاتقدم بالشكر الى السيد والي بن عروس الذي تدخل بنفسه وبسلطته لتنفيذ قرار غلق هذا المقهى وهو تنفيذ مدعوم بحكم صادر عن القضاء الاداري وهكذا يجب ان يكون دور السلطة في دولة القانون بلا جدال وبلا مراء ولعل سلطة القانون دون سواها هي وحدها القادرة اليوم على وضع حد لتناسل وتكاثر هذه المقاهي التي اصبحت في بلادنا تمثل ظاهرة عدوانية قاهرة رغم وجود كراس شروط منظم لوجودها او لم نحفظ من قديم الزمان قول العرب الذي يفهمه العقل السليم وتؤكده العيان(ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).