أعتقد أن المكاسب التي تحققت في تونس في مرحلتها الجديدة لا يمكن التراجع فيها وخاصة ما تعلق منها بالرقابة التي يمارسها المجتمع المدني على الحكومة وعلى الهياكل الرسمية وبعض الحرية التي بدأت تتوسع في مجالاتها في بلادنا رغم أنّ تونس تعيش في مناخ عربي إسلامي الذي لم يعرف قط الديمقراطية بمفهومها المتداول اليوم ولم يمارسها طيلة تاريخه الطويل مثلما حصل ذلك في مجتمعات اخرى. فتونس اليوم تعيش فيها اختيارات تنويرية رغم بعض المعارضات العقائدية والجهات الدغمائيّة التي تدعمها دول عربية معروفة وتتحرك لنشر قيمها في العديد من المواقع. القضية المطروحة في تونس اليوم هي كيف إقناع هذه الاطراف الدغمائية لقيم المواطنة وكيف تخليص العقول التونسية التقليدية من المكبلات والتحجر التي ورثتها من مئات السنين من ممارسات مغلوطة تنتهك القيم الانسانية وتقاوم الافكار الطلائعية وتضرب مبادئ التعايش السلمي؟ وكيف لنا ان نمارس ما جاء به الدستور التونسي الجديد الذي استلهم مبادئه من تاريخ بلادنا الطويل العريض الذي انبنى على دولة مركزية من خلال العديد من الدول وتأثر بتداول الحضارات عليه واستلهم من فيها من مآثر انسانية وتأثر بمحيطه ورغم ذلك فإن هذه المكتسبات تبقى هشة لأسباب تعرضنا إليها سابقا.