يوم 16 سبتمبر من سنة 1931 أعدمت، القوات الإيطالية شنقًا المجاهد الليبي عمر المختار حيث وبتاريخ 15 سبتمبر 1931، أُحضر الشيخ عمر المختار إلى قاعة المحكمة وكان شيخاً مسنّا ومكبّلاً بالسلاسل الحديدية. وتمت محاكمته في محاكمة هَزْلية، حيث أُعدّت العدة لإعدامه مُسبقاً، بل لإعطاء أعدائه فرصة لكسره نفسياً، وقد حاول الضابط الإيطالي الشاب “روبرتو لونتانو”؛ مُحامي الدفاع عن عُمر المختار، لتخفيف عقوبة الإعدام شنقاً إلى المؤبد رأفةً به وبكبر سنّه. إلاّ أن المدعي العام قاطعه؛ وطلب من المحكمة منعه من إتمام مرافعته؛ ووافقت المحكمة فوراً، وفي صباح اليوم التالي أي في 16 سبتمبر 1931، لم تكتف القوات الإيطالية المحتلة بإعدام عمر المختار فحسب، بل نكّلت به و بالشعب الذي وقف خلفه محارباً، فأُحضر جميع المعتقلين من السجون كافة، وما يقرب من 20 ألف مواطن ليشاهدوا تنفيذ الحُكم في قائدهم المناضل. و أُحضر الشيخ عمر المختار مُكبل الأيادي يسير بين جلاّديه المحتلين، و في تمام التاسعة صباحاً؛ أخذت طائرات العدو تُحلق على ارتفاعٍ منخفض لمنع الأهالي من سماع آخر كلمات قائدهم، لكنه لم يتفوه بشيءٍ سوى الشهادتين، وبضع آيات قرآنية في لحظاته الأخيرة؛ وتم تنفيذ الحُكم فيه. سيرة شيخ المجاهدين وأسد الصحراء عمر المختار ولد الزعيم الليبي الراحل عام 1862 في جنزور شرق مدينة برقة الواقعة بشرق ليبيا، تربى يتيما، حيث وافت المنية والده مختار بن عمر وهو في طريقه إلى مكةالمكرمة بصحبة زوجته عائشة. وتلقى عمر المختار تعليمه الأول على كبار علماء ومشايخ السنوسية في مقدمتهم الإمام السيد المهدي السنوسى قطب الحركة السنوسية، فدرس اللغة العربية والعلوم الشرعية وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، والتصوف والعقيدة الاشعرية عقيدة اهل السنة والجماعة و قد تميز عمر المختار بشخصية قيادية وثقافة دينية ساهمتا بعد ذلك في نجاحه في جمع القبائل الليبية المتناثرة تحت قيادة واحدة قاومت عام 1911 الغزو الإيطالي لليبيا الذي عرف حينذاك بالحرب العثمانية الإيطالية. ظهرت عليه علامات النجابة ورجاحة العقل، فقد وهبه الله تعالى ملكات منها جشاشة صوته البدوي وعذوبة لسانه واختياره للألفاظ المؤثرة في فن المخاطبة وجاذبية ساحرة لدرجة السيطرة على مستمعيه وشد انتباههم، شارك عمر المختار في الجهاد بين صفوف المجاهدين في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية (السودان الغربي) وحول واداي. وقد استقر المختار فترة من الزمن مناضلاً ومقاتلاً, ثم عين شيخاً لزاوية (عين كلك) ليقضي فترة من حياته معلماً ومبشراً بالإسلام في تلك الأصقاع النائية عاش عمر المختار حرب التحرير والجهاد منذ بدايتها يوماً بيوم, فعندما أعلنت إيطاليا الحرب على تركيا في 29 سبتمبر 1911م, وبدأت البارجات الحربية بصب قذائفها على مدن الساحل الليبي, درنة وطرابلس ثم طبرق وبنغازي والخمس كان عمر المختار في تلك الأثناء مقيما في جالو بعد عودته من الكفرة وسارع إلى مراكز تجمع المجاهدين حيث ساهم في تأسيس دور بنينه وتنظيم حركة الجهاد والمقاومة. وقد شهدت الفترة التي أعقبت انسحاب الأتراك من ليبيا سنة 1912م أعظم المعارك في تاريخ الجهاد الليبي, نذكر منها على سبيل المثال معركة يوم الجمعة عند درنة في 16 مايو 1913م حيث قتل فيها للأيطاليين عشرة ضباط وستين جنديا وأربعمائة فرد بين جريح ومفقود إلى جانب انسحاب الإيطاليين بلا نظام تاركين أسلحتهم ومؤنهم وذخائرهم ومعركة بو شمال عن عين ماره في 6 أكتوبر 1913 وعشرات المعارك الأخرى. هذا هو شيخ المجاهدين و الأسد عمر المختار أيّها الإخوة في ليبيا فهل استلهمتم العبرة من شيخكم وقائدكم و ملهمكم ونضالاته لتبق ليبيا عصية أبد الدهر على كلّ مستعمر طامع فهل أرحتموه وهو في قبره بتقاربكم و تحاببكم و تؤازركم و تجاوز لكلّ خلافاتكم من أجل أن يعاد لليبيا استقرارها ونموها الاقتصادي والاجتماعي وأمنها وسيادتها ووحدة ترابها كلّنا أمل في كل المناضلين الصادقين و الوطنيين الغيوريين على بلادهم وهذا ليس بعزيز على اخوتنا بليبيا