يحتفل الشعب التونسي كل عام حسب العادة والعوائد برأس السنة الهجرية.. ولكن اليس من السهل ومن اليسير أن نلاحظ ان هذا الاحتفال يبدو كل عام وخاصة في هذه السنوات الأخيرة باهتا ضئيلا ضعيفا لا يرتقي الى شان ومقام ومظاهرالاحتفال بالسنة الميلادية التي يستعد لها التونسيون وغيرهم من المسلمين كاحسن ما كان وكابهى ما يكون؟. واني اكاد اجزم انه لولا الملوخية ولولا الكسكسي بالقديد الذي اعتاد كبار السن من التونسيين على اعداده كل عام في هذه المناسبة الدينية لنسينا جميعا معاني ورمزية الاحتفال بهذه السنة الهجرية اوليس من السهل ومن اليسير ايضا ان نلاحظ وان نقول ان اثار عهد الاستعمار الأجنبي الذي ابتليت به تونس وغيرها من البلدان الاسلامية مازالت الى اليوم حية وقائمة وبارزة وواضحة للعيان ونحن ندعي اننا تخلصنا من رواسب ومخلفات هذا الاستعمار في كل قول وفي كل بيان؟ ولعل اكبر دليل على ذلك ان الاستعمار ووفق مخططاته التخريبية اهمل وقضى في مستعمراته على احتساب الشهور والأيام وفق السنة والشهوروالأيام القمرية وجعل هذا الحساب في المقابل لذلك قائما ومعتمدا على احتساب واعتماد السنة والشهورالشمسية وكان من نتيجة ومن ثمار هذا الاستعمار الترابي والفكري والثقافي ان اصبح عدد كبير من المثقفين التونسيين الذين نسمعهم يقولون و يعلنون ويصيحون في كل ان وفي كل حين انهم متمسكون بهوية هذه البلاد يدعون ويحرضون وينظرون ويحثون ويشجعون الشعب التونسي المسلم على نسيان وشطب هذه السنة القمرية من ذاكرتنا الاسلامية واعتبار الحديث عنها ضربا من ضروب الجهل والتخلف والخرافات والأساطير الشعبية. ولكم اصبحت اضحكم حين الى حين ضحكات مجنونة هستيرية وانا اسمع هؤلاء يتحدثون بكل جرأة وبكل حماس عن الهوية وعن الشخصية التونسية العربية الاسلامية فهل من العروبة وهل من الاسلام ان ينسى وان يتجنب اغلب مثقفينا الحديث والاحتفال الجدي الواعي براس السنة الهجرية بينما نراهم خلافا لذلك يسارعون ويهرعون ويستعدون للاحتفال براس السنة الميلادية؟ و لئن قال الشاعر العربي القديم (وكم في مصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء) فاني اقول وكم في بلادي من المثقفين ولكنهم من نوع (صبعين والحق الطين) ولكن هذا لا يمنعني من تهنئة التونسيين بهذه المناسبة الدينية التاريخية مهما كانوا صادقين او كاذبين في موقفهم من السنة الهجرية وفي حديثهم وتعلقهم بالهوية التونسية الاسلامية واني اقول لهم على وزن طنجرة الملوخية وقصعة الكسكسي بالقديد اعاد الله عليكم وعلينا هذه السنة بكل جديد مفيد وحفظنا جميعا من الغفلة والتنطع والجهل وجعلنا واياكم من الواعين ومن المقتنعين ان الهوية الحقيقية لا تكون بتقليد كل اجنبي ضال دخيل وانما الهوية الحقة لا تكون الا بالتمسك بكل اصيل نافع الذي يحمي تراب وهوية البلاد وكيانها اكثر وافضل من حماية الصواريخ والطائرات والقنابل والمدافع