يبدو ان عصرنا هذا لا يريد ان يتوقف عن الإتيان بالغرائب وبالعجب العجاب في كل مجال وفي كل فن وفي كل باب واخرما جاءنا واتانا به في هذا الصدد هو خبر ونبا جراح هوايته الكتابة على الكبد ونحن قد راينا وسمعنا بمن يكتبون على الأوراق ومن يكتبون على الشجر ومن يكتبون على الرمال وعلى المقاعد وعلى الحيطان ولكننا لم نسمع ولم نتوقع ان يجرؤ جراح على الكتابة على اكباد العباد ولقد فكرت كثيرا في سبب اقدام هذا الجراح على هذا النوع من الكتابة ولكنني اعترف واشهد انه لم يسعفني تفكيري الطويل بما يقنعني من الاجابة ولكن الاجابة الوحيدة التي اقنعتني بعض الشيء في تفسير سبب هذا العمل العجيب الغريب هي ان هذا الجراح مصاب بمس من الجنون الذي يعجز كل عراف وكل طبي والجنون كما يقول العارفون انواع واصناف واقسام وفنون فقد نرى ونسمع عن بعض الأفعال العجيبة الغريبة التي يقترفها بعض النساء وبعض الرجال وهم على درجة كبيرة من العلم والثقافة ولكن افعالهم هذه تندرج لدى العقلاء في خانة الجنون وفي نطاق وبوتقة السذاجة والبلاهة والسخافة واني اظن ظنا يشبه اليقين بل اجزم الجزم المبين ان هذا النوع الغريب من الناس سيظل موجودا بيننا الى اخر الدنيا والى قيام الساعة ليحير العقول والالباب وليتاكد الناس في كل مكان وفي كل زمان وفي كل عصروفي كل مصر انه لا احد يستطيع مهما كان علمه ومهما كان ذكاؤه ومهما كان فهمه ان يفهم حقيقة البشر ولكي يبقى ما يعرفونه عنهم مجرد نقطة من مياه النهر ومن مياه البحر وليس لنا في الختام الا ان نذكر بقول ذلك الشاعر الذي قال قولا ربما قد يعيننا وقد يهدينا في محاولة فهم ما نسمعه كل حين من العجائب ومن الغرائب عشقتها شمطاء شاب وريدها وللناس فيما يعشقون مذاهب وليس لن ايضا في الختام الا ان ندعو الله تعالى رب العالمين ان يحفظنا وان يجيرنا من الشواذ ومن المجانين فهو اعلم باحوالهم وباسرارهم وما خلق فيهم من التفكير ومن العواطف ومن الشعور وكيف تغيب هذه الحقيقة عمن يقرؤون ومن يفهمون قوله تعالى في كتابه المقروء و المسطور (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)؟