كتب ابوذاكر الصفايحي حطت بي آلة التحكم التلفزية بصفة فجئية لا ارادية ببرنامج احتفال احدى قنواتنا التونسية بليلة السنة الميلادية فاذا انا بعراف او دقاز اوكاهن محترف يتحدث عما تخبئه الغيوب للبلاد التونسية من احداث سياسية واجتماعية واقتصادية وخلاصتها ان التونسيين سيمرون باحداث عسيرة صعبة ضنكي غير سارة في جميع المجالات ولن تنفرج امورهم الا بعد ثلاث سنوات.. والغريب في الأمر أن مقدم ومنشط تلك السهرة اخذ يلخص ويعيد على مسامع المشاهدين ما قاله ذلك العراف دون ان نسمع احدهما اوكلاهما او غيرهما من الحاضرين يبتهلون الى لله تعالى ان يلطف بتونس وبالتونسيين في ما قد يمسهم من الاحزان المرتقبة لا قدر الله في قادم السنين.. ولكن جميع الحاضرين في تلك السهرة انخرطوا في موجة هستيرية من الغناء والرقص وتدوير الحزام وكانهم سمعوا ذلك العراف قد قال عن تونس ما يفرح وما يبعث على التفاؤل من حسن الحديث ومن طيب الكلام مما جعلني اتساءل وربما شاركني في ذلك الكثيرون هل فهم المنشط والحاضرون في تلك الليلة حقا ما قاله ذلك العراف من جمل تدفع الى الحزن والى الكآبة ؟ ام انه قد صدق فيهم ذلك المثل القديم الذي قاله السابقون(العزوزة هاززها الواد وهي تقول العام صابة)؟.. اما عن اخيكم كاتب هذه اليومية والذي يؤمن بذلك الحديث الذي يقول (كذب المنجمون ولو صدقوا) فقد انشغل بصفة خفية وعلنية بالابتهال الى الله في هذه الليلة الميلادية ان يحمي تونس وان يحفظ التونسيين من كل كرب ومن كل مكروه وان يكذب جميع العرافين وجميع الكهنة وجميع المنجمين الذين تنبؤوا لها ولهم بالنحس وبالسوء في كل ما قالوه متذكرا قول الشاعر العربي ابي تمام الذي رد على المنجمين والعرافين والكهان باروع واروع وابدع انواع الكلام منذ قرون واعوام فقال في قصيدته البائية التي يحسن ان يحفظها كل ذي عقل وكل ذي لب ممن لا يصدقون العرافين الذين كثيرا ما يقعون في الزيف والوهم والظن والكذب وخوفوا الناس من دهياء مظلمة اذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب وصيروا الأبراج العليا مرتبة ما كان منقلبا او غير منقلب يقضون بالأمر عنها وهي غافلة ما دار في فلك منها وفي قطب