منذ السطر الأول نقول للصديق العزيز شوقي العلوي بمناسبة تعيينه على رأس مؤسسة التلفزة التونسية ألف مبروك.. ونعتقد اعتقادا جازما أنه الرجل المناسب في المكان المناسب.. فهو إعلامي من الأبناء الشرعيين للإعلام وله خبرة بالميدان وتجربته طويلة ومهمة وهي التي ستساعده في أداء مهمته التي أظن أنها صعبة وتحتاج إلى الكثير من المهارة والصبر.. وطول النفس... وسعة الصدر.. أما لماذا أصف مهمته بالصعبة فذلك لأن قناتنا الوطنية تحتاج إلى إعادة نظر شاملة وكاملة ومفصّلة في جميع ما تقدمه للناس كي تستطيع أن تمحو المسافة التي أصبحت بينها وبين التونسيين.. لقد تعمقت وتوسعت وكبرت تلك المسافة.. وهذه حقيقة يجب أن نعترف بها.. وإذا لم نعترف بها فإن دار لقمان ستبقى على حالها وعندئذ فإن قرار تعيين الإعلامي القدير شوقي العلوي سيكون مجرّد قرار إداري بلا طعم ولا معنى.. إن التلفزة التونسية تحتاج إلى برمجة جديدة من شأنها أن تغري التوانسة وتشدّهم إلى قناتهم وترضيهم وتنسيهم في القنوات التي يهاجرون إليها كل يوم وكل ليلة بحثا عن كل ما لا يجدوه في قناتهم.. ولا أحب أن أدخل هنا في التفاصيل.. وأعتقد أن أهل الدار والميدان يعرفون حقيقة العلاقة التي أصبحت تربط التوانسة بقناتهم أكثر مما أعرف.. إنني أكتفي بالإشارة فقط فأقول بالفلاڤي الصريح أن تلفزتنا تحتاج إلى رؤية جديدة تضع في حسابها بأنها ليست وحدها التي تدخل بيوت التوانسة وتضع في اعتبارها المنافسة الشرسة التي تعيش في ظلّها.. ولعلّ أول خطوة يجب أن يفكر فيها الإعلامي شوقي العلوي وهو يراجع ويصحّح ويعيد النظر ويبني من جديد الجسور مع المتفرج التونسي تتمثل في إعادة أبناء الدار إلى ميدان العمل والإنتاج وتشجيعهم على استئناف رحلة الإبداع التلفزي.. إن عددا كبيرا من القادرين على تقديم ما به تقوى تلفزتنا وتستعيد بريقها ابتعَدوا أو وقع إبعادهم عن التلفزة بعد أن كوّنتهم التلفزة نفسها واستثمرت فيهم.. من هؤلاء أذكر مع كل الاحترام والتقدير والمحبة البشير رجب ورؤوف كوكا وهالة الركبي والحبيب جغام ووليد التليلي وحاتم بن عمارة وآدم فتحي وعامر بوعزّة وغيرهم ممن يملكون الدواء الناجع والنافع الذي يعيد العافية والحيوية لجسم قناة 7 الذي أنهكته أشياء كثيرة أهمّها غياب الرؤية وإهمال عنصر المنافسة الشرسة.. يجب إعطاء الفرصة كاملة لهؤلاء الفرسان وتشجيعهم وتوفير الأسباب المريحة لهم وسوف يحلقون عاليا وبعيدا ويقدمون ما يعيد التوانسة إلى تلفزتهم.. وما يعيد إلى التلفزة بريقها وحضورها.. ويجب كذلك عدم الاكتفاء بهؤلاء فهناك اليوم في تونس كفاءات ومواهب شبابية (تعمل الكيف) لديها من الأفكار ما به تتجدد دماء التلفزة التونسية وما به تخطو خطوات الى الأمام في الاتجاه الصحيح.. بصراحة وفي كلمة: التلفزة التونسية بحاجة ماسّة وأكيدة إلى عملية جراحية جريئة.. وضرورية.. وعاجلة..