بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن البرامج الثقافية في التلفزة... والكاتب العرّاف!
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

الغريب انني كلما اشاهد برنامجا ثقافيا تلفزيا يصيبني الملل ويدركني الفشل، ربما لان علاقة التلفزة بالبرامج الثقافية علاقة رمزية يكتنفها الغموض كما الشعر في اغلب الاحيان فهل هذه البرامج يمكنها ان تضيف شيئا او ان تغيّر البعض من هذا المشهد الثقافي الذي يبدو جميلا في ظاهره ولكنه في الباطن يحمل سلبيات مؤسسة فكرية يمكن بطبيعة جهد المثقف الحقيقي او المثقف الحقّ ان تتطوّر نحو آت ثقافي مرئي يخرجنا من روتينية الآفاق المستحيلة ومن اوهام ابراجنا العاجية التي تعنينا ولا تهمّ واقعنا الحياتي، الفكري والاجتماعي.
الكتب تتراكم من صدى بعد آخر مثلا: صدر للكاتب فلان مجموعة رمادية او ضبابية اللون بلا صفحات عن مؤسسة تجارية للنشر وتوزيع الانواء.
وفي اغلب الحالات يكون النشر على نفقة الكاتب العرّاف الذي يجهل مستقبل واقع الكتابة ويكون هذا البعد في اقلّ من دقيقة فهل يمكن هذا ان يشدّ ويجلب المشاهد باعتباره صورة المستهلك العادي الذي يريد ان يتطوّر ذهنيا وفكريا مواجهة جريئة لسلطة التطوّر الفكري مقارنة بمجتمعات اخرى عربيا وعالميا.
المشاهد التونسي لم يعد ذلك المشاهد العابر كالسيل العادي فالمسألة تتمحور في اكتشافه ذهنيا ومحاولة احتضانه لتمرير رسالة المثقف الذي يجب ان يكون دون مراوغته او التغرير به او المسّ من تصوّره الفكري وهو امام جهاز التلفزة في حالة اكتشاف اولي لمحاور وعناصر وبالتالي مواضيع البرنامج مباشرة للفهم والتصوّر والتحليل.
هذه العناصر تمثل اجزاء العلاقة بين المستهلك وهو المشاهد العادي والمشاهد المثقف وبين البرنامج ذاته بشكليه المرئي بالطبيعة واللامرئي اي اللامحدد نظريا فالبرنامج كإدارة وتنشيط اي كعوامل ادارية وفنية وتقنية يجب ان تسلك الطريق التي يصل الى ادراك وحسّ المشاهد في اقرب مدة زمنية ممكنة وبإحكام تقني وفني جيّد ليكون المنشط او مقدّم البرنامج الثقافي صورة وذاكرة نشطة تتبنى فكرة المستهلك وتحضنه وتساهم في تنويع واثراء ذاكرته واسئلته من هنا يتحدد سرّ هذه المعادلة الصعبة.
برامج الثقافة تحتاج رجة تنويعية لتواكب التطوّر التقني والفني والفكري ايضا مقارنة ببعض البرامج التي نشاهدها يوميا في الفضائيات العربية من ملفات ادبية وبرامج تثقيفية وفكرية منها ما يهم حضارة الانسان وفكره ومنها ما يهتم ببعض القضايا الادبية او السياسية الفكرية.
فأين الملفات الادبية الفكرية؟ واين الحوارات الصادقة التي تجسّد قول الحقيقة الادبية والثقافية بلا خوف وبكل جسارة واقناع؟ اين الفكري الاجتماعي السياسي في برامجنا الثقافية؟
وأين الحقيقة في حديثنا؟
ثم لماذا لا يقع مثلا توزيع الادوار بين كل الفنانين والمبدعين بصفة خاصة فحبذا لو يقدّم فنان تشكيلي برنامجا ادبيا او رجل مسرح او سينما.. هكذا نلمّ شمل النتيجة المثلى للثقافة التقدمية والمتطوّرة التي نسعى الى الوصول اليها.
فكلما كانت تقنيات البرامج الثقافية ذات مستوى فني عال كلما اقترب الموضوع او الجسد المرئي من لوحة الفنان وقصيدة الشاعر ونصّ الناقد ومشهد السينمائي وحضور المسرحي.
انها اشياء تتصل ببعضها وتصل الى الغاية والنتيجة اي الى المشاهد المجسّد لوحة التلقي وقصيدة الإغراء. توزيع الادوار يبدأ من نقطة يمكن ان تتوسّع وتتمدد من شيء او نوع لعجز فكريّ لم يحاول البعض تجاوزه حتى تكون التلفزة وهي مرآة لأشياء هذا الوطن متنوّعة وثرية الملامح ومستقطبة جميع الكتّاب والمبدعين والفنانين باختلاف نزعاتهم وقناعاتهم السياسية والفكرية. فتونس لنا كلنا وتلفزتنا الوطنية تهمنا وتعنينا بمختلف برامجها وخاصة الثقافية منها وهو موضوع هذا الحديث او هذا النقاش في واقع ثقافي يتفاعل بجدية وابداع تجديدي ونحن نعلم شديد اليقين ان التلفزة كوسيلة اعلام مرئية تمثّل جهاز مؤسسة يمكن بكل قوة ان تسيطر على فكر الشعوب وذهن الناس بالاستفادة من اي شيء عادي يتطوّر خارج نصوص القائمات الرسمية للتواريخ القديمة والاسئلة المريرة. برامجنا الثقافية اغلبها برامج حوارية اي ان يكون الحوار بين المقدّم والضيف هو الاساس والسبب الرئيسي في هذا النشاط المرئي. الا ان طبيعة هذه البرامج لا يمكنها الخروج من روتينية الموضوع وفتور الحديث والخوف من التعمق في اشياء الاشياء..
فالكلام يتكرر كما الحديث المألوف بين الحبيب وحبيبته وهذا ما يفقده حرارة النقاش عن الواقع بلا اجتهادات إعاقية وبلا روح التجدد الفكري.
واذا تصوّرنا البرامج الثقافية من منظار تقني نلاحظ في اغلب المرات ان التقديم يكون في نفس المكان وبنفس الديكور على مدار السنة الواحدة وهذه نقطة اخرى او فرصة اخرى لرداءة اخرى ولازعاج آخر لا نحتاج اليهم ونحن في بداية قرن نريده ان يكون لنا نحن العرب كصوْت وصورة وحديث ونتيجة.
ومع كل حديث جديد..
تكون تلفزتنا من خلال برامجها الثقافية في طريق شكّ آخر واغفاءة فاشلة.
-----------------------------------------
الشاعر الجليدي العويني: مشاكل تقنية... ومادية
ان البرامج الثقافية في التلفزيون التونسي يمكن نصنفها في بابين الاول خاص بالبرامج ذات المنحى الاخباري والتي تقوم بالأساس على مواكبة الفعاليات الثقافية سواء بالاعلان عنها مسبقا او بمواكبتها ونقل لقطات منها والباب الثاني يهمّ البرامج النقدية الحوارية التي تتطرق الى موضوع او منتوج ثقافي بمساءلة ومحاورة المبدعين او النقاد...
في البرامج الثقافية الاخبارية يبدو الجهد واضحا لمحاولة ملاحقة أهم ما يجد ويبقى القصور في الاقتصار على العاصمة وبعض المدن الكبرى وعدم الوصول الى تظاهرات عديدة تشهدها مناطق داخلية وبلدات صغيرة واعتقد ان العائق لوجيستي بالاساس وبالامكان تجاوزه ولو جزئيا بتوجيه الوحدات او الفرق التلفزية الموجودة في الولايات الى الاهتمام بالشأن الثقافي واعطائه نفس الاهمية من المتابعة التي تنالها ميادين وفعاليات اخرى.
أما البرامج النقدية الحوارية فاضافة الى توقيت بثها الواجب مراجعته فان طرق تنفيذها تجعلها جافة وغير مغرية بالنسبة للمتفرج العادي ولا يتابعها الا قلة من المعنيين بمواضيعها... ولابد ان تسعى الى التخلي عن شكل المائدة المستديرة وان تبحث لنفسها عن بهارات مثل بث تسجيلات من مسرحيات او اشرطة او اعمال موسيقية او تسجيلات أجزاء من حوارات لرموز ثقافية عربية وأجنبية تكون منسجمة وموضوع الحصة أو احد محاوره مما يقرب هذه البرامج من شكل المنوعة ويلقي بعض نور مرح على ظلال جديتها المفرطة...
اقترح ذلك رغم معرفتي بضغوط العمل التلفزي وبظروفه التي تجعل اي انتاج يبث انجازا يتم على كاهل مساحة من الجهد والاعصاب، كما ان الحافز المادي مهم جدا فمتى كانت مستحقات منتج البرنامج الثقافي جزيلة وفريق العمل معه مستقرا ومتى كان للضيوف منا مبدعين ونقاد مكافآت مالية محترمة فان البرامج الثقافية بامكانها ان تكون أفضل وأشمل وأعمق وأغرى.
------------------------------------------
البرامج الثقافية في التلفزة:
مشكلة في التوقيت... والمضمون... والتصور!
إعداد: نورالدين بالطيب
* تونس الشروق:
البرامج الثقافية في التلفزة بقناتيها 7 و21 كانت دائما موضوعا للنقد سواء في مستوى توقيت بثّها أو في مضمونها او في طريقة تقديمها.
أغلب البرامج الثقافية غير الاخبارية ثقيلة تبث في توقيت متأخر وبأسلوب رتيب وبصورة ثابتة كثيرا ما تزعج المشاهد.
«الشروق» في سلسلة ملفّاتها الثقافية الاسبوعية اختارت أن تطرح سؤالا على مجموعة من المهتمين بالبرامج الثقافية سواء كمنتجين او مبدعين فالتقت كل الشهادات على أن الثقافة ليست أولوية في التلفزة وهي كثيرا ما تكون موضوعا لملء الفراغ فقط وضرورة شكلية لا بد منها.
ورجاؤنا أن يكون هذا الملف فاتحة لحوار جاد وجدّي حول البرامج الثقافية سواء من الاذاعة أو التلفزة.
------------------------------------------
شهادة: هكذا عشت إنتاج البرامج الثقافية
* سمير بن علي
لابد من الاشارة منذ البداية أن عملي بالبرامج الثقافية بالاذاعة والتلفزة يمثل تواصلا بعملي بهذا الاختصاص في الصحافة المكتوبة والذي بدأ بجريدة «الصحافة» منذ سنة 1990 ولن أضيف شيئا اذا قلت أن قدومي الى هذا العالم الابداعي الاعلامي هو نتيجة تدرج على الكتابة في الصحف والمجلات منذ أواسط الثمانينات أو المشاركة في بعض البرامج الاذاعية ثم أتيحت لي فرصة الانتاج في الاذاعة الوطنية لبرنامج في رياض البيان سنة 1992 ثم أتيح لي أن أساهم في برنامج تلفزي هو صباح الخير تونس الذي كانت تنتجه وتقدمه هالة الركبي وكنت صحبة الصديق عبد الرزاق الشابي نقدم بعض الفقرات والريبورتاجات ولقد كان يترك لي عن طيب خاطر الفقرات الثقافية والادبية والمتعلقة بالابداع ويعد هو في الغالب بقية الفقرات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها وبعدها أمكن لي إنتاج وتقديم عديد البرامج الثقافية بإذاعة الكاف تحت ادارة الصديق محمد صميدة مثل حروف نافذة ونحو القرن القادم... لتأتي المرحلة الحقيقية مع انبعاث إذاعة الشباب والتي أنتجت وأنتج معها الى اليوم ولعل أهم ما يذكر في هذه الرحلة الجميلة الخاصة برنامج كيف ترى النهاية الذي تواصل سبع سنوات وكسب مكانة خاصة لدى المستمعين من مختلف الشرائح من مبدعين كبارا وصغارا وقد استضفنا مباشرة وعبر الهاتف أسماء كبيرة كثيرة وقد تمحور البرنامج حول عرض مقطع من أقصوصة أو رواية وترك الخاتمة مفتوحة للمساهمات الهاتفية وأشركنا معنا مبيتات طلابية وساهم سعي البعض وهم يخطون الخطوات الاولى ثم صار لهم بعد ذلك شأن وأذكر أنني ذات مرة كنت أعرض أقصوصة مساهمة مشكورة لفنانة معتزلة تدعى لحفلة طلابية وقد تأثرت جدا بعد أن هاتفتني الفنانة سلمى لتصرح أن هذه الاقصوصة دغدغت فيها مشاعر خاصة كما لا أنسى أبدا أننا عرضنا ذات مرة أقصوصة عن خطأ طبي يتسبب في فقدان النظر لمريض وساهم معنا بصير تعرّض لنفس المشكلة وصرح لي أن البرنامج مثل جسر تواصل له مع عالم يحبه هو عالم الكتاب وأذكر أيضا أنني أعجبت ذات مرة بأقصوصة لكاتب نشر نصه في الحياة الثقافية ولم أكن أعرفه وقررت برمجة الحصة وقبل ساعة من إذاعتها اتصل بي ظافر ناجي ليخبرني أن الكاتب جرّاح مقيم بابس وهاتفناه وساهم معنا في الحصة وتوطدت بيننا الصداقة أقصد الكاتب المبدع الصديق نصر بالحاج الطيب وقد التقينا في العاصمة حين أصدر عمله الاول كما شرفني بعمله الثاني وهو مايزال مخطوطا حين زرت دوز في نهاية السنة الماضية وزرت المناخات التي تحدث عنها وأعتبر أن هذا البرنامج الفريد من نوعه في عالم السرد مثل لسنوات عديدة نافذة هامة للمبدعين في ذلك المجال وأذكر أيضا برنامج منارات الذي اهتم بالمناطق الاثرية واستمر أربع سنوات إضافة الى برنامجي حول الكتاب والذي استمر لسنوات أيضا بين الرفوف والاروقة وقد سعيت من خلاله الى تقديم الكتب بأسلوب خاص أما في المجال البصري فقد ساهمت مع الصديق وليد التليلي في إنتاج وتقديم بعض فقرات برنامجه المتميز المقهى الثقافي وأعددنا حصصا متميزة حول الالعاب الاولمبية من زوايا مختلفة وكذلك حول السينما التونسية والصورة... وكانت لي أيضا تجربة متميزة مع آدم فتحي الصائفة الماضية في برنامج زورق الليل ولعل من أهم تجاربي برنامج المائدة الثقافية والذي استمر حوالي ستة أشهر وحاولت أن أطبعه بطابعي الخاص فحولته الى حصة مواضيع ونجحت صحبة الفريق العامل معي في تقديم حصص استرعت انتباه المثقفين وغيرهم من أمثال حصة الزمن ونهاية التاريخ فقد جمعت بين المقاربات العلمية والمقاربات الابداعية أو حصة الزمن والموت والخوف وقد أضفنا الى مقاربات الرسامين والكتّاب مقاربات الاطباء والباحثين النفسانيين والمؤرخين أو حصة البحر أو الماء أو المرأة والابداع أو الابداع الروائي العربي وانفجار الصورة والمعلومة أو حصة التراث الغنائي بالجنوب أو حصة الشعر الشعبي أو الأنا والآخر وغيرها من الحصص التي استطعت أن أجعل الكاتب والرسام والطبيب والمؤرخ يتحاورون وكانت التجربة ممتعة وكان بالامكان أن تتطور لو استمرت... تجربتي مع الانتاج في المجال الثقافي والابداعي متواصلة تتقدم بالتراكم وأعتقد أنني أحاول تطوير آلياتي في التعامل مع هذا القطاع الذي بات من الضروري جعله أكثر قبولا واستساغة بتجويد البحث أكثر من آليات وطرق تقديمه خصوصا أمام المنافسات الشرسة والامكانات الهائلة المتاحة في الفضائيات واذا أردنا لمنتوجنا الثقافي الاستمرار والتطور فلابد أن تتوفر له إمكانات تشبه تلك التي تتاح للرياضة قد يكون هذا حلما فليكن فما معنى الحياة دون حلم.
* سمير بن علي
-----------------------------------------
في موضوع التلفزة والثقافة
* الشاعر: المولدي فروج
هل يمكننا اعتبار التلفزة مرآة البلاد التي ينعكس عليها حالها الثقافي ومستوى شعبها المعرفي وسلوكه اليومي؟
وأين تلفزتنا من موضوع تلميع صورة تونس في أنظار العالم؟... أسئلة نطرحها بسرعة كما طرح هذا الملف.
لو أقدمنا بشجاعة على اجراء استبيان وسبرنا فيه آراء التونسيين في تلفزتهم لكانت النتيجة مفزعة ومريرة ولن يسمح المجال لسرد بعض التفاصيل التي عشتها شخصيا مع هذه المؤسسة والتي انتهت بي وبكل مرارة الى أن اتخذ موقف المقاطعة. بعد ان كتبت الى السيد الرئيس المدير العام لتلفزتنا منبها اياه الى عديد المسائل منها الاخطاء الفظيعة التي ترتكبها المسلسلات في التاريخ والقانون واللغة وحدثته عن بعض الممارسات التي يلقاها المبدعون من طرف أقسام التلفزة. هؤلاء الذين يمثلون حجر الأساس في كل مشروع ثقافي.
فهل لتلفزتنا فكرة عن المشروع الثقافي لتونس؟ ان كان الجواب بنعم فماذا قدمت من برامج تهتم بالثقافة؟... تبدو البرامج التلفزية بعيدة جدا عن كل هاجس فكري ولو لا قولة المرحوم عبد العزيز العروي عن الزر المنقذ لاصابتنا منها أنواع الحساسية الفتاكة.
تقسم التلفزات عموما الى أصناف عديدة بحسب الانتماء او الخصوصية او نوعية البرامج فأين نضع تلفزتنا؟
ما يعنينا في الامر وفي هذا الملف بالذات هو دورها التثقيفي والتوعوي والترفيهي. وقد أقول صراحة انها فقيرة في كل الابواب فبرامجها الثقافية يغلب عليها الارتجال والسطحية وعدم الجدية بل ان بعض البرامج تنحني الى المقص اكثر من انحنائها الى التنوير والتثقيف وبعض البرامج تقدم أحيانا على نغمة «عندكش؟ عندي» بل هي مرتبكة دوما حتى على مستوى اختيار الضيوف الذين عادة ما يستحضرهم المنشط من أقرب مقهى في شارع الحرية ولا يكلف نفسه عناء البحث عن المبدعين من داخل الجمهورية بحيث خلنا تلفزتنا ملكا خاصا بمثقفي العاصمة وان قدر لأحدهم أن تمن عليه التلفزة بدعوة فعليه أن يعول على نفسه في كل شيء...
بإمكان المشرفين على إدارتها أن يعولوا على المبدعين والمفكرين دون إقصاء وأن يقدروا المثقف حق قدره هذا اذا اعتبرنا ان همهم هو النهوض بقطاع التلفزة وأن إيمانهم شديد في دورها التثقيفي أما والحال كما نرى فلا اعتقد انه بامكان تلفزتنا ان تحصل على مقعد قبل الأخير في قائمة القنوات الرقمية ومهما يكن من أمر فان أية كلمة تقال بحق وبصدق هي وصمة فخر على جبين تونس وان خير من ينقد البلاد أهلها فعلام التردد والتذبذب واللف حول الحرف بلا نقطة؟
اعتقد ان المسألة كبيرة والمسؤولية أكبر فبعض المشرفين على الاقسام لا ينتمون الى الثقافة وتنقصهم الدراية والخبرة كما ينقصهم المستوى التعليمي والمؤهلات فليس من السهل ان تقدم على انتاج برنامج ثقافي دون معرفة وإلمام بالموضوع المطروح ودون تدريب شاق وطويل من خلف الستار ودون حرية الاختيار والطرح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.