هذا مثل تونسي قديم اصيل معروف يقال في الاشارة الى وجوب التفكير والوصول الى معرفة وتقديرالأسباب والظروف والعلل التي تدفع الناس الى اتخاذ مواقف معينة قد تبدو عنيدة او صلبة ويكثر فيها النقاش ويزيد فيها الجدل وانني لم اجد افضل من هذه الحكمة وهذا المثل لتلخيص رايي في موضوع الساعة وهو الخلاف بين وزارة التربية وبين نقابة التعليم الثانوي الذي كثر حوله النقاش في التلفزة وفي الصحافة وفي الاذاعة، اذ لا يظن احد من العقلاء ان هذه النقابة قد اتخذت ما اتخذته ونفذت ما نفذته من قرارات انطلاقا من الفراغ ودون اسباب ومسببات اوعلل وتعليلات واني ارى من الحكمة في الحديث والتعليق عن هذا الموضوع ان يتعمق المتحدثون والمعلقون في الاسباب والحيثيات التي ادت الى هذا الخلاف بين وزارة التربية وبين نقابة التعليم خاصة اذا علمنا اننا اصبحنا نعيش بعد الثورة ظاهرة المطالبة بالحقوق العامة بصفة كاملة وشاملة وتامة.. ولا يفوتنا في هذا المقام وفي هذا السياق ان ننبه الى الظروف السيئة المؤسفة التي يعيشها رجال التعليم ولا أدل على ذلك من هذه العدد الملفت للنظر لاولائك المناضلين من رجال التعليم الذين قضوا نحبهم وهم في اقسامهم تحت راية وشعار الجد والكد والعمل النافع القويم العظيم ولقد اعترفت وزارة التربية بمشقة التعليم مقارنة ببقية المهن ولكن مع الأسف لم تترجم ذلك الى قرارات عملية تجسم هذا الاعتراف وتخفف على رجال التعليم المناضلين ما يعانونه وما يقاسونه يوميا من الارهاق ومن الأوجاع ومن الآلام ومن الصعوبات ولا شك ان وزارة التعليم تعلم قبل غيرها من الناس علم اليقين ان تلاميذ اليوم يفوقون تلاميذ الامس من جميع الجوانب وان مجابهتهم والتصدي لتعليمهم وتربيتهم اصبح يمثل اكبر المتاعب واكبر المصاعب مما يؤثر سلبا على طاقة الأساتذة والمعلمين الجسدية والعقلية ويجعلهم عرضة اكثر من غيرهم للامراض التقليدية والعصرية.. وعليه فرجاء من كل المعلقين والناظرين في هذا الخلاف بين وزارة التربية ونقابة التعليم وخاصة الجمعيات التي ارادت التدخل و الإدلاء بدلوها في هذا الموضوع ان لا تصدر احكامها مراعاة لمصالحها الشخصية الضيقة بل تكون غايتها من ذلك مراعاة مصالح جميع الاطراف بكل عقلانية وبكل واقعية وكما بدانا يوميتنا هذه بمثل وبحكمة صادقة دقيقة ثمينة فاننا ايضا سننهيها على هذا المنوال فنذكر ذلك المثل المنطقي المعقول وهو قول اجدادنا وابائنا (الي ما يدري يقول سبول) كما نزيد فنذكر مثلا أخر بيانا وتوضحا وتنبيها(ما يحس الجمرة الا الي يعفس عليها) وكم هي كثيرة والحق يقال تلك الجمرات التي سارو يسير عليها رجال التعليم منذ عهود ومنذ سنوات والتي لا يعلم بها ولا يقدرها حق قدرها الا العقلاء من ذوي العدل و الانصاف والصدق والعقل السليم والقلب الرحيم..