صمد الشعب أمام تفشي الإرهاب والفساد والمتواطئين معهما في أجهزة الدولة ومؤسساتها، وأبدى من الصبر الكثير أمام عبث السياسيين وأصحاب النفوذ غير المشروع من "أثرياء الثورة "، وغض الطرف عن أساليب المماطلة والتسويف والمغالطة التي طالته على إمتداد أكثر من سبع سنوات حتى بلغ المد أقصاه فنفد الصبر، لبضطرم الغليان مهددا بالإتيان على الأخضر واليابس. لم تعد الديمقراطية والحرية تهم الملتاعين والمحبطين واليائسين ، وهم أغلبية الشعب المنهوك وفقدوا الثقة في طبقة سياسية لا تفكر إلا في مصالحها الآنية . إنه زمن الغضب العارم الذي مازال أصحاب السلطة والنفوذ عاجزين عن تقدير مخاطره الزاحفة ، كما كان النظام السابق غافلا عن حقيقة الأوضاع المتأزمة في البلاد وما يعتمل في قلوب وعقول المواطنين من إستعداد للتمرد والإنتفاض. إن المسألة على غاية من الخطورة، ولو كلف بعض المسؤولين، وخاصة من نواب الشعب ، أنفسهم مشقة زيارة مناطق البلاد والتعرف على مشاغل الناس ومواقفهم مما يحدث من انتهاكات لأبسط حقوقهم الفردية والجماعية ل0كتشفوا بيسر حالة الغضب الشديد الملتهب كالنار في ذواتهم ، والذي ينتظر الشرارة الأولى ليعم كافة المناطق ، ولكنهم لا يفعلون وقد غرقوا في صراعاتهم ومزايداتهم ومناوراتهم ومؤامراتهم وحساباتهم الضيقة وتقديراتهم الخاطئة، ولن ينفعهم الندم بعد فوات الأوان كما لم ينفع الذين من قبلهم .