قبل ان يذهب قدور السائق الى الوزارة حكى لحرم الوزير عن كل تفاصيل ماحدث له اثناء الزيارة الفجئية التي قام بها زوجها الى اكبر مستشفى في العاصمة واقنعها بما لديه من قدرة على النفاق والتملق والتهويل ان الوزير ربما يتعرض الى مؤامرة من اطراف داخل الحكومة وخارجها لا تنظر بعين الارتياح لعلاقته الوطيدة والوثيقة مع سيادة الرئيس ...وقد يكون ما تعرض له اثناء الزيارة فصل من فصول هذه المؤامرة الخبيثة ..وقد يكون مدير المستشفى هو من قام بهذا الفصل بدافع من رئيس الوزراء الذي بدا يحس بخطورة زوجها على منصبه..وانهى قدور عرضه بان قال لها وهو يبكي بحرقة(والله للا زليخة اليوم خفت على سيدي الوزير...راهم تعبوه..ووترولو اعصابو..والمصائب انتاع الصحة حطوها قدامو..وزيد ما يحشموش جابولو ميت مفشخ ..ومدمدم..وقالولو تفرج..ايه المسكين ما تحملش وجاء مفروش..ما في عينو بلة..وجاب ربي انا كنت بحذاه باش ما نخليهش يتمرمد...اما يا يا مدام حتى انا منجمتش نشوفو في هاك المنظر قمت نصيح ..وينو الاسعاف...وينو الاسعاف...الوزير باش يموت)...ولم يتوقف قدور عن البكاء الا بعد ان اعطته للا زليخة كمشة من الدنانير وقالت له(خوذ بيهم حاجة لاولادك..وما قصرتش..راني متهنية بيك)..وقدور (ما يخبي شيء على حرم الوزير وينقل لها يوميا حركات وسكنات زوجها...يوميا يزودها بتقرير مفصل بما في ذلك مقابلاته واجتماعاته وتنقلاته الرسمية).. وما ان خرج قدور حتى طلبت مدير المستشفى وهي تقول بصوت غاضب (والله لا ما انط يرو مكبوب السعد..البهيم يلعب بالنار)... ...ع السلامة مدام ..مرحبا بيك..ان شاء الله السيد الوزير لابس...الله غالب جات في وجوهنا..بالله علاش عملتو فيه هكة...ياخي ما تعرفوش اللي هو عندو حساسية من صغرتو للدم...لا مانعرفوش يا مدام...الحكاية صدفة...وهو اللي طلب يشوف الجثث... شوفهاني نعلمك اللي انت مسؤول على اللي وقع وتحمل مسؤوليتك.. واغلقت التليفون في وجهه..ولم تعطه الفرصة ليدافع عن نفسه..وحاولت الاتصال برئيس الحكومة عدة مرات لتطلب منه اعفاء زوجها من الزيارات الفجئية التي تؤثر على صحته تاثيرا سيئا خصوصا وانه حساس جدا ولا يتحمل الاوضاع الاجتماعية الصعبة للمواطنين المزمرين..فهو منحاز للكادحين ويعمل على خدمتهم باتخاذ اكثر ما يمكن من القرارات ..ويجهد نفسه فوق طاقته في عقد الاجتماعات..وتكوين اللجان... حاولت الاتصال عدة مرات ولكن دون جدوى...فلقد اعلمتها السكرتيرة ان السيد رئيس الحكومة من اجتماع الى اجتماع ..ويتعذر عليه الرد على التليفونات...وطلب عدم تمرير اي مكالمة له باستثناء السيدة حرمه... واستشاطت للا زليخة غضبا..وقررت تصعيد الموقف..وساورتها الشكوك...واقتنعت اكثر فاكثر بكلام قدور السائق..وفهمت ان في المسالة (ان)... واشعلت سيقارة وثارت اعصابها وقررت ان تستنجد بحرم السيد الرئيس التي تربطها بها علاقة عائلية ..وبينهما اسرار قديمة منذ فترة الشباب..ويتبادلان المصالح حتى انه يشاع ان بينهما ما يشبه الحلف الخفي...اجابتها حرم الرئيس بسرعة وبعد الترحيب والسؤال عن الاحوال و(التقطيع والترييش)اعلمتها بتفاصيل ماحدث لزوجها ..وكيف ان رئيس الحكومة رفض ان يكلمها في التليفون..وعدتها صديقتها بان تحيط زوجها علما بكل التفاصيل..واما في ما يتعلق برئيس الحكومة فقد قالت لها (خليه عليا انا...توة نتصرف...انا بيدي نسالو مغيرفة..اما ما يعجبك في الزمان الا طولو) واشعلت للا زليخة سيقارة اخرى ووقفت امام مراة غرفة الصالة واخذت ترقص وتغني اغنية محمد الجموسي (ربي يعيش النساء)