هو اسمه (الحبيب) وهو اسم مألوف وهو في لقبه غرابة (جاء وحده) وهذا الحبيب جاء وحده ولد بالقيروان سنة 1901 وتوفي سنة 1967 هو اكبر من بورقيبة بعامين ولكنهما التقيا في المدرسة الصادقية فتعارفا وتصادقا واتفقا ثم اختلفا ولكنهما لم يتفارقا.. الحبيب جاء وحده وهو تلميذ في الصادقية انضم الى حزب الشيخ الثعالبي كما انضم اليه بورقيبة في طفولته وبداية شبابه وزارا معا الشيخ الثعالبي والقى امامه الحبيب جاء وحده قصيدا اخبرنا عنه بورقيبة ولكنه نسي نصه. لما اسس بورقيبة الديوان السياسي لم يؤيده الحبيب جاء وحده ولكن الصداقة بينهما تواصلت يحترم كل منهما اتجاه الاخر في السياسة. الحبيب جاء وحده درس في فرنسا الصيدلة وبورقيبة درس الحقوق. فتح الحبيب جاء وحده صيدلية في ماطر ثم انتقل بها الى بنزرت. وفي بنزرت التقى به الشيخ محمد المختار السلامي بمناسبة قيامه بإدارة المعهد الثانوي الزيتوني ببنزرت، فكانا يلتقيان في كل يوم، وتواصل التواصل بينهما بعد انتقال الشيخ الى تونس وتعمقت الصداقة اكثر مع الزمن الى اليوم الذي توفى الله فيه الحبيب جاء وحده. قدّر الشيخ محمد المختار السلامي صديقه الصيدلي الحبيب جاء وحده في سعة ثقافته وفي صدق نضاله السياسي والاجتماعي كما قدر قصائده واشعاره. يقول الشيخ محمد المختار السلامي في شعره (صاغ شعره على عمود فصيح الشعر العريق، ووقعه بمواهبه التعبيرية وببديع اقتباساته من القرآن الكريم كما صاغ القليل منه على منهج الشعر الشعبي). يقول الشيخ السلامي (قبل موته ببعض اشهر ناولني كناشة بخط يده تسجل عبثه في شعر شباب وبعض الاحداث الكبرى في حياته، واعتبرت نفسي امينا على ما ناولني. وبعد ان وقفت المخطوط سلمته لزوجته.. ومرت الايام فلحق به بعد مدة قليلة ابنه ساسي ثم توفيت زوجته ولم يبق من نسله الا ابنه الدكتور فريد وابنته جودة. ولما انقطعت عني اخبارهما عزمت على نشر ما وجدته ضمن اوراقي وفاء لصداقته. وعسى ان تحرك من يملك بعضا من شعره فيضمه الى هذا الذي انشره، كما تحرك للمختصين في ادب القرن العشرين. واستعان الشيخ محمد المختار السلامي بالشيخ محمد الحبيب السلامي على نشر الموجود من شعر الحبيب جاء وحده مجمعا اغلب المقالات التي كتبت عن الشاعر. وكان ممن كتبوا واعترفوا بثقافته وادبه وعلو اخلاقه محمد الحليوي، والصحفي القدير الهادي العبيدي، والاستاذ رشيد الذوادي. وهكذا يكون الحبيب جاء وحده بهذا الكتاب الذي ينشر عنه اليوم قد عاد الى الذاكرة الادبية والسياسية. عاد من باب الوفاء أليس الوفاء يبقى في الناس؟ اسأل واحب ان افهم.