تهيّأ لي شخصيا التعرّف على الدكتور موريس بوكاي من خلال كتابه العهد القديم والقرآن والعلم: الكتب المقدسة في ضوء المعارف العصرية La Bible, Le Coran et la science : Les écritures saintes examinées à la lumière des connaissances modernes وقد بادرت بعد قراءته بكتابة رسالة مصحوبة بنسخة من الكتاب الى الأستاذ الشاذلي القليبي وكان آنذاك وزيرا للثقافة واقترحت عليه ان يدعو الدكتور موريس بوكاي للمشاركة في الموسم الثقافي الذي كانت تنظمه اللجنة الثقافية الوطنية فاستجاب مشكورا لهذا المقترح وكان ذلك في أواخر السبعينات وزار الدكتور موريس بوكاي تونس وألقى محاضرتين كانت إحداهما في الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين وكان عميدها آنذاك فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر رحمه الله وقد جمعت الدكتور موريس بوكاي الذي كان مصحوبا بزوجته في منزل الشيخ الوالد رحمه الله بثلة من الشيوخ والأساتذة والأصدقاء والأهل في مأدبة كانت مشفوعة بحوار شيق حول مسيرة هذا الرجل وصلته التي توثقت بالقرآن الكريم وتعلمه اللغة العربية من أجل الوقوف على أسرار هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي لا يمكن ان تعبر عن إعجازه الترجمات مهما بذل فيها أصحابها من جهود وحدثنا في تلك الليلة عن البحوث التي كتبها وأودعها في الأكاديمية الطبية الفرنسية والتي يدعو فيها زملاءه الباحثين في مختلف الاختصاصات الى ان يكتشفوا هذا التطابق العجيب بين الحقائق العلمية والإشارات القرآنية مما يؤكد ان القرآن لا يمكن ان يكون الا كلام الله ويستحيل ان يكون من صياغة بشر وان الذي جاء به يستحيل ان لا يكون الا نبيا. وقلنا له في تلك الليلة : انت إذن مسلم فأجاب الإيمان: محله القلب اما عقليا فأنا مسلم. وكان الجواب ذكيا ولم يلبث بعد ذلك ان أعلن اسلامه وقد شهد على ذلك كل من الدكتور تقى الدين الهلالي من المغرب والدكتور الصبيحي من الكويت وغيرهما ممن حضروا وكان ذلك في باريس سنة 1981