نعترف بأن كتابة الافتتاحيات الرافضة والمُدينة للخطوات التطبيعية التي تقدم عليها حكومات عربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة في معظم دول الخليج العربية، لم تعد تثير قلق” واهتمام هذه الحكومات التي باتت ترى في إسرائيل حليفا وحاميا وصديقا، وفي الوقت نفسه يتحول العرب القابضين على جمر الثوابت الوطنية والأخلاقية ويرون في إسرائيل عدوا. ان تعادي هذه الدول ايران ومحور المقاومة وترحب بإلغاء الولاياتالمتحدة للاتفاق النووي مع ايران، وما يمكن ان يترتب عليه من مخاطر للمنطقة، وتصبح أمريكية اكثر من فرنسا وبريطانيا وألمانيا امر صادم، ولكن ما هو اكثر صدمة، بل واستفزازا، ان تؤيد هذه الدول العدوان الإسرائيلي على سورية الشقيقة، وأيا كانت الاعذار، وتعتبر هذا العدوان حقا مشروعا لإسرائيل في الدفاع عن نفسها مثلما فعل الشيخ خالد بن احمد آل خليفة، وزير خارجية مملكة البحرين يوم امس. الشيخ خالد اعتبر ان ايران “اخلت بالوضع القائم في المنطقة، واستباحت الدول بقواتها وصواريخها، ولذلك فأنه يحق لكل دولة في المنطقة، ومنها إسرائيل، ان تدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر”، مثلما جاء في تغريدة له على حسابه على “التويتر”. هذه التغريدة التي وصفها الوزير الإسرائيلي أيوب قرة بأنها “تشكل دعما تاريخيا لدولة إسرائيل، وتعكس الائتلاف الجديد الذي يُنسج في الشرق الأوسط، وإسرائيل جزء مهم فيه”، دفعت بافيغدور ليبرمان وزير الحرب الاسرائيلي ان يخاطب السعودية ودول الخليج بالخروج من “جحرها”، وتبدأ بالحديث علانية عن تحالفها مع إسرائيل، وقال “مثلما يوجد محور شر فقد حان الوقت لان يكون في الشرق الأوسط محور الدول المعتدلة”. ربما يفيد التذكير بأن العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الامة العربية بأسرها، واحتل فلسطين ومقدساتها، وهضبة الجولان ومزارع شبعا، وارتكب العديد من المجازر في قانا وغزة وبحر البقر المصرية والقائمة تطول، باتت غاراته على سورية التي فاقت المئة غارة في السنوات الثلاث الماضية فقط، حقا مشروعا في الدفاع عن النفس اما مقاومة الاحتلال فإرهاب مدان، ومن حكومات عربية، ومملكة البحرين بالذات؟ بالأمس أرسلت حكومتا الاماراتوالبحرين فريقي دراجات للمشاركة في مهرجان رياضي احتفالا بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين وقيام دولة إسرائيل، وقبلها استقبلت دولة قطر فريقا إسرائيليا للمشاركة في مسابقة للكرة الطائرة أقيمت على ارضها، وربما كانت دولة الكويت هي الوحيدة التي لم تنزلق الى أي خطوات تطبيعية مع دولة الاحتلال، ولا نعرف ماذا ستكون الخطوات التطبيعية القادمة، ونؤكد مقدما بأننا لن نفاجأ بها، مهما كبر حجم الخسارة التي ستلحق بهذه الامة وعقيدتها وارثها. لا نعتقد ان استجابة حكومات دول الخليج لدعوة ليبرمان بالخروج من جحرها، (لاحظوا بذاءة التعبير ودلالاته اللغوية المهينة) ستتأخر كثيرا، وتنتقل من السرية الى العلنية بوتيرة اسرع مما يتوقعها، ونتوقعها نحن أيضا. لم نتصور مطلقا ان نصل يوما الى هذا الدرك من الهوان المتمثل في التطبيع والارتماء في أحضان الإسرائيليين، وتبرئتهم من اعتداءاتهم ومجازرهم الدموية في حق أهلنا في سورية وفلسطين ولبنان، وقبلها مصر، والقادم اعظم، ولا نملك غير ان نختم بالقول “حسبنا الله ونعم الوكيل”.