لقد تعود القراء بلا شك ولا مراء على صراحة المفكرة الفة ولكن اظن انها قد تخلت عن صراحتها هذه المرة عندما حدثتنا عن ذكرياتها في رمضان لبلوغ مقصدها الخفي بدوران وزوغان ولفة وملخص هذه الذكريات انها كانت تجلس مع صديقها المفطر في رمضان وقت الصيام وهو يشرب قهوته ويدخن سيجاراته ولا شك انه كان منتشيا بمجالستها ومحادثتها وهي صائمة كما يصوم كل مسلم ولا شك ان مقصد قولها وغاية سرد ذكرياتها ليس مجرد المتعة السردية واللذة الأدبية بل هو تبليغ وتاكيد موقفها الرافض والمنتقد والناقم على قرار وزارة الداخلية التي ذكرت بوجوب غلق المقاهي في شهر رمضان في فترة صيام الصائم ولقد كنت اتمنى لو ان الفة اعلنت موقفها من هذا القرار دون تورية او لف او دوران بل وضوح وصريح الكلمات وليس بالتخفي وراء سرد ما لا ينفع وما لا يمتع السامعين من ورواية الأحداث وفضح خصوص الذكريات ولا باس في هذا الشان ان اذكرها ان كانت قد وقعت بحكم تقدم سنها باعتراف عظمة لسانها في شيء من الغفلة ومثلها من النسيان ان كل التونسيين الذين بلغوا او تجاوزوا الستين يذكرون جيدا الا ان يكونوا من الغافلين ان رمضان شهر الصيام كان محترما في هذه البلاد منذ سنين وسنين حتى من جانب المفطرين اذ كانوا لا يتجاهرون بالافطار كما يقول العامة جهار بهار وكما يريد ويسعى يدعو الى ذلك اليوم ثلة من ادعياء الثقافة والحرية المغلوطة المغشوشة في هذه البلاد وهذه الديار كما كان اصحاب المقاهي يستحون و لا يتجرؤون ولا يطالبون بفتح مقاهيهم في وقت الصيام احتراما لخصوصية شهر رمضان المعظم بين غيره من شهور سائر العام كما اننا لم نسمع انهم قد اشتكوا يوما في هذا الشهر المبارك من قلة الدخل او ضعف المصوار وانما كانوا يحمدون الله ويقولون ان مداخيلهم تتضاعف في سهرات رمضان فرواد مقاهيهم يتهافتون عليها في لياليه ويتكاثرون ويصورون منهم ما يصورون من الدنانير والملاليم... هذه هي حال المقاهي وحال البلاد التونسية ايام زمان يا اختنا الفة التي تفتخر بانها جلست وتمتعت في مقاهي المفطرين وهذه هي ايام زمان ايام البر والتقوى التي عاشتها بلدنا التونسية وهذه هي ايام احترام خصوصية شهر رمضان ولا اظن ان هؤلاء الذين يدعون ويشجعون اليوم على فتح المقاهي في وقت الصيام قد نصحوا وافادوا التونسيين وانما اظن انهم من الذين ضلوا طريق الصواب او الإصابة وانهم يصدق فيهم قول التونسيين الذين اصبحوا يعيشون اليوم باسم الحرية المغشوشة المغلوطة زمن الخيبة وزمن الحيرة وزمن الكآبة "العزوزة هاززها الواد وهي تقول العام صابة"