بت ليلة البارحة مثلما أصبحت بعد صيام ليوم طويل وذلك حزنا على وثيقة قرطاج 2 التي راحت منا بعدما ظهرت بدون رصيد ولم تفض الى جديد لانها من الاول كانت مبنية على ظهر فكرون دخل بها البحر فانفسح كل ما دون فيها وبتنا نتبادل التهم بسببه ولا ندري بما هو مقدر علينا، وبالرغم مما توصلت اليه بصياغتها لأربع وستين نقطة لتخرج بها اقتصاد تونس من الركود والجمود بعدما تعطلت حركة المرور فيها وانهار الدينارها لمستوى غير معهود، انها تعثرت في النقطة الاخيرة التي كان عليها يعول القوم لتقاسم الغنيمة وقبل ان تنضج وتطيب. لقد خابت بذلك الامال المعلقة عليها واصيب أصحابها بالذهول وتباينت ردود افعالهم بين مؤيد ومعارض وتفرقوا عن غير طائل بدون نتيجة. لم أتجرأ من الاقترب والحديث في السياسية هذه الايام والتزمت بواجب التحفظ لاعتبارات عدة ولكنني بعد اليوم قررت التخلص من ذلك لاني بت افرق بين الاستقالة والتحزب ولان تونس باتت مهددة في الصميم. لم أكن امثل في السياسة شيئا كبيرا ولكنني لم أكن مرتاحا منذ البداية لذلك التمشي الذي ذهب بالحبيب الصيد وجاء بيوسف الشاهد الذي حمل الان كل الماسي واخيرا أريد به ان يكون كبش فداء يمسح فيه الفشل الذي عم كل الميادين. كان ذلك التوجه في تقديري منذ البداية مناورة لتحييد مجلس نواب الشعب صاحب السلطة الاساسية لما لم يعد لحزب من أحزابه الرئيسية له فيه قولا، لذا اهتدى لتلك الطريفة الموازية التي تضمن له نفس النتيجة، والربح بدون خسارة. لقد جربوها سابقا وصحت وقطعوا بها الطريق على رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد الذي ذهب بهم للاخر المشوار واستقوى عليهم بالدستور ولكنه في الاخير استجاب واعد طرح الثقة في حكومته وكان يعرف النتيجة. ولكنهم هذه المرة تعثرت مساعيهم وبعدما عدوا الأصوات وأعادوا عدها في مجلس النواب مع خلفه يوسف الشاهد تبين لهم صعوبة النتيجة بعدما تخلى عنهم حليفهم الاستراتيجي. القد حاولوا هذه المرة تمطيط الحوار لتلك الوثيقة الثانية بعدما أطلقوا عليها رقما ومضمونًا جديدا وتفرعت عنها لجنة فنية اتفقت على المسار ولكنهم أبقوا مصير الشاهد للجلسة الرئيسيّة بعدما اختلوا في أمره وبات عندها مصيره معلقا الى حين. ولم تكن البلاد في وضع يسمح فيه بالانتظار وباتت كل أبواب الشر مفتوحة علينا والطبقة الساسية لا يهمها الا الوصول الى نفس النتيجة التي جربوها سابقا وأتتهم برئيس حكومة، وكانوا يظنون انه على المقاس ولكنه تنمر عليهم وبات يطمع في الرئاسة فبات خطرا عليهم وكان من الانسب قطع الطريق عليه قبل ان يشتد عوده اكثر ومؤسسات سبر الاّراء تبشِّره بالصعود، وبذلك دخلت تونس في منطقة الشد والجذب وازدادت حالة الاقتصاد تدهورا وركودا. من ذلك جاء فشل وثيقة قرطاج الثانية وقدرت ان السبب يعود لمحسن مرزوق الذي ذهب بالمفتاح وابقى لهم الصندوق فارغا يتخاصمون عليه، واعتذر للسيد مرزوق بعدما استعرت منه الفكرة بدون إذن منه وأقدر فيه روح الدعابة لانها تفرج الكروب. وفِي النهاية اقول نحن شعب لم نتعود على احترام المؤسسات الرسمية ونتعمد ان نخلق لها رديفا على أمل وجود نافذة لنا فيه تمكننا من الهروب عندما يضيق الخناق علينا.