فيلم/ النخيل الجريح/ لعبد اللطيف بن عمار..البحث عن الحقيقة في رماد الحروب عندما يلتقي الخيال بالتاريخ أو عندما يوظف التاريخ بشكل أو باخر لخدمة الفن قد تكون النتيجة عملا فنيا على خلفية تاريخية ولكن الفنان قد لا يلتزم بتفاصيل التاريخ على طريقة المؤرخ وانما يحاول أن يذهب أبعد من ذلك ليتسلل الى جوهر الاشياء ويستنتج بعض الافكار والهواجس التي تبدو في نظره أقرب الى الحقيقة وهو ما حاول أن يصل اليه المخرج عبد اللطيف بن عمار في فيلمه الجديد / النخيل الجريح/ . وتم تقديم هذا الفيلم اليوم الجمعة 2 جويلية 2010 في عرض خاص بالصحافة بالمركب السينمائي بقمرت و الذي تدور أحداثه على خلفية حرب بنزرت / جويلية 1961/ ولكنها تتفرع وتتقاطع مع أحداث أخرى يعيشها ابطال الشريط على خلفية حرب أخرى هي حرب الخليج الاولى / 1991/. هذا الفيلم الذي تم اختياره من طرف إدارة مهرجان قرطاج الدولي لسهرة الافتتاح يوم 8 جويلية 2010 يروي قصة فتاة تدعى / شامة/ تبحث عن حقيقة ما جرى لوالدها الذي استشهد في حرب بنزرت. وتكون البداية انطلاقا من اتصالها بكاتب أراد أن يروي التاريخ على طريقته وهي طريقة روائية فيها الكثير من المغالطة والتزوير فتتصدى له الفتاة/ قامت بالدور ليلى الواز/ لتكتشف بعد عناء أن أحداث بنزرت تخللتها العديد من المشاعر والاوضاع المتناقضة فيها البطولات وفيها ايضا الخيانات والاستخفاف بارواح البشر والضعفاء كما هو الشان في كل حروب البشرية . الفيلم انتاج تونسي / جزائري يحمل نظرة نقدية للحرب طبعا ويكشف عن الماسي والجروح الجسدية والنفسية التي تخلفها للانسان كما يفتح نافذة على المعطيات الجغرا سياسية بما يبرز مثلا الروابط المتينة القائمة بين الشعبين التونسي والجزائري. من الناحية التقنية والجمالية يحمل الفيلم كما هو الشان في افلام عبداللطيف بن عمار الاخرى مثل فيلم / عزيزة/ 1980 و/ نغم الناعورة/ 2001 بصمات مخرج يمتاز بحرفية عالية وقدرة فائقة على التبليغ بالصورة والعجب في ذلك فهذا الرجل المولود بتونس عام 1943 خريج المعهد العالي للدراسات السينمائية العليا بباريس وسخر حياته منذ البداية للعمل السينمائي ولكتابة السيناريو وهو من ألمع السينمائيين التونسيين والعرب المعاصرين.