مشروع قانون تحيين تركيبة المجالس الجهوية : لبنة جديدة على درب مزيد ترسيخ التعددية والمشاركة في الحياة العامة نظر مجلس الوزراء المنعقد يوم الأربعاء الفارط بإشراف الرئيس زين العابدين بن علي في مشروع قانون أساسي يتعلق بتحيين تركيبة المجالس الجهوية وفقا لنتائج الانتخابات البلدية المجراة يوم 9 ماي 2010.
ويأتي هذا المشروع تجسيما لما أذن به رئيس الدولة في خطابه بمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لإعلان الجمهورية إيمانا من سيادته بمزيد دعم التعددية التي أصبحت في تونس واقعا سياسيا راسخا بالنص والممارسة من أجل توسيع دائرة المشاركة وتعزيز حضور الأحزاب الوطنية ومكونات المجتمع المدني في الحياة العامة وإثراء المشهد التعددي بالبلاد.
وتكريسا لهذا الاختيار سيما على المستوى المحلي أذن رئيس الدولة بتقديم مشروع قانون يمكن أحزاب المعارضة بالنسبة إلى المدة النيابية الحالية من أن تكون ممثلة في المجالس الجهوية بنسبة 25 بالمائة من مجموع أعضائها عند توفر ممثلين لها بالمجالس البلدية بالجهة المعنية وذلك بالإضافة إلى ممثليها من أعضاء مجلس النواب.
ومن شأن هذا القانون أن يفتح آفاقا جديدة أمام هذه الأحزاب من خلال إتاحة الفرصة لها عبر ممثليها في هذا الهيكل وهو المجلس الجهوي لطرح أفكارها وتصوراتها بشأن العمل السياسي والإنمائي في البلاد وبالتالي المساهمة في إثراء مكاسب تونس وإنجازاتها بما يجسم التوجه الذي يحرص رئيس الدولة على تكريسه في كل مرحلة والمتمثل في تشجيع جميع القوى الحية على المشاركة في بناء تونس الغد.
وتنطبق أحكام مشروع القانون على المجالس الجهوية التي لا يتجاوز فيها عدد أعضاء مجلس النواب المنتخبين باعتماد توزيع المقاعد على المستوى الوطني 25 بالمائة من جملة أعضاء المجلس الجهوي ويقضي بإضافة أعضاء يعينون بأمر في حدود النسبة المذكورة من بين المستشارين البلديين المنتمين إلى قائمات غير محرزة على السقف الأقصى من المقاعد التي تحصلت عليها تلك القائمات في المجالس البلدية التابعة لدائرة الولاية أو دوائرها.
ويعد هذا الإجراء الرئاسي الجديد دفعا متجددا للحياة السياسية في تونس كما يمثل لبنة إضافية على درب مزيد تعزيز ما تعيشه البلاد منذ التغيير من مسار ديمقراطي تعددي حظيت فيه الأحزاب السياسية باهتمام خاص من لدن رئيس الجمهورية الذي يحرص على تشريكها في إبداء الرأي وتقديم الاقتراحات سيما بشأن القضايا الوطنية المصيرية.
كما يتنزل في إطار تكريس ما تضمنه البرنامج الرئاسي "معا لرفع التحديات" خاصة في محوره الأول "خطى جديدة على درب الديمقراطية وترسيخ حقوق الإنسان" والذي نص على مزيد دعم الإصلاحات السياسية لتعزيز ما تحقق من مكاسب وعلى مزيد توسيع مجال المشاركة في الحياة العامة أمام مختلف ألوان الطيف السياسي الوطني.
وقد أكد البند الأول من هذا المحور أن هذه الخطوات ستتجسم من خلال دعم أكبر من الدولة للأحزاب السياسية بما يرتقي بإسهاماتها في الحياة السياسية ويعزز نشاطها الميداني ودورها في تأطير المواطنين فيما نص البند الثالث منه على توسيع مجال مساهمة هذه الأحزاب في تدارس الملفات الوطنية الحيوية بما يجذر المسار الديمقراطي ويعزز الوفاق حول الخيارات الكبرى.
ويبرز هذا التمشي الإرادة الراسخة والقناعة الشخصية للرئيس زين العابدين بن علي اللذين تجليا خاصة عبر الحرص على أن تأخذ أحزاب المعارضة موقعها في المنظومة التعددية للبلاد لتامين سلامة المسار الديمقراطي وضمان تقدمه من مرحلة إلى أخرى.
وتأتي هذه المبادرة الإصلاحية كذلك لتثري الخيارات الصائبة لرئيس الدولة الرامية إلى الارتقاء المطرد بمكانة الجهة سيما من خلال دعم تركيبة المجالس الجهوية بما يجعلها الفضاء الملائم لتمثيل مختلف القطاعات والتوجهات والمقاربات ولإتاحة المشاركة الفعلية للجميع.
وجدير بالتذكير أن المجلس الجهوي يتركب من الوالي كرئيس ومن أعضاء مجلس النواب الذين انتخبوا بدائرة الولاية أو بدوائرها ورؤساء البلديات بالولاية ورؤساء المجالس القروية. ويحضر جلساته رؤساء المصالح الجهوية الراجعة بالنظر للإدارات التابعة للدولة. وتخضع هيكلة وتنظيم المجالس الجهوية إلى القانون عدد 11 لسنة 1989 المؤرخ في 4 فيفري 1989 الذي عرف المجلس الجهوي بأنه الهيكل الذي يدير شؤون الولاية وتتمثل مهامه في النظر في كل المسائل التي تتعلق بالولاية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية.