مازال الحديث عن التحويرات التي يشهدها منتخبنا الوطني لكرة القدم بعد تنصيب المدرّب الهولندي رود كرول على رأس المنتخب يشغل الكثيرين خاصة في ظلّ الأخبار القادمة إلينا من مبنى جامعة الكرة والتي تفيد بتسمية بعض الأسماء المعروفة في محيط المنتخب على غرار زياد الجزيري وخاصة شكري الواعر الذي قد يكون أهمّ العناوين القادمة في ملحمة الباراج... «التونسية» تحدّثت إلى شكري الواعر حول المنتخب وحظوظه في المحطة الختامية من تصفيات المونديال وكذلك إمكانية التحاقه بالمجموعة وعديد النقاط الأخرى التي أسالت كثيرا من الحبر في الآونة الأخيرة في هذا الحوار التالي : المنتخب يحظى بفرصة تاريخية للوصول الى المونديال بعد احتراز حفظ ماء وجه الكرة التونسية؟
أنا سعيد جدّا بهذا القرار الذي اتخدته الفيفا...فرصة تاريخية وهي هديّة من الله جاءت في الوقت المناسب لانقاذ كرة القدم التونسية من الضياع...قد يرى البعض انّ الهديّة عيب في حق المنتخب التونسي لانّنا بلغنا الباراج بضربة حظّ وليس بالعرق ولكن تلك هي أحكام الكرة وعلينا ان نتمسك بخيط الأمل وان نقاتل لآخر لحظة ونلعب حظوظنا كاملة ومن ثمّة سيكون لكلّ حادث حديث... الأكيد انك تابعت مباراة المنتخب التونسي ونظيره الكاب فاردي... هل من تعليق...؟ نعم شاهدت المباراة...كانت مهزلة بأتم معنى الكلمة , مردود هزيل وأداء محتشم والجميع يتحمّل المسؤولية في هذه الخيبة من لاعبين ومدرّب ومسؤولين... المنتخب لم يقدّم ما يشفع له باللعب من أجل المونديال لكن طالما أن الحظّ كان إلى جانبنا علينا أن نتفاءل بالغد وطالما هناك حياة يوجد أمل... مباراة الرأس الأخضر دخلت طيّ النسيان وعلينا ان نستخلص منها العبر حتى نوفق في الإصلاح وتجاوز مخلفات الخيبة... قلت انّ مسؤولية الاخفاق في مباراة الرأس الاخضر جماعية...هل أثّر المناخ المتوتّر في المشهد الرياضي على آداء اللاعبين...؟ لنتفق أوّلا على نقطة مهمّة... اللاعب هو في الأصل فنّان لا يعنيه ماذا يفعل أو يقول الوزير أو المعتمد أو رئيس الجامعة... هو لاعب محترف يؤدي وظيفته على أكمل وجه وكل ما يشغله هو التحضير الذهني والبدني والفنيّ... كلمة محترف كبيرة جدّا على اللاعب التونسي لكن يبقى في كلّ حال من الأحوال اللاعب التونسي مصنفا في خانة المحترفين وهو لا يقيّم سوى على أرضية الميدان وما شاهدناه في ملعب رادس ضدّ الرأس الأخضر لا علاقة له بالوزارة والجامعة بل بإمكانيات اللاعبين وحقيقة مستواهم ووكذلك باختيارات المدرّب نبيل معلول... البعض يتعلّل بالخلاف الحاصل بين الوزارة والجامعة ولكن هؤلاء يبحثون عن التنصل من المسؤولية وإخفاء الفشل... نبيل معلول أخطأ واللاعبون يتحملون القسط الأوفر من المسؤولية لأنهم لم يكونوا في المستوى يوم المباراة وكانوا أشباحا على أرضية الميدان... من المهين جدّا أن نمسح كل الأخطاء في قميص معلول لأنّه ليس المسؤول الوحيد عن الفشل... تعتبر أن اللاعبين هم السبب الرئيسي في مهزلة الرأس الأخضر...؟ لاعبو المنتخب بمثابة أبنائي وعليهم جميعا أن يتحلوا بعقلية احترافية وان يتقبلوا النقد حتى يصلحوا من أنفسهم... هم السبب المباشر في ما حصل ضدّ الرأس الأخضر لانّ تلك المباراة تلعب بالقليب والرجولية وليس بالتكتيك واختيارات المدّرب الذي أخطأ هو الآخر... في تونس «الملاعبي فيسع يكبر راسو» عندما تثني على أداء احدهم يصفّق لك الجميع ولكن عندما تنتقدهم يغضب الكل من حولك... أنا تحدّثت مرارا على اللاعب يوسف المساكني وسبق وان أثنيت على خصاله ونوهت كثيرا بإمكانياته لكن عندما انتقدت آداءه بلغني أن والده المنذر المساكني اغتاظ كثيرا... أقول ل«سي» منذر ما تفعله لن يفيد يوسف في شيء بل على العكس تماما ويوسف لم يعد ذلك الفني الموهوب بقميص الترجي... يوسف المساكني «مخو موش فوقو» وهو مشغول بأمور أخرى لذلك مردوده كان دون المأمول وكان من بين العوامل التي ساهمت في تراجع مستوى المنتخب... أنا كمتفرّج أكثر ما يهمني هو المردود وليس الأسماء وقائمة المنتخب ضمّت أسماء رنانة بأقدام مرتعشة... وماذا عن المدرّب نبيل معلول...؟ معلول أخطأ كثيرا... هو صديقي وبمثابة أخ لي...لقد أساء التصّرف في الرصيد البشري الذي يملكه وأخطأ كذلك في اختيار القائمة وفي إعداد الخطّة... مشكلة معلول أنّه ارتكب عديد الهفوات في زمن وجيز وهو أخطأ أيضا عندما كان في الترجي وخاصة في مباراة نهائي الأبطال ضدّ الأهلي المصري... نتذكّر جميعا كيف جازف بإقحام المساكني في المباراة النهائية رغم أن اللاعب غادر لتوّه المصحة بعد عملية جراحية... نتذكّر كيف أقصى اللاعب المتألق يوسف البلايلي وحاول تهميشه... في نظري نبيل معلول مدرّب كفء وسجّله يشهد على ذلك لكنه وتّر الأجواء في محيط المنتخب وارتكب هفوات بالجملة وهو يتحمّل مسؤولية الإخفاق... هناك من يرى أن نبيل معلول جنى على نفسه بسبب سياسة الإقصاء والولاء التي يعتمدها في المنتخب وكذلك في علاقته باللاعبين... حقيقة لست على بيّنة من الموضوع لأني كنت متواجدا خارج حدود أرض الوطن ولست على دراية بحقيقة العلاقة بين معلول ولاعبيه لذلك لا يمكنني الردّ على تساؤلك... تحدّث البعض عن وجود «صابوتاج» من بعض اللاعبين للاطاحة بالمدرّب نبيل معلول وهو ما ألمح اليه معلول بنفسه... صعب جدّا بل من المستحيل ان يكون هذا قد حصل فعلا... ما من لاعب يرفض اللعب في المونديال وما من مسؤول يتجرّأ ان ينزل الى هذا المستوى الاخلاقي المتدنّي... أنا أعلّق على الامر بحكم معرفتي بطبيعة الامور لكني حقيقة بعيد عن أجواء المنتخب ولا أملك معطيات ضافية عن هذا الموضوع الخطير... الشارع الرياضي في تونس يطالب بالقيام بتحويرات كبيرة في المنتخب منها تطهير قائمة اللاعبين من الأسماء المفلسة كرويا... ماهو تعليقك...؟ هذا صحيح... هناك أسماء لم يعد لها مكان في المنتخب وقد أثبتت التجارب إفلاسها كرويا... في مباراة الرأس الأخضر هناك سبعة لاعبين في التشكيلة الأساسية مكانهم الأصلي في المدارج... الغربلة يجب أن تبدأ من الميدان وباستثناء ثلاثة أو أربعة لاعبين البقيّة يكفيهم ما جنوه على منتخبنا...المشكل أنّ اللاعب التونسي تغيرت عقليته ولم يعد ذلك اللاعب المقاتل الذي يلعب لأجل القميص والراية الوطنية والجيل الحالي لو يفشل لا قدّر الله في عبور محطّة الكاميرون سيغادر من الباب الصغير وسيتعاقد مع الفشل وينتهي كرويا... شكري الواعر يؤمن بحقيقة الميدان... لكن العوامل الخارجية تؤثر كذلك على مردود اللاعبين وما حصل بين الوزير طارق ذياب ونبيل معلول ورئيس الجامعة وديع الجريء أكيد انه أثّر على مردود اللاعبين... تأثيرا مباشرا لا...لكن ما يحصل حقيقة عيب وغير مقبول... أنا لا أعرف دواعي هذا الخلاف لكن أستغرب تفاقمه بهذا الشكل... «العركة» بين ثالوث الترجي الشهير خالد بن يحيى وطارق ومعلول تعود إلى 20 سنة خلت وإذا كان الخلاف بين لاعبي الترجي على الميدان مقبولا وعاديا فإنّ استمراره 20 سنة بالتمام والكمال عيب ولا يليق بأولاد الجمعية لأنّه من المفروض أن تكون القلوب «صفات» والنفوس هدأت بعد كلّ هذا الزمن... نتحدّث قليلا عن محطّة الكاميرون...الجامعة قرّرت تعيين الهولندي «رود كرول» لخلافة معلول... اختيار صائب فكرول يعرف جيّدا كرة القدم التونسية وهو على دراية بخفايا الكرة الإفريقية والاهم انه مطلع على حقيقة إمكانيات اللاعبين التونسيين... الهولندي نجح مع النادي الصفاقسي وفريقه يقدّم عروضا قوية وهو أبرز فريق على الساحة حاليا ثمّ إن الظرف يفرض على الجامعة الاستنجاد بمدرّب محلّي يعني ينشط في البطولة التونسية نظرا لضيق الوقت... مباراة الكاميرون بعد شهر ولا يمكن أن نصلح كلّ شيء في هذه المدّة الزمنية الوجيزة...أنا أؤمن بحقيقة واحدة قبل كرول والكاميرون ومستوى المنافس وهي أن هذه المباراة ملك للاعبين فقط لا غير... هي تحتاج رجالا وليس تكتيكا وخططا فنيّة... «الرجلة» هي مفتاح الفوز في مباراة الكاميرون... التحويرات في المنتخب متواصلة وهناك حديث عن إمكانية التحاق شكري الواعر...هل من تأكيد للخبر...؟ أنا أملك نصف الإجابة... بالفعل لقد اتصل بي رئيس الجامعة وديع الجريء مشكورا واقترح عليّ أن أكون إلى جانب المنتخب في هذا الظرف الحرج وأنا حقيقة لا أمانع لكني لا أعرف طبيعة مهامي والمنصب المقترح لأنيّ أرفض أن أكون مجرّد ديكور... - ستكون على الأرجح مرافقا لأكابر المنتخب... هل اللاعبون في هذا السنّ في حاجة إلى مرافق...؟ هم ليسوا في المحضنة حتى نكلّف أحدا بمراقبتهم... من يخطئ يتحمّل مسؤوليته ويعاقب واللاعب ليس أقوى من المسؤول لكن للأسف مشاكل الكرة التونسية بدأت عندما فقد المسؤول هيبته وأصبح اللاعب سيّد نفسه ولا يأبه بالتعليمات والقوانين... بالنسبة لي لم أقرّر بعد والأمر مؤجّل إلى حين الجلوس إلى وديع الجريء... سندرس الموضوع وسنرى ما الذي يستحقه المنتخب وما الذي أقدر على فعله... أنا جاهز لمدّ العون حتى من المدارج لكني ضدّ أن أكون واجهة براقة لا غير... لكن شكري الواعر مستقر حاليا في الإمارات... كيف ستوفق بين التزاماتك المهنية ومنصبك الجديد في المنتخب في صورة تمّ الاتفاق بينك وبين الجريء... مشاغلي المهنية لا تعيق تواجدي مع المنتخب خاصة وانيّ عدت للاستقرار في تونس بشكل منتظم تقريبا... أبنائي لم يتأقلموا مع نمط العيش في دبي وتمسكوا بالعودة الى تونس...ابني عزيز (ضاحكا) لم يتأٌقلم مع الرفاهية... لذلك عدنا الى تونس... وماذا عن منافسنا في الباراج... الكاميرون تعتبر الدابة السوداء للكرة التونسية... المنتخب الكاميروني يبقى دائما فريقا من الصف الاول لكنه لم يعد ذلك المنتخب القوّي على الميدان... المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة والمنافس « jouable » «نجموّ نلعبو معاه كورة» خاصة عندما يكون لاعبونا في أفضل حالاتهم...كما سبق وأشرت الترشح هذه المرّة إلى المونديال يكتسي طابعا خاصا وسلاحنا هو القليب والرجولية...وقليل من الإنصباط التكتيكي والفنيّ...وسيأتي الترشح إن شاء الله.. فقط أتمنى من العائلة الرياضية الموسعة ان تهيئ أحسن الظروف للاعبين خلال المرحلة القادمة وان تلتزم الصمت على الأقلّ في الوقت الحالي حتى تهدأ الأمور ويعود الهدوء إلى حضيرة المنتخب... الشعب التونسي في حاجة إلى فرحة في حاجة إلى «شيخة» حقيقية في ظلّ «الغمّة» التي تغطي سماءنا... تطالب بهدنة لكن ماذا عن التقييم...؟ أنا أوّل من طالب بالتقييم لكن علينا فقط الآن تجهيز المنتخب ذهنيا لمواجهة الكاميرون وتأجيل المحاسبة الى ما بعد الباراج وسنفتح ملف المحاسبة سواء ترشحنا أو انسحبنا...لا ضرر في أنّ نؤجل المحاسبة والتقييم قليلا والهدنة الضمان الوحيد لاستعادة اللاعبين لثقتهم في أنفسهم...رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي طلب مهلة ب6 أشهر ونال عامين كاملين والمجلس التأسيسي تأجلت أشغاله في أكثر من مرّة فما الضرر إذا أجلّنا محاسبة لاعبينا...نفتك بطاقة المونديال ثم نفتح ملف المحاسبة والتقييم ويكون حينها لكل حادث حديث...هناك بعض النقاط التي يجب مراجعتها وبعض القوانين التي يجب تحويرها فهل يعقل في تونس والشعب «مديون مرهون» ولاعبون من الصف الثاني يتقاضون جراية شهرية ب90 ألف دينار... هناك نقاط كثيرة تستوجب المراجعة وعلى الجامعة ان تمارس سلطتها وان تلعب دورها كما يجب...من الغرائب حقا في تونس اليوم أن نجد أجانب بالجملة في الملعب التونسي والفريق عاجز عن سداد 85 ألف دينار... قبل أن نختم حديثنا...كيف تتابع التطورات السياسية التي تشهدها البلاد في الفترة الأخيرة...؟ مرحلة صعبة تمر بها البلاد...تونس قبل الأشخاص وقبل المصالح وقبل الكراسي... للأسف الأزمة ستطول حسب وجهة نظري لانّ ساسة البلاد يتصارعون على الحكم وهذا كلّ ما يشغلهم... الثقة انعدمت والمناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي متوتّر للغاية... الحمد لله «العركة في تونس» مازالت سياسية ولم تتحوّل بعد إلى مرحلة الدموية لذلك اللاعب التونسي ليس له أيّ عذر مقارنة باللاعبين الجزائريين الذين غابوا عن الساحة في التسعينات بسبب الحرب الأهلية... ختاما إن شاء الله ربّي معانا وان شاء الله تونس تستعيد عافيتها وبسمتها وتزول هذه الغمّة وان شاء الله منتخبنا يكون بوّابة أمل نحو فرحة حقيقية وجرعة أوكسجين إضافية لهذا الشعب الذي عانى الكثير.