(تلفزيون الفجر الجديد نقلا عن بوابة الأهرام) لم يكن الزعيم الليبى الراحل معمر القذافي يدرك أنه «أول من سيأتي عليه الدور» فى مسلسل النهايات المأساوية لحياة بعض الحكام العرب. فعندما تم إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين صبيحة أول أيام عيد الأضحى سنة 2008، علق القذافي: «الدور سيأتي على الجميع».. قالها ليخيف الحكام العرب الذين كانوا مختلفين معه من مصير مشابه، لكن الدور لم يأت سوى على الرجل الذى تميز بأطقم حراسة نسائية كانت تثير الجدل والسخرية من منتقديه والتعاطف من محبيه. وتحتفظ حارسات القذافي بجعبة أسراره فنهايته المأساوية لم يكشف عن تفاصيلها حتى الآن، إلا ان الدكتورة جميلة المحمودي، حارسته الخاصة، لم تكن حارسة عادية فقد كان لا يأمن للنوم إلا في حراستها فقط، حتى في أكثر أيام ليبيا توترًا. الدكتورة جميلة خصت «بوابة الأهرام» بهذا الحوار، الذي تكشف فيه عن الكثير من الأسرار والتفاصيل الخاصة بالعقيد القذافي التي عاشها في الأيام الأخيرة التي سبقت مقتله يوم 20 أكتوبر عام 2011. تصف جميلة المحموي، الحارسة الخاصة لمعمر القذافي ، الحالة التي كان عليها العقيد الليبي في أيامه الأخيرة قائلة: «كنت أخجل أن أحكي أمامه عن شيء له علاقة بالمعركة، وكان لديه إيمان غير عادي بالنصر.. واختار أن يكون شهيدا منذ خطابه في 22 فيفري 2011، وقال: «أنا مشروع شهيد»، وتستطرد: «لم أشعر يوما أنه حزين أو منكسر، كان قويا وصبورا، ومؤمنا بالقضاء والقدر». «الله يرحمك.. أنت موجود وروحك انتصرت وأعداؤك انهزموا.. أنت الخالد وأعداؤك فى مزبلة التاريخ». هكذا تؤبن جميلة المحمودي بدموعها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في ذكرى رحيله الثانية. وتؤكد جميلة أن هناك شخصين نجيا من موكب القذافي الذي استهدفته طائرات حلف الناتو أحدهما مصري، متواجد فى مصر حاليا، والآخر في أحد سجون مصراتة، وقالت ان الشاب المتواجد في مصر روى لها ما حدث للموكب عندما قصفه الناتو، وقد رفضت جميلة ذكر اسمه وأكدت أنه لا يستطيع الظهور إعلاميا لأسباب أمنية. وتنقل جميلة عن الشاب قوله إن موكب القذافي عندما تحرك قصفه الناتو، فانقسم الموكب إلى نصفين كان معتصم نجل القذافي في الأول، ووالده في الثاني.. ثم انفجرت السيارة الموجودة خلف سيارة القذافي جراء القصف وتناثرت شظاياها على سيارة القذافي ، فنزل معمر وركض على قدميه وركب السيارة التي كان يقودها الشاب المصري فقصف الناتو نصف الموكب مرة أخرى. ويحكي الشاب الذي أصيب بإحدى الشظايا في قدمه، لحارسة القذافي، أنهم بدأوا يشعرون بالانهيار العصبي، لأنهم تعرضوا للضرب بالقنابل المثيرة للأعصاب لمدة أسبوع، وهو ما أفقدهم القدرة على التحمل. وتؤكد جميلة التي كانت قريبة من القذافي حتى بعد أن تركت العمل معه ما قاله الشاب المصري عن القنابل المثيرة للأعصاب، معلقة: «مافيش إمكانية انك تقبض على أسد دون تنويمه بالغاز المثير للأعصاب، القذافي كان صايم وقتها وماكانش خايف أبدا وقال إنه طلب الشهادة». تعود جميلة لرواية الشاب المصري : «القصف لم يكن عشوائيا لأن الناتو رصد مكان القذافي بسبب منشقين أبلغوا عنه»، وهنا تضيف جميلة معلومة جديدة تؤكد رواية الشاب المصري ، قائلة: «مقتل القذافي فيه خيانة من قبل المنشقين.. حيث كان القذافي يستخدم هاتف الثريا للاطمئنان على ذويه وكان الهاتف مراقبا.. وتعرض الزعيم للقصف بعد مكالمته لإعلامي ليبي في سوريا يدعى الدكتور حمزة التهامي ليطمئن عليه، بعد ما سمع خبر سجن ابنه وزوجته فى طرابلس». وتكمل جميلة رواية الشاب: «بعد تعرض الموكب للقصف مرة أخرى، كانت سيارات الموكب إما محترقة أو إطاراتها متآكلة بسبب الشظايا وبالتالي بدأ كل ركاب هذا الموكب فى مغادرته على أقدامهم، وفي هذه اللحظة حصل إنزال لقوات من الناتو وأمسكوا بالقذافي ووضعوه فى منزل غير مكتمل البناء لمدة 3 ساعات». وتحكي جميلة رواية أخرى مغايرة نقلا عن شاهد عيان آخر رفضت ذكر اسمه أيضا مسجون بمصراته، وكان متواجدا بالموكب، قال لها إن معمر القذافي لم يبق في هذا البيت بل أخذوه في سيارة إلى جهة غير معلومة. وتقدم جميلة الدلائل على رواية الشاب المصري ، مستشهدة بأن خبر مقتل القذافي وصل للإعلام فى الساعة 12.30 ظهرًا، وتساءلت: «كيف للناتو بترسانته الإعلامية يصورون قتل القذافي بالموبايل؟ وهنا علامة استفهام». تواصل جميلة: «القذافي اتمسك حيّا فلماذا لم يسجن؟.. والأهم أنه تم عرض فيديو على قناة الجزيرة للقذافي مرة الدم موجود على يمين رأسه ومرة أخرى على يساره، وهو ما يشكل أيضا علامات استفهام». وتضيف جميلة المحمودي: القذافي الذي أعرفه لا يخاف من الصاروخ، فأنا أعرف شجاعته وأؤكد للجميع أن من ظهر على الشاشات ليس القذافي، وبصرف النظر عن كل ما سبق فإذا كان هو القذافي فأين جثته؟ تعاني مصراتة التي تم نقل الجثة إليها مع كل القبائل الليبية بسبب مقتل معمر القذافي ، وأيضا بسبب السجون السرية التى يودعون بها أسراهم. وتضيف جميلة: «معمر القذافي كان ملاكا مقارنة بهؤلاء البشر»، فى إشارة منها إلى من تصفهم ب«المرتزقة والقاعدة» المتواجدين فى ليبيا حاليا. وبنبرة حادة تقول جميلة: «أنا أتحدى أن يخرج أي شخص ويقول إنه قتل معمر القذافي سواء شخص أو دولة، فدم معمر القذافي مشكلة كبيرة ويسبب فتنة بين القبائل.. فمؤيدو القذافي ليسوا ليبيين فقط». اختلف البعض حول الطريقة التى تم التخلص بها من جثة القذافي، فحتى الآن غير معروف مكان جثته فالبعض قال إنها ألقيت في البحر، والبعض قال إنها أحرقت وآخرون قالوا إنها صهرت فى مصنع الحديد والصلب الذى بناه القذافي ، لكن جميلة تتمسك بروايتها المختلفة «حلف الناتو قام بإنزال وقبض على الزعيم وقتلوه ثم أخفوا جثته في مكان مجهول». وتقول جميلة إن مجلس قيادة الثورة أعلن أنه يخشى دفن جثة القذافي حتى لا يتحول لمزار ويتسبب في فتنة بين الليبيين، مشيرا الى أنه طالما أن المجلس يخشى أن يتحول قبره لمزار فهذا اعتراف بأن له مؤيدين كثيرين، فلماذا ينقلب عليه شعبه إذن،.. تستنتج الحارسة الحاصلة على دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الفاتح: ما حدث في ليبيا انقلاب من قبل المجلس الوطني ومن معه وليس من الليبيين. سواء كان ما حدث فى ليبيا ثورة أم انقلاب فإن النتيجة واحدة فقد قضى الرجل الذي حكم ليبيا لمدة 42 عاما أيامه الأخيرة متنقلا بين بيوت الليبيين، لأنه كان من الصعب أمنيا أن يتواجد فى منزله أو بمعسكر العزيزية بعد أن تعرض كلاهما للقصف. القذافي تم طرده مرتين إلى مدينة مصراتة.. الأولى عندما تزعم حركة طلابية وساعد في تنظيم مظاهرات ضد تفكك الوحدة بين مصر وسوريا وطرد من المدرسة من جراء ذلك فغادرت أسرته سبها بجنوب ليبيا وانتقلت لمصراتة، والثانية عندما أطلق عليه النار فى سرت - مسقط رأسه - ونقل وهو يحتضر إلى مصراتة مرة أخرى ليغادرها لآخر مرة