بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة على رسول الله لندن في 24 أكتوبر 2013
أخاطب عائلات الشهداء، شهداء الوطن والشرف الذين قدموا أرواحهم دفاعا عن أمن تونس وشعبها، وعن حق التونسيين في حياة حرة كريمة، وأقول لهم: لكم في رقبة كل تونسي دين كبير، لا يمكن لأحد منا أن يوفيه لكم حق قدره.
وأقول لعائلات شهداء الحرس الوطني الذين لقوا ربهم يوم الأربعاء 24 أكتوبر في سيدي بوزيد، وشهداء القوى الأمنية وجيشنا الوطني من قبلهم: لقد مات أبناؤكم في ساحات الشرف، مقبلين غير مدبرين، يدافعون عن تونس وباسم الشعب التونسي كله، فهم بهذا قدوة لكل حر شريف، ومصدر فخر وإلهام واعتزاز للتونسيين اليوم، وللأجيال المقبلة.
لأن هؤلاء الأبطال من معدن الأحرار الكرام الشجعان فإن مصاب تونس بهم مصاب كبير وجليل، ولا عزاء لنا فيهم إلا أننا نعرف أنهم ينتقلون إلى رحاب رب كريم أعد للشهداء مقاما رفيعا عظيم الشأن. قال تعالى:
فيا أهلي الكرام الذين أنجبتم هؤلاء الأحرار الشجعان: صبرا جميلا. لقد استشهد أبناؤكم دفاعا عن تونس وشعبها، وهذا شعب تونس اليوم متحد بالكامل، باستثناء عصابات الشر والغدر طبعا، متحد في تعزيتكم والتضامن المطلق معكم. بل إننا نعزي أنفسنا، فهؤلاء الأسود الذين طالتهم يد الغدر والإرهاب والشر، كانوا يدافعون عن أمننا وحريتنا وكرامتنا. لذلك يجب أن نتواصى جميعا بالصبر، ونتذكر قول الله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ] صدق الله العظيم.
أعزي الشعب التونسي كله في هذا المصاب الجلل، وأدعوه للتكاتف والتضامن في هذه الأوقات العصيبة، ومواجهة الإرهاب الغادر القاتل بصف واحد متكتل كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. إن الذين يقومون بهذه الأعمال الإجرامية في حق رجال الجيش والحرس الوطني وقوى الأمن الداخلي قد سولت لهم عقولهم المنحرفة وأفكارهم السقيمة أن يعلنوا الحرب على بلادهم وشعبهم، وأن يكونوا أداة للحرب على الثورة التونسية، وعلى ما حققه الشعب التونسي بنضاله الدؤوب الطويل من نعمة الحرية والكرامة والديمقراطية. ولذلك فإن التصدي لهم هو دفاع عن حرية الشعب التونسي، وعن ثورته، وهو أيضا دفاع عن دين الإسلام الذي يرفض الغدر والشر والإرهاب، والذي قال نبيه الكريم أن من حمل علينا السلاح فليس منا، والذي هو دستور المحبة والوحدة ومكارم الأخلاق.
إن تيار المحبة، سيكون دائما، سواء كان في الحكم أو المعارضة، مدافعا صلبا لا يلين عن أمن تونس وأمن شعبها، وسيكون دائما سندا قويا لرجال ونساء الجيش والأمن والحرس الوطني، وسيكون دائما داعية للمحبة والوحدة الوطنية بين التونسيين، لأن ذلك شرط ضروري لهزيمة الأرهابيين والحفاظ على ثورتنا وحقنا في العيش بحرية وكرامة وأمان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.