انطلاقة بطيئة يشوبها حذر وتخوفات، كل طرف يترصد خطوات الطرف الآخر، تلك هي الأجواء العامة التي طغت على أشغال المجلس الوطني التأسيسي في أول جلسة عامة يعقدها بعد عودة النواب المنسحبين، لمناقشة مقترح تعديل قانون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، هذا القانون الذي سيحدد مصير خارطة طريق الرباعي الراعي للحوار الوطني بل سيحدد مصير الانتقال الديمقراطي في تونس. وقد عززت هذه التخوفات تأخر انعقاد الجلسة العامة، إذ كان من المنتظر أن تنعقد على الساعة العاشرة والنصف صباحا غير أنها أجلت إلى الساعة الرابعة بعد الزوال، نظرا إلى أن النواب لم يتوصلوا إلى توافق حول بعض مقترحات التعديل المتعلقة بقانون هيئة الانتخابات، الأمر الذي أثار ريبة النواب المنسحبين من أن تجهض «النهضة» وأنصارها خارطة طريق الرباعي الراعي للحوار الوطني. فقد أكد في هذا السياق، النائب عن حركة «نداء تونس» عبد العزيز القطي، أن رجوع النواب المنسحبين إلى المجلس كان بعزيمة واصرار والتزام وتعهد بإنجاح وتطبيق خارطة طريق الرباعي الراعي للحوار الوطني بعد انطلاقه بصفة فعلية وتعهد رئيس الحكومة بالاستقالة، مشيرا إلى أنهم أرادوا أن تتم في ظروف طيبة وتوافقية باعتبار أن المرحلة القادمة أساسها التوافق وليست مبنية على منطق الأقلية والأغلبية. وأشار في ذات السياق، إلى ان مقترح تعديل القانون المتعلق بهيئة الانتخابات تم في اطار الحوار الوطني بعد اجتماعات طويلة مع مجموعة من النواب والخبراء وانه تم ترحيلها إلى لجنة التشريع العام وتم النظر فيها، إلاّ أنه ما راع النواب المنسحبين أن الحوار تحول إلى عدم قبول من طرف حركة «النهضة» بهذه التوافقات بحسب تعبيره، مشيرا إلى أن الجلسة العامة تأخرت نظرا لأن التعديل لم تقبله حركة «النهضة» وأنصارها وهو ما اعتبره دليل على انهم غير ملتزمين بخارطة الطريق ويعملون على اجهاضها منذ اليوم الأول. التوصل إلى توافق وقد تأخر انعقاد الجلسة العامة نتيجة اجتماع رؤساء الكتل بأعضاء لجنة التشريع العام والنواب الذين قدموا مقترح التعديل، للبحث عن توافق قبل دخول الجلسة العامة، وقد أكد في هذا السياق رئيس كتلة حركة «النهضة» الصحبي عتيق، أن اجتماع رؤساء الكتل بلجنة التشريع العام توصلوا إلى فض الخلافات التي جدت بخصوص التنقيح المقحم على قانون هيئة الانتخابات. مبينا أنه تم فض الخلافات في قاعة مغلقة حتى يتسنى الدخول بأكبر قدر ممكن من التوافقات إلى الجلسة العامة. وشدّد عتيق على أن «النهضة» لا تسعى إلى التملص من التزاماتها تجاه الحوار الوطني، وعلى أنها تسعى بكل جد من أجل إنجاح المسار الانتقالي. وانطلقت الجلسة العامة... وقد انطلقت الجلسة العامة المخصصة لمناقشة مقترح تعديل قانون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أمس، بدخول النواب المنسحبين حاملين صورا للشهيد النائب محمد براهمي مع اكليل من الزهور تم وضعه أمام أنظار النواب، وطالبوا رئيسة الجلسة محرزية العبيدي بتلاوة سورة الفاتحة ترحما على روحه، وفي المقابل رفع النائب عن كتلة «النهضة» كمال بن عمارة شعار «رابعة». ونظرا إلى أن الجلسة العامة انطلقت متأخرة، طالب النائب عن كتلة حركة «النهضة» زياد العذاري الاستغناء عن النقاش العام ربحا للوقت طالما أنه وقع التوافق صلب اجتماع رؤساء الكتل بلجنة التشريع العام وعدد من النواب المنسحبين على مقترحات التعديل. غير أن رئيسة الجلسة محرزية العبيدي أصرت على تطبيق النظام الداخلي وفتح المجال للنواب للنقاش العام، ولئن اختلف النواب حول قرار المحكمة الإدارية فإنهم أجمعوا على ضرورة الاسراع في المصادقة على هذا المشروع نظرا لأهميته لا سيما أن أغلبهم عبروا على التزامهم بخارطة طريق الرباعي الراعي للحوار الوطني. وقد تواصلت الجلسة العامة إلى وقت متأخّر انتقل خلالها النواب من النقاش العام إلى مناقشة المشروع فصلا فصلا.