انطلقت عشية امس الجلسة الرسمية الاولى للحوار الوطني بعد اكتمال نصاب الاحزاب الموقعة على خارطة الطريق اثر التحاق جبهة الانقاذ التي علقت مشاركتها اول امس احتجاجا على اعتبرته سياسة مماطلة تنتهجها الحكومة,و ساد جو من الارتياح والتفاهم بعد ان ارسل رئيس الحكومة «علي العريض» وثيقة الى الرباعي الراعي للحوار تعهد فيها بتقديم استقالة حكومته وفق الاجال المنصوص عليها في الخارطة. وقد توافد صباح امس ممثلون عن عدد من الاحزاب السياسية الموقعة على خارطة الطريق على مقر وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية للمشاركة في اولى جلسات الحوار الرسمية فيما تغيب البعض الاخر على غرار حركة النهضة ومكونات جبهة الانقاذ التي ارسلت وفدا للاطلاع على فحوى وثيقة العريض التي ارسلها بصفة حصرية الى المنظمات الراعية للحوار, وبعد اخذ ورد قبل اطياف الجبهة العودة الى طاولة الحوار بعد ان استحسنت وثيقة رئيس الحكومة التي قالوا عنها انها تفي بالغرض وفيما ابدى البعض الاخر كالجبهة الشعبية توجسه من الوثيقة مطالبة الشعب باليقظة وانتظار الافعال لا الاقوال . و انطلقت الجلسة الاولى في حدود الساعة الرابعة والنصف بعد ان التحق موكب «راشد الغنوشي» رئيس حركة النهضة وعامر العريض رئيس المكتب السياسي بالحاضرين. و اكد بعض السياسيين ان الجلسة الاولى خصصت لمناقشة المسارات الثلاثة التي تضمنتها وثيقة «علي العريض» وهي المسار الانتخابي والمسار التأسيسي والمسار الحكومي, وتم تصنيفها في ثلاث ورشات : ورشة المسار الانتخابي: يتعين على «مصطفى بن جعفر» رئيس المجلس التاسيسي الدعوة الى عقد جلسة عامة لمناقشة ملف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات, والقانون الانتخابي . ورشة المسار الحكومي : وتشمل مناقشة الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة المرتقبة وملامحها . ورشة المسار التاسيسي : مهمتها مناقشة التوافقات وإزالة النقاط الخلافية في الدستور. تشنج وغضب, قابله تفاؤل وارتياح اشار عدد من السياسيين الى ان طريق الوصول الى توافقات واضحة حول المرحلة المقبلة مليء بالعقبات وصعب نتيجة وجود تصورات سياسية مختلفة قد تصل الى حد التناقض, وقد بدت ملامح الغضب والتشنج على بعض السياسيين على غرار «عامر العريض» الذي غادر قاعة الجلسة احتجاجا على تصريح «مراد العمدوني» الناطق الرسمي لحزب التيار الشعبي الذي اتهم حركة النهضة بعدم ايلاء اهمية للاحداث الارهابية التي شهدتها عديد المناطق من الجمهورية,ليعود اليها بعد تدخل كل من «مهدي بن غربية» عن التحالف الديمقراطي والمولدي الجندوبي ومحمد الفاضل محفوظ عميد المحامين لاستكمال المشاورات حول ملامحج المرحلة المقبلة وخارطة الطريق . و لم يخف زياد الاخضر الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد وجود حالة من التشنج والغضب داخل الجلسة سرعان تم تطويقه من قبل الرباعي الراعي للحوار الوطني,مرجعا ذلك الى تازم الاوضاع وانعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين مشيرا الى ان جميع الاطراف عقدت العزم على ضرورة انجاح الحوار لاخراج بلادنا من النفق المظلم الى بر الامان. من جانبه اوضح الجيلاني الهمامي المتحدث باسم حزب العمال إن الجبهة الشعبية قبلت وثيقة علي العريض وفق خارطة الطريق رغم تحفظه على مسالة ترابط المسارات التي اكد عليها رئيس الحكومة . أما «حسين العباسي» الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل فقد بعث برسالة طمأنة الى الشعب التونسي بعد ان توصل الفرقاء السياسيين الى توافقات حول عدد من الملفات,قائلا: «انا متفائل وهناك لجان ستبدا بالاشتغال حول المسارات الثلاث, اما اسماء المرشحين لرئاسة الحكومة القادمة وستناقش في اطار لجنة المسار الحكومي...». كلام السبسي لا يسهل الامور ويربك الحوار الوطني من جانبه قال «المولدي الرياحي» رئيس كتلة حزب التكتل من اجل العمل والحريات بالمجلس التاسيسي ان التصريحات الاخيرة ل «الباجي قائد السبسي» رئيس حركة نداء تونس تعيد خلط الاوراق قائلا: «كلام السبسي لا يسهل الامور ويربك الحوار الوطني...» و بسؤاله عن امكانية تاثير كلام السبسي على قرار رئيس الحكومة بارسال وثيقة الى الرباعي الراعي للحوار تتضمن استقالة صريحة قال الرياحي: «غير صحيح لان كلام العريض سبق كلام السبسي... العريض تعهد تعهدا صريحا بالاستقالة وكل الشروط مستوفاة للانطلاق مباشرة في الحوار ولا طائل من تاخيره ...». و دعا الرياحي زملاءه المنسحبين الى العودة للمجلس التاسيسي لاستئناف نشاطهم بعد طلاق دام اكثر من ثلاثة اشهر دفع ثمنه الشعب في اشارة الى رواتب النواب المنسحبين, كما طلب من مكونات جبهة الانقاذ الالتحاق مباشرة بطاولة الحوار بعد ان تهيئة الارضية المناسبة لانطلاقه,و الابتعاد عن منطق الشروط. وفي سياق آخر اوضح القيادي بحزب التكتل ان المسار الحكومي والتاسيسي متلازمان ولا يمكن فصلهما عن بعضها,قائلا: «ليس من السهل المصادقة على الدستور في غضون 4 اسابيع ...» قطار الخروج من الازمة وضع على السكة اليوم من جهته بدا الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة متفائلا لدى حلوله بمقر وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية للمشاركة في اولى الجلسات الرسمية للحوار الوطني قائلا : «قطار الخروج من الازمة وضع على السكة اليوم وسيصل الى محطته في اشهر قليلة من خلال تتويج ثورتنا بانتخابات حرة ونزيهة تنتج اول ديمقراطية في العالم العربي ان شاء الله ...». و لم يختلف كلام الغنوشي عن تصريح نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري الذي اوضح ان الازمة السياسية التي تشهدها بلادنا بدات في الانفراج بعد قرار «علي العريض» رئيس الحكومة ارسال وثيقة الى الرباعي الراعي للحوار الوطني تتضمن تعهدا صريحا بالاستقالة,مضيفا انه سيتم مناقشة اسم الشخصية التي ستترأس الحكومة المرتقبة وملامحها على امتداد اسبوع . و اكد الشابي ان النواب المنسحبين من المجلس التاسيسي سيعودون الى مقاعدهم امّا اليوم السبت أو مطلع الاسبوع القادم, مضيفا :كل حوار معرض للعراقيل ودورنا التغلب عليها,الرباعي وفق في انجاح الحوار...نريد ان نهدي تونس حكومة توافقية...». وثيقة العريض مطابقة لخارطة الطريق من جانبه اكد الطيب البكوش الامين العام لحركة نداء تونس ان الوثيقة التي ارسلها «علي العريض» رئيس الحكومة الى الرباعي الراعي للحوار الوطني مطابقة لخارطة الطريق,مضيفا ان جميع مكونات جبهة الانقاذ ستلتحق بطاولة الحوار الوطني بعد ان تواترت انباء تفيد بان الجبهة الشعبية رفضت العدول عن قرار تعليق المشاركة فيه . من ناحيته ابرز «هشام حسني» النائب المنسحب من المجلس الوطني التاسيسي ان وثيقة رئيس الحكومة تفي بالحاجة وكافية لعودة جميع الفرقاء السياسيين الى طاولة الحوار الوطني,مضيفا: «نحن ايضا مطالبون كنواب منسحبين بتقديم وثيقة نتعد فيها بالعودة الى المجلس...». كما رحب الطاهر هميلة رئيس حزب الاقلاع نحو المستقبل بالوثيقة,قائلا : «العريض اعلن انه سينسحب من السلطة...الحوار سينجح رغم التعطيل الذي رافقه...ستستقيل الحكومة وستنصب اخرى ومن يريد ان يعطل الحوار يتحمل مسؤوليته...». اليوم عودة النواب المنسحبين الى المجلس واختيار رئيس الحكومة و تعهد عدد كبير من النواب المنسحبين من المجلس التاسيسي بالعودة اليوم الى مقاعدهم بعد صدور وثيقة العريض,مؤكدين انه لم يعد هناك مبرر لبقائهم خارج اسوار المجلس. و علق عدد من السياسيين من خارج جبهة الانقاذ بأن هذه العودة اتت متاخرة,باعتبارهم فوتوا على انفسهم الرجوع الى المؤسسة الشرعية مرفوعي الراس. من جانب اخر اعلن عدد من السياسيين انه لم يقع تقديم اي مقترح بخصوص اسم رئيس الحكومة المنتظرة, مضيفين ان عملية تقديم المقترحات تنطلق اليوم . سعي لانهاء الدستور خلال 3 اسابيع اكد عامر العريض ان جل الفرقاء السياسيين اجمعوا على ضرورة انجاح الحوار الوطني,مضيفا ان حزبه طلب تشريك جميع مكونات الحقل السياسي حتى التي لم توقع على خارطة الطريق . و في سياق اخر كشف العريض عن وجود تعهد باستكمال المهام التاسيسية وانهاء الدستور المرتقب خلال 3 اسابيع وليس 4 اسابيع كما كان مبرمجا,قائلا: «نسعى لانهاء الدستور خلال 3 اسابيع...». لا نريد حوارا ملغوما و شددت الاحزاب الموقعة على خارطة الطريق على ضرورة تحقيق الحوار الوطني لنتائج ايجابية وفعالة, وفي هذا الاطار قال رافع ابن عاشور استاذ القانون الدستوري ممثل عن حركة نداء تونس : «نحن مع الحوار لكن يجب ان يكون صريحا لا ملغوما... نحن دعاة حوار لكن يجب ان يكون خاليا من الخلفيات السياسية... نتمنى انطلاق الحوار بكل جوارحنا...».