بقلم: عبد الوهاب الهاني وأخيرا... بُشرى لنا معشر التونسيين، بعد تفضل الحكومة المؤقتة بإيداع «مشروع الميزانية العامة للدولة» و«قانون المالية» لسنة 2014، وكذلك «مشروع الميزانية التكميلية» (أو بالأحرى التعديلية) لسنة 2013، هذا الخميس (21 نوفمبر 2013)، بعد أن كاد صبرنا ينفدُ... وقد هَنَّأَنَا السيد النائب المحترم منير ابْنُ هَنِيَّة، عضو «لجنة المالية والتخطيط والتنمية»، بالمجلس الوطني التأسيسي، القائم مقام البرلمان المؤقت، بأن المشاريع إياها سيتم تسجيلها بمكتب الضبط المركزي بالمجلس.. و «التسجيل الرسمي» خطوة مهمة بعد «الإيداع الرسمي» على أن يتم «النسخ الرسمي» و«التوزيع الرسمي» على أعضاء اللجنة وشقيقاتها للاطلاع وإبداء الرأي بداية من يوم غد، قبل أن تتم «الإحالة الرسمية» على السادة والسيدات النواب والنائبات في الجلسة العامة.. هذا وقد تنقَّلَ المُتَحَدِّثُ شخصيا، بصفته رئيس «حزب المجد» ومؤسس «مؤسسة المجد للدراسات الاستراتيجية»، إلى «مصنع الميزانية»، الكائن معمَلُهُ داخل «وزارة المالية»، على «ربوة القصبة»، قبالة «الوزارة الكبرى»، التي تغير اسمها إلى «الوزارة الأولى» ثم «رئاسة الحكومة»، للحصول على نسخة من المشاريع المذكورة للاطلاع والدراسة والنقد وإبداء الرأي من طرف إطارات ومناضلي «المجد» وخبراء مؤسسة المجد، إثراء للنقاش وتعميما للفائدة ومشاركة في البحث عن الحلول التي تنتظرها بلادنا.. لكن «الوزارة» وعدت بنشر تلكم المشاريع على موقعها الرسمي على الشبكة العنكبوتية حال «الاعتماد الرسمي» في طاولة مجلس الوزراء بالقصبة ثم «الإيداع الرسمي» تحت قبة المجلس بباردو.. ولكن النسخ المودعة بالموقع تعود إلى 30 أكتوبر 2013 بالنسبة ل «مشروع ميزانية الدولة 2014» وغرة نوفمبر بالنسبة ل «قانون المالية 2014»، دون أية إشارة إلى «تكميلية 2013»!!! وقد كان الوزير الفخفاخ صرح لجريدة «الحياة» اللندنية الصادرة يوم 19 نوفمبر 2013، أن «مجلس الوزراء لم يدخل أية تعديلات على القوانين التي تضمنها مشروع قانون المالية للعام 2014».!!! (فلماذا التعطيل... وما هي جدوى مجلس لا يدخل اي تعديل... في ما يعرض عليه من أمر جليل... في بلد عليل...)!!! علما أن «القانون الأساسي للميزانية»، الذي يقوم مقام الدستور الذي يخضع له «قانون المالية»، نصَّ وبصريح العبارة في العنوان الثاني (إعداد مشروع قانون المالية والنظر فيه والاقتراع عليه)، الباب الأول (إعداد مشروع قانون المالية)، الفصل 23، الفقرة 3، على تحديد آجال زمنية قصوى لا يجوز تجاوزها. حيثُ سَنَّ المُشرِّع: «يَنْظُرُ مجلس الوزراء في هذا المشروع الذي يَضْبِطُهُ رئيس الجمهورية (أي رئيس الحكومة في التنظيم المؤقت للسلط العمومية في زمن الترويكا) (..) في صيغته النهائية، ثم يُعْرَضُ على مجلس النواب ومجلس المستشارين فِي أَجَلٍ أَقْصَاهُ اليَوْمُ الخَامِسُ والعِشْرِونَ (25) مِنْ شَهْرِ أُكْتُوبَرَ مِنَ السَّنَةِ الَّتِي تَسْبِقُ سَنَةَ تَنْفِيذِ قَانُونِ المَالِيَّةِ المَعْرُوض»!!! فقد نصَّ المشرع صراحة على هذه الآجال لتخصيص أجل (66) ستة وستين يوما على الأقل لنواب الشعب، بعد استيفاء آجال «التحديد الرسمي» للنفقات من طرف الوزارات، و«الدرس والإعداد الرسمي» للموارد والنفقات من قبل وزير المالية، و«النظر الرسمي» أمام مجلس الوزراء، و«الضبط الرسمي» من لدُن رئيس السلطة التنفيذية، قبل «الاعتماد الرسمي» من قبل السلطة التشرعية.. أي أن السيد وزير المالية حافظ خزائن الدولة، وزملاءه الوزراء، ورئيسهم كبير الوزراء رئيس الحكومة، وبالتضامن معهم رئيس الجمهورية، المؤقتون كُلُّهُم، قد تعمدوا التأخير بشهر كامل.. ولم يتركوا إلا 36 يوما لنواب الشعب عوض 66 يوما كفلها «دستور الميزانية».. وأَخَلُّوا بذلك إراديا ودون أي موجب بأحكام «القانون الأساسي للميزانية».. أي أنهم قاموا بخرق فادح للقانون، وبانتهاك فاحش لنواميس ولمقومات الدولة العصرية، وباعتداء شنيع على حق نواب الشعب في استيفاء الوقت اللازم الذي حرص عليه المُشَرِّع، وباغتصاب بشع لحق الشعب في مناقشة جادة للقوانين والمشاريع التي تطبخ من وراء ظهره.. وإن دَلَّ هذا الاستهتار بأحكام القانون على شيء فإنه يدُلّ على عدم اقتدار الحكومة المؤقتة وسلطة «الترويكا» عموما على احترام المواقيت والآجال.. ولنا في المضمون رأي وشأن نبديه في الإبان احتراما للمواثيق والنواميس والعهود والآجال، خدمة للتونسييين والتونسيات في الحاضر وقادم الأجيال..