عاجل/ لا امتحانات..لا "شفاهي ولاكونترول ولا سنتاز "    الأونروا تطلق صيحة فزع حول وضعية آلاف النازحين في قطاع غزة..#خبر_عاجل    اعتماد إجراءات إستثنائية لتنظيم عمليات توزيع منتوجات التمور والتفاح والقوارص والرمان والزيتون    أجور الأطباء الشبان تتراوح بين 1500 و1900 دينار..    بولونيا تتجه لملحق لكأس العالم بعد الفوز في مالطا    طاقم تحكيم فرنسي لإدارة مباراة تونس والبرازيل الودية    هذا عدد التذاكر المخصصة لمباراة الترجي الرياضي والملعب المالي..#خبر_عاجل    تزامنا مع زيارة بن سلمان .. ترامب يلتقي كريستيانو رونالدو في البيت الأبيض    مفزع/ 1052 قتيلاً في حوادث المرور منذ بداية السنة..!    ولاية تونس تدرس إمكانية تركيز منظومة الإنذار المبكر للتوقي والاستعداد لمجابهة الكوارث الطبيعية    إستعدادا لكأس العرب: المنتخب الجزائري يتعادل مع نظيره المصري    النادي الإفريقي: إمكانية غياب الثنائي الليبي عن مواجهة الأولمبي الباجي    تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى الوصلة المؤدّية من الطريق الوطنيّة رقم 3 أ1 نحو سوسة والحمّامات بداية من الثلاثاء    الشهرية الضعيفة تقرّب للخرف: دراسة جديدة تكشف علاقة صادمة    غسل الدجاج قبل الطهي عادة خطيرة ...هاو علاش    كل ما يجب معرفته عن ''شهرية'' ال retraite للعمال في القطاع الخاص    تونس: أمطار هذا الشتاء ستتجاوز المعدلات العادية في الشمال    عاجل: أمطار غزيرة تتسبب في فيضانات بهذه الدولة بعد أشهر من الجفاف    المساكني يرجع للترجي ؟...لاعب سابق يجاوب الجمهور    فيروس من'' الخفافيش'' يظهر في إثيوبيا: يقلق الصحة العالمية ...شنوا حكايتو ؟    عاجل: هذا ما ينتظر التلميذات اللاتي تعمدن الأكل في القسم    بشرى للتوانسة: 1350 خطة انتداب جديدة للدكاترة في 2026!    مادورو مستعد للتحدث وجها لوجه وترامب لا يستبعد "عملا عسكريا"    لبنان: إصابة عشرات التلاميذ جراء اصطدام "فان" بحافلة طلاب    بعد'تحدّي المبيت': تلميذات يتناولن 'مقرونة وقلوب' داخل القسم..    محرز الغنوشي يُبشّر: ''امطار متفرقة ومحلية تتواصل اليوم بفاعلية اكبر بهذه المناطق''    فتح بحث تحقيقي بعد العثور على محامية متوفاة منذ 3 أيام في أكودة    ما تفلتهاش: تونس × البرازيل الليلة... والنقل عبر هذه القنوات    صاعقة تحرق نخلة في قفصة وسط أمطار ورعد قوي    زوجة ترودو السابقة تخرج عن صمتها بشأن علاقته بكاتي بيري    ميزانية النقل لسنة 2026: برمجة اقتناء طائرات وحافلات وعربات مترو ودعم الموارد البشرية    واشنطن: رفض حماس لقرار الأمم المتحدة دليل على تقدمنا بالمسار الصحيح    وزارة الصحة:نحو شراكة مع" أوريدو" لدعم الرقمنة والذكاء الاصطناعي في المستشفيات    الثلاثاء: الحرارة في انخفاض وأمطار متفرقة بهذه المناطق    الشروع في مناقشة ميزانية مهمة التعليم العالي والبحث العلمي لسنة 2026    شروع المركز الجهوي للديوان الوطني للزيت بجرجيس في قبول زيت الزيتون من الفلاحين    أشغال المدخل الجنوبي للعاصمة: تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى هذه الطريق..#خبر_عاجل    بشرى سارة بخصوص حجم انتاج زيت الزيتون لهذا العام..#خبر_عاجل    استرجاع 30 قطعة أثرية من موقع زاما بعد ترميمها بروما: عرض جديد بباردو مطلع 2026    في أول زيارة له لمصر:الفنان الأمين النهدي يحضر خصيصًا العرض الرسمي لفيلم "الجولة13"    العلم اثبت قيمتها لكن يقع تجاهلها: «تعليم الأطفال وهم يلعبون» .. بيداغوجيا مهملة في مدارسنا    المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بتوزر ...مشروع للطاقة الشمسية ومركز بحث و تكوين للطلبة    تمّ الإعلان عنها في ندوة صحفية ...إضافات في مهرجان «مجدي عبرود» للمسرح بالمكنين    الكوتش وليد زليلة يكتب: ضغط المدرسة.. ضحاياه الاولياء كما التلاميذ    في صمت .. السّيدا تتفشّى في تونس    فرنسا وألمانيا في الصدارة...تونس تشهد ارتفاعا غير مسبوق في الاستثمار!    Titre    المعهد القومي العربي للفلك يعلن عن غرة جمادى الثانية    أيام قرطاج السينيمائية: 9 أفلام تونسية ضمن المُسابقات الرسمية    الطبيب التونسي خالد ناجي رئيسًا للجمعية الإفريقية لأمراض النساء والتوليد    نشرة متابعة: انخفاض في الحرارة مع أمطار مؤقتا رعدية آخر النهار    بنغلاديش: صدور الحكم بإعدام الشيخة حسينة    بنزرت: إنقاذ شابين من الغرق حاولا اجتياز الحدود البحرية خلسة    أريانة: تكريم محمد علي بالحولة    "فاشن بوليس": اطلالات مُميزة لمشاهير تونس في حفل نجوم تونس و الهام شاهين تثير الجدل!    رأي: الإبراهيمية وصلتها بالمشروع التطبيعي الصهيوني    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورتريه : "النوري بوزيد" و"حجرة المسّ"...
نشر في التونسية يوم 11 - 12 - 2013

*من موفدنا الخاص إلى دبي- مالك السعيد
للشعوب حكمتها تعبّر عنها بأمثالها الشعبية المبثوثة بين الأجيال، وباصطلاحات مخصوصة تعكس نظرتها للحياة، وكلما أراد تونسي أن يعبّر عن إعجابه بشخص ما له قدرة على تحويل التراب ذهبا يقول اختصارا" إن فلانا يملك حجرة المسّ" ولئن كنت شخصيا لا أعرف أي صنف من صنوف المسّ يقصد بنو وطني فإني أظن -وجلّ الظن فضيلة - أن النوري بوزيد يملك هذه الحجرة النادرة ، حجرة المسّ...
يصعب أن تجد موقفا محايدا من النوري بوزيد، إما أن تحبّه دفعة واحدة وإما أن تنفر منه، والنفور من النوري بوزيد متعدد الأوجه والدرجات، فقد نفر منه نظام بورقيبة فألقى به في غياهب السجن طيلة خمس سنوات(من نوفمبر 1973 إلى مارس1979) في "برج الرومي" أشهر السجون"السياسية" بتونس، وحين أفرج عنه والبلاد تحاول أن تبرأ من جراحات أحداث الخميس الأسود(26جانفي 1978) فرضت عليه الرقابة الإدارية في مسقط رأسه صفاقس عاصمة الجنوب التونسي...
فقد النوري عمله القار مساعد مخرج بالتلفزيون العمومي الوحيد في تلك الأيام، وكان عليه أن يواجه مصيره سجينا مع رفاقه في حركة العامل التونسي(تنظيم يساري محظور) الذين تقطعت بهم السبل، وسلك كلّ منهم طريقه حتى أن النوري لم يغفر إلى اليوم ما قاله زعيم حزب العمال(الشيوعي سابقا) حمة الهمامي في شأنه، وها هو عبد الرؤوف العيادي اليساري سابقا لا يرى مانعا في حضور اجتماعات أنصار الشريعة والتواصل مع أقطاب رابطة حماية الثورة...
في عزّ الأزمة، تتدخل حجرة المسّ رفيقة درب النوري بوزيد، إذ بفضل تدخل المنتج السينمائي حسن دلدول تمكن بوزيد من الانتقال إلى العاصمة ليستأنف عمله في السينما مساعدا لعبد اللطيف بن عمار في فيلم"عزيزة"، لا يكتفي النوري بوزيد في حديثنا معه بالإعتراف بالجميل لحسن دلدول فقط –وليس من عادة النوري أن يذكر الآخرين في حديثه عن نفسه- بل إنه يذكر طارق بن عمار بخير، فقد هبّ لنجدته وتدخل لفائدته لدى الجهات الأمنية ليسمحوا له بالإنتقال إلى المنستير ليعمل مساعدا في أحد أفلام "كارتاغو" في تلك الأيام كان طارق بن عمار قريبا من قصر قرطاج فزوجة المجاهد الأكبر لم تكن سوى عمته الماجدة وسيلة بن عمار ، وتدريجيا رفعت الرقابة الإدارية عن بوزيد وإستعاد حريته ...
في خريف حكم بورقيبة أخرج النوري بوزيد أول أفلامه"ريح السد" فزعزع كثيرا من المسلمات وانطلقت سهام النقد والتجريح من الداخل والخارج، ولم يشفع للرجل برمجة فيلمه في قسم "نظرة ما" بمهرجان كان وفوزه بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية ...
شكّل النوري بوزيد مع المنتج الراحل أحمد بهاء الدين عطية ثنائيا ناجحا طيلة سنوات بأعمال حققت من النجاحات ما يعسر حصره، إذ شارك فيلم صفائح من ذهب في قسم نصف شهر المخرجين بمهرجان كان 1989 و الشأن ذاته لفيلم بزناس (1992) الذي قام ببطولته عبد اللطيف كشيش المتوج مخرجا بالسعفة الذهبية لمهرجان كان 2012 وعرض فيلمه الوثائقي"حرب الخليج وبعد" في مهرجان البندقية (1991) و "بنت فاميليا" سنة (1996) في المهرجان عينه .
وعلى قدر نجاحهما اللافت، كان انفصال بوزيد عن عطية شرخا عميقا لم يقو الزمن على مداواته حتى رحيل أحمد بهاء الدين عطية عن دنيانا .
لم يتوقف النوري بوزيد عن العمل والفعل السينمائي مخرجا وكاتب سيناريو لأنجح الأفلام التونسية(صمت القصور لمفيدة التلاتلي و عصفور سطح لفريد بوغدير ...) ومدرّسا للسينما في المعاهد المتخصصة، إذ قدّم للجمهور عرايس الطين من بطولة هند صبري وبه توج بالتانيت الفضي لأيام قرطاج السينمائية (2002)
يتذكر النوري بوزيد لحظات صعوده لتسلم التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية أعرق المهرجانات العربية والإفريقية (تأسس سنة 1966) لسنة 2006 عن فيلمه المشاغب " آخر فيلم" ، شعر النوري بأن وزير الثقافة-أنذاك- كان منزعجا دون سبب ظاهر، ولم تشفع له صداقته مع مقدّم الحفل (رؤوف بن عمر؟) الذي منعه من الحديث، كان النوري يريد أن يقول " إن هذا الفيلم انتصار على الخوف" وظن كثيرون أن المخرج الستيني أعلن اعتزاله بفيلمه الأخير"آخر فيلم" وربما كان النوري نفسه يظن انه حان الوقت ليغادر الشاشة .
مرة أخرى يظهر المفعول السحري لحجرة المس، فقد توج "آخر فيلم" في مهرجان تريبكا –نيويورك (2007) وبالجائزة الكبرى لمهرجان وهران للفيلم العربي(2007) وأسندت مؤسسة إبن رشد للفكر الحر جائزتها للنوري بوزيد في العام ذاته وهو السينمائي الوحيد المتوج بهذه الجائزة .
ولأنّ حجرة المسّ ترافقه في السراء والضراء فقد وجد النوري بوزيد في المنتج عبد العزيز بن ملوكة السند ليكون أول من يقدم فيلما روائيا طويلا بعد الثورة التي يصفها زميلنا نصرالدين اللواتي" البن علي هرب" ...خرج النوري على الجمهور بفيلم"ما نموتش" ضمّنه مشاهد موته وغسله، وكأنه يعلن موت الفنان في بلده الذي يحاول لملمة جراحات سنوات من الديكتاتورية وكعادة مخرجنا مالك حجرة المسّ توج بجائزة أفضل مخرج عربي في مهرجان أبو ظبي 2012 ليثأر من دعاة تصفيته بالقول والفعل .
لا يريد النوري بوزيد أن ينسى أنه شاعر ولا يملّ من ترديد كلامه الشعري"
أنا ولدتني غناية
إذا نهار نموت ويموت الموت معايا
نلقى قبري سرايا ومرحبا يا موت
وفرقوا لحمي صدقة على عتب الجوامع
وتسمع بيه الخلق، وناقف في حلق، إلي في قدمة طامع
بجلدي المكلوب، نعدي حتى السامع
وهاهي حجرة المسّ توصل النوري بوزيد في مهرجان دبي السينمائي في عيده العاشر رئيسا للجنة تحكيم الأفلام القصيرة ، أليست دبي نفسها تجليا صريحا لحجرة المسّ الجديرة بأن تكون نظرية لعقلية النجاح ، من كان يصدّق أن هذه القطعة من الصحراء ستصبح قطعة من الجنة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.