اختارت ادارة مهرجان "ايام قرطاج السينمائية" في دورته الثانية والعشرين التي تبدأ السبت تكريم المخرج المصري يوسف شاهين والمنتج التونسي احمد بهاء الدين عطية والسينمائي السنغالي عصمان صمبان الذين غابوا عن الساحة السينمائية تاركين وراءهم مسيرة تزخر بالعطاءات. ويهدي المنظمون الدورة الحالية التي تستمر حتى الاول من تشرين الثاني/نوفمبر "لروح الثلاثي السينمائي" باعتبارهم "من ابرز رواد المهرجان" اعرق التظاهرات العربية والافريقية. وكانت الجائزة الكبرى الاولى لايام قرطاج السينمائية "التانيت الذهبي" من نصيب صمبان العام 1966 عن فيلمه "سوداء فلان" فيما حصل عليها شاهين العام 1970 عن فيلمه "الاختيار". ويعرض المهرجان في اطار تكريم شاهين فيلم "هي فوضى" في افتتاح فعالياته السبت في المسرح البلدي وسط العاصمة تونس في حضور المخرج المصري خالد يوسف الذي شارك في اخراجه. ويتناول الفيلم ظاهرة تفشي الفساد في اجهزة الدولة المصرية. وكان شاهين شارك للمرة الاولى في المهرجان العام 1994 بفيلم "المهاجر" فيما حل ضيفا على الدورة العشرين قبل اربعة اعوام لمناسبة عرض فيلمه "حدوتة مصرية" الذي تؤدي البطولة فيه الممثلة يسرا التي كرمها المهرجان آنذاك. وفي سياق متصل تعرض افلام "وداعا يا بونابرت" و"اسكندرية...نيويورك" و"المصير"التي اخرجها شاهين بين العامين 1994 و2004. وتوفي شاهين في تموز/يوليو الماضي عن 82 عاما اثر اصابته بنزف في الدماغ. وقد منحه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في تشرين الاول/اكتوبر 2001 وسام الاستحقاق الوطني للاعمال الثقافية "للجهود الفنية العالية التي اغنت السينما العربية". وترك شاهين صاحب المدرسة السينمائية الرائدة في العالم العربي اعمالا ملتزمة سياسيا واجتماعيا طوال مسيرته السينمائية الطويلة التي تجاوزت ستين عاما. ويعود اليه الفضل في اكتشاف عدد كبير من نجوم السينما كما تتلمذ على يديه العديد من المخرجين مثل يسري نصرالله. وقدم عدد كبير من نجوم السينما المصرية افضل ادائهم في افلامه على غرار يسرا والراحل احمد زكي. كما يكرم المهرجان احمد بهاء الدين عطية الذي توفي في اب/اغسطس الماضي عن 61 عاما اثر اصابته بمرض عضال. ويعرض للمناسبة وخلال الافتتاح فيلم وثائقي للمخرج التونسي فريد بوغدير يؤرخ لتجربة عطية وصمبان وشاهين. وفي البرنامج ايضا عرض لفيلم "حرب الخليج وبعد" الذي انتجه عطية العام 1991 بالتعاون مع تسعة مخرجين عرب من بينهم المصري توفيق صالح واللبناني برهان علوية والسوري اسامة محمد والفلسطيني ميشيل خليفي والتونسي نوري بوزيد. وفي الاطار نفسه يعرض فيلم "تحيا كارتاغو" وهو اول انتاج سينمائي كرتوني مشترك تونسي عربي اوروبي يروي تاريخ تأسيس قرطاج على يد عليسة العام 814 قبل الميلاد حتى سقوطها. واحمد بهاء الدين عطية الذي نذر حياته لتطوير "سينما المؤلف وسينما الشباب" يعود له الفضل في ظهور عدد كبير من المخرجين والمخرجات التونسيين والعرب. ومن الافلام التي انتجها "ريح السد" للنوري بوزيد الذي حصل على جائزة التانيت الذهبي في الدورة الحادية عشرة من ايام قرطاج السينمائية العام 1986. كما قام بانتاج "باب المقام" للسوري محمد ملص و"صمت القصور" للتونسية مفيدة التلاتلي اللذين حصلا على الجائزة الاولى للمهرجان نفسه تباعا العامين 1992 و1994. من جهة اخرى يكرم المهرجان المخرج السنغالي عصمان صمبان الذي توفي في يونيو/حزيران الماضي عن 84 عاما "اعترافا له بالجميل لما قدمه للسينما الافريقية" بحسب ما قال المنظمون. ويعد صمبان من اقدم اصدقاء "ايام قرطاج السينمائية" وسبق ان ترأس لجنة تحكيم المهرجان العامين 1968 و1992. وفي السياق نفسه يحتفي المهرجان بالسينما التركية والجزائرية والفلسطينية. ويعرض تحت عنوان "فلسطين ضد النسيان" بمناسبة مرور 60 عاما على النكبة 12 فيلما من بينها ""باحث عن فلسطين" لادوارد سعيد و"فدوى" لليانا بدر و"محمود درويش الارض الكلمة" لسيمون بيتون. ويتنافس في الدورة الثانية والعشرين 18 فيلما طويلا وخمسة افلام قصيرة من تسع دول عربية وتسع افريقية. وتم ايضا اختيار 26 فيلما وثائقيا لمسابقة تحمل عنوان "فيديو للافلام الطويلة والقصيرة".