لتونسية (مكتب الجنوب الغربي) غيّب الموت يوم 26 ديسمبر 1974 الموسيقار فريد الاطرش، و يصادف اليوم ذكرى وفاته ولن نترك هذه المناسبة تمر إلا لنذكّر عشاق الراحل أنه مازال خالدا بفنه وعطائه في وجداننا. تسعة وثلاثون سنة مرت على وفاته لكنه مازال يعيش بيننا من خلال أغانيه الخالدة وسمفونياته الرائعة وأعماله الموسيقية النادرة وأفلامه الاستعراضية، حيث تمكن من أن يستنزف دموع السيدات والمراهقات والعشاق، فإذا به يقف شامخا على قمة الاغنية العاطفية بعد أن جعل من العود آلة ناطقة. قصته مع الفن ورحلته مع الحب والغرام والمرض التحق فريد الاطرش بالعمل في فرقة بديعة مصابني وكان يعمل أيضا في محلات بلاتشي الى أن تعرف على الفنان اللبناني فريد غصن الذي شجعه ولحن له العديد من الاغاني مع شقيقته اسمهان. الصدفة وحدها هي التي جعلت فريد ينضم الى فرقة الاذاعة، فقد تصادف وجود الموسيقار مدحت عاصم الذي كان يشغل منصب المدير الفني للإذاعة المصرية واستمع الى عزف فريد بمعهد الموسيقى وطلب منه أن يأتي الى الاذاعة وبالفعل لم يضع فريد الفرصة والتحق بالعمل في الاذاعة سنة 1934، فغنى أولى أغنياته «يا ريتني طير لطير حواليك» من تأليف وألحان الفلسطيني الساخر يحيى اللبابيدي ثم «باحب من غير أمل» و«أفوت عليك بعد نصف الليل» من ألحانه، ولمع نجمه كمطرب مما جعل شركة أفلام النيل تتعاقد معه. ألحان وأنغام في عالم الأحزان كانت معظم ألحان وأغنيات فريد الأطرش مصبوغة بالحزن والشجن والألم والعذاب. ولعل هذا الحزن يرجع الى ما شهده فريد في طفولته من مآس وأحداث مثل هروبه من جبل الدروز خوفا من الاستعمار الفرنسي الذي اجتاح سوريا ,وما عاناه رفقة والدته وإخوته بعد أن ركبوا القطار من حيفا الى القاهرة وما لاقوه من شدائد مثل الاستقرار في مصر. وتواصلت معهم المعاناة في مصر مما أجبر والدته علياء المنذر الى الغناء في الملاهي لتجمع ما تدفع به الجوع عن أولادها والتغلب على ظروف العيش القاسية. لقد وضع فريد الاطرش مئات الاغنيات في الافلام ال 31 التي مثلها ووضع مثلها للعديد من المطربين والمطربات واللغز يبقى قائما متى وكيف كان يلحن فريد الاطرش أغانيه وقد أجاب عن ذلك: «ليس لغزا محيرا فأنا ألحن في القطار وأنا مسافر من القاهرة الى الاسكندرية وألحن وأنا بصحبة بعض النساء وحتى في الحمام وفي الشارع». فريد والحب والمرأة اسئلة عديدة حول علاقات فريد مع النساء فهناك من اتهمه بالفشل العاطفي وهناك من سانده في قوله ان الزواج مقبرة للحب، ففريد في قرارة نفسه لا يفكر بالارتباط لأنه يدرك ان كل من التفوا حوله طمعوا في المال او الشهرة على عكس ما يحبه فريد و هو ان الانسجام لن يكون الا بالحب. من أقوال فريد الاطرش هذه بعض الأقوال التي جاءت على لسان فريد الأطرش خلال لقاءات صحفية معه : هناك عدة ألحان ستبقى إلى الأبد والخمسة المراد مني تحديدها هي: «مجنون ليلى» لمحمد عبد الوهاب و«نهج البردة» لأم كلثوم من ألحان السنباطي، «هو صحيح الهواء غلاب» لأم كلثوم من ألحان زكريا أحمد و «رق الحبيب» من ألحان محمد القصبجي واحدى اغنياتي «الربيع» و«أول همسة» أعتقد أن الموهبة هي العامل الأول لبناء شخصية الفنان يليها الذكاء وأخيرا الاصرار هذه صدفة وانتهت ومن الصعب أن أرشح أحدا ليحتل مكان اسمهان ولا يوجد بعد من يسد هذا الفراغ.. بعدما استكمل فريد الأطرش آخر أفلامه «نغم في حياتي» يوم 14 11 1974 رحل إلى لندن للعلاج في مستشفى (بر ومنتون) و طلب من سكرتيرته دنيز جبر العودة لوطنه ليموت بين أحبائه وحوالي الساعة الرابعة بتوقيت لبنان لفظ أنفاسه الأخيرة بمستشفى الحايك يوم 26 ديسمبر 1974 ثالث أيام عيد الاضحى فتم تشييع جثمانه مرتين في لبنان ومصر فقد أوصى أن يدفن بجانب اخته اسمهان.