يتصدر إسم رينيه الطرابلسي واجهة الترشيحات ليشغل خطة وزير السياحة في الحكومة المنتظرة لمهدي جمعة، وإن صحت التوقعات فإن رينيه الطرابلسي سيكون ثاني وزير في الحكومات التونسية منذ الاستقلال. ذلك انه وعلى امتداد العقود الماضية وفي مختلف حكومات بورقيبة(137 وزيرا وكاتب دولة من 1956 إلى 1987) وبن علي وحكومات الثورة، لم تسجل سوى مشاركة تونسي واحد يهودي الديانة كوزير ويتعلق الأمر بأندري باروخ الذي عين وزيرا للأشغال العامة والإسكان في أول حكومة بعد الاستقلال (9أفريل 1956)، وإستمر باروخ وزيرا في الحكومة الثانية المشكّلة بعد إعلان الجمهورية في 25جويلية 1957 حتى خروجه منها في 30فيفري 1958 . ويفسر الباحث منير الشرفي في كتابه «وزراء بورقيبة» اختيار باروخAndré Baruch وزيرا بسببين: أولهما مشاركة بعض اليهود التونسيين في حركة التحرر الوطني سواء ضمن الحزب الحر الدستوري أو في الحزب الشيوعي أو في تنظيمات سياسية أخرى. وقد كان اندريه باروخ ناشطا بارزا مع بورقيبة. أما السبب الثاني فيتعلق بالوزن الديمغرافي والإقتصادي لليهود منتصف الخمسينات فقد كان عددهم يناهز المائة الف (لم يكن التعداد العام للتونسيين يتجاوز 3 ملايين و400الف نسمة) وكان اليهود يشكّلون مركز نفوذ اقتصادي فضلا عن مواقعهم المتنفذة صلب الإدارة التونسية فجر الإستقلال. ويضيف منير الشرفي سببا ثالثا يصفه بالسياسي جوهره رسالة إيجابية من حكام تونس الجدد الذين حاربوا من اجل التحرّر والديمقراطية بأنهم حماة للتنوع الديني في بلدهم . ويروى ان بورقيبة إستغل وجود اندريه باروخ على رأس وزارة الأشغال العامة ليزيل مقبرة اليهود التي كانت بمنطقة الباساج –حاليا- حتى يتمكن من إعادة تخطيط مدينة تونس، ولو لم يكن المشرف على عملية الإزالة يهوديا لإستحال ذلك في تلك الظروف. ومنذ مغادرة باروخ الحكومة في نهاية فيفري 1958 غاب اليهود عن كل تشكيلات الحكومة التونسية بإختلاف العهود. وجدير بالذكر ان ألبرت بسيس (6جانفي 1885-25سبتمبر 1972) كان عميدا للمحامين التونسيين (1952) وقد تم إنتخابه عضوا بالمجلس الكبير سنة 1945 ودعي إلى عضوية لجنة الأربعين في اوت 1952 التي شكلها الباي لمناقشة الإصلاحات التي عرضتها الحكومة الفرنسية. وكان ألبرت بسيس أحد أربعة مقررين لهذه اللجنة ، وفي 18 سبتمبر 1955 عين وزيرا للإسكان والتجهيز في الحكومة الثانية للطاهر بن عمار إلى غاية 5 أفريل 1956 وانتخب «العميد» البرت بسيس عضوا بالمجلس القومي التأسيسي وظل عضوا بالبرلمان التونسي إلى غاية 1969 ولم يجدد ترشحه بطلب منه وتوفي «بسيس» الذي عرف بمواقفه القوية ضد ألمانيا النازية في 25 سبتمبر 1972 بمدينة تونس. ومن المرجح أن تكون تونس الدولة العربية الوحيدة التي تقلد يهودها مناصب وزارية في العصر الحديث فحتى المملكة المغربية التي تقطنها جالية يهودية كبيرة فإن أرفع منصب بلغه يهودي هو مستشار الملك ويتعلق بأندري أزولاي الذي كان مستشارا للملك الراحل الحسن الثاني ومازال مستشارا لدى المخزن في عهد محمد السادس. وفي البحرين عيّن ملك البلاد يهودية من اصل عراقي سفيرة لبلاده لدى الولاياتالمتحدة سنة 2008 . وعلى الرغم من تراجع عدد اليهود في تونس (لا يتجاوز عددهم الآن 1500) فإنهم يعيشون في سلام في مجتمع تونسي لا يعرف عنه تعصب أو تشدد رغم بعض الدعوات التي طفت على السطح بعد 14 جانفي 2011 إذ لا تغيب «تعليلة» راوول جورنو عن الأفراح التونسية فضلا عن شعبية مطربين يهود مثل الشيخ العفريت وحبيبة مسيكة التي كانت موضوع فيلم روائي طويل أخرجته النائبة بالمجلس الوطني التأسيسي سلمى بكار(حزب المسار). وتعود أصول اليهود التونسيين إلى القرن العاشر قبل الميلاد، حيث تشير بعض الوثائق التاريخية إلى أن أعدادا كبيرة منهم بدأت في التوافد على جزيرة «جِربة» منذ سنة 500 قبل الميلاد ، ويعد كنيس «الغريبة» اليهودي ذو الألفي وخمسمائة عام أقدم كنيس يهودي في أفريقيا ومن أقدم أماكن العبادة اليهودية في العالم التي ظلت مأهولة منذ إنشائها.